بايبي (Baybi): نمط شعري عريق عند آيت مرغاد


بايبي نمط شعري رجالي عند أيت مرغاد، يُنْشد بإيقاع ملحمي حماسي مباشرة بُعيْد انتهاء النسوة من إنشاد “أباغور” ويستعددن لإيقاف العروس بجانب “بوتكفوت” الذي يتولى مهمة ترديد “الفال” على شرفها، وإذا كان الأمر يتعلق بالعريس فيقف بجانب “أنشاد” المكلف بإنشاد “الفال” على شرفه. لم تجد،  أجيال الثمانينيات من القرن الماضي وما تلاها، من بايبي إلا الاسم ونزرا قليلا من الأبيات التي ستجدونها مرفقة بهذا المقال مدونة بالأمازيغية ومترجمة إلى العربية.

قادنا بحثنا عن أصل تسمية بايبي إلى الفرضيات التالية:

ـ الفرضية الأولى: من الكلمات الغامضة التي يحبل بها التراث الأمازيغي الصنهاجي والتي يرجح أن تكون أسماء لآلهة اندثرت و احتفظت بها الذاكرة الأمازيغية كجزء من التعلق بالطوطم.

ـ الفرضية الثانية: بايبي تسمية لجد من أسلاف أيت مرغاد القدامى معروف بقيمه العالية ونبل السيرة ودماثة الأخلاق، ومن المرجح أن يكون قديسا أو وليا من أولياء الأمازيغ الصالحين وظل المرغاديون يخلدونه بدكر اسمه في شعرهم ورقصاتهم.

ـ الفرضية الثالثة: دلني الباحث في تاريخ وتراث المنطقة زايد أشنا إلى أرشيف قديم بزاوية “ألمكيس” بالجنوب الشرقي وبالضبط بين أولاد شاكر ومسكي نواحي الراشيدية الذي تناول “بايبي” و”ميدول” و”لالو” و”زوليت” حيث أورد أنهم من أبناء جالوت (أب الأمازيغ)(1)، وللإشارة فهذا الأرشيف عمل الفرنسيون على ترجمته إلى اللغة الفرنسية، و بايبي منه انحدر أيت مرغاد. بايبي هذا، استطاع أن يوحد ويقوي صفوف أهله  وقد أدى ثمن ذلك وثمن حب شعبه له بغدره وقتله  من طرف أعدائه -أمام مرأى ومسمع قبيلته- بحجرة كبيرة أصابته في الرأس مما جعله ينزف دما على شكل خطوط عمودية على جسده لبرهة من الزمن قبل أن يسقط على الأرض ويردى قتيلا وهذا ما ترك نساء أيت مرغاد، حسب تعقيط ن أيت مرغاد، ينسجن “إبزارن: ibiẓaṛn” بخطوط حمراء وسوداء وبيضاء ويلتحفن بها، فاللون الأحمر يدل على دم بايبي واللون الأسود يدل على الحزن والحداد أما اللون الأبيض فرمز للوعد بعدم نسيان بايبي. وبالتالي فأبٍزار abiẓaṛ بمثابة راية رمزية دالة على تاريخ والمآل التراجيدي المأساوي لبايبي.  أما الرجال فبدورهم يتذكرون بايبي في جو من التكريم لروحه و الإمتنان لما أسداه لهم  قبل كل رقصة أحيدوس حيث ينادون عليه مرات عديدة في بداية الإنشاد

ويرسلون صرخات الألم: “حاي”،”حاي”…يا رفاقي “حاي، حاي  !!!” (ḥay ḥay a wi ḥay ḥay !!!!) دلالة على عدم نسيان ذلك الغدر المفضي إلى الموت.

Baybi

a baybi, a baybi
kyy a mi griɣ taɣuri
a baybi, a baybi
ḥayy, ḥayy ! A wi ḥayy, ḥayy !
kyyin d amzwaru a baybi !
kyy ay mi nqqaṛ i gr i taduli
a baybi !
ad ak ɛwdɣ a baybi taguri
a baybi !
ih awi ḥay, ḥay,ḥay !

تناولناه بالترجمة إلى العربية كما يلي:

يا بايبي … يا بايبي
إياك أنادي
يا بايبي
أنت المبتدأ يا بايبي
أناديك فاحميني
يا بايبي
ها أنا أكرر لك النداء
يا بايبي
“حاي”،”حاي”…يا إخواني.

بايبي اليوم، للأسف لم يبق منه إلا الاسم والأثر، فلم تعد الفقرة المخصصة لإنشاده والرقص على إيقاعه تدرج ضمن فقرات الحفل، حيث المرور مباشرة بعد “أباغور” نحو فقرة “الفال” هو السائد. وعليه، فنحن مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مد تراثنا الثقافي بجرعات إضافية من الاهتمام  لإنعاش ما خفت من النفائس الثقافية وإحياء ما هو على وشك الموت، خاصة وأننا نعاين عودة كبيرة للتراث الشفهي عبر بوابة وسائط التكنولوجيا الحديثة.  وفي الختام آمل أن أكون قد طرقت باب البحث فقط ليأتي من بعدي من سيقوم بالبحث العميق.

توضيح:

بوتْكْفوتْ: هو كبير موفدي العريس  إلى أهل العروس ، مسؤول على ” تارٍيْتْ ” أي الموكب، له سلطة رمزية عند أهل العروس، يطلق عليه إسم الوزير، فهو موكل من طرف العريس لإحضار العروس، ويتولى الإشراف على مراسيم حناء العروس، هو الذي يسهر على ترتيبات ليلة الدخلة ليتوجها بإلقاء فضاء عنقه ورأسه في كنف أم العريس إشارة منه بأن الليلة مرت على ما يرام.

(1) Baybi, Lfall: Un legs de l’Ahidous au Sud-Est; zaid ouchna.


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments