أمازيغ المغرب يساندون تحرّر منطقة القبايل من قبضة النظام الجزائري


بدعوات لتفعيل مطلب تنامى منذ القدم، استقبل نشطاء الحركة الأمازيغية في المغرب مساندة المملكة لحق منطقة القبائل فوق التراب الجزائري في تقرير مصيرها بكثير من الارتياح، معتبرين السياق الراهن مناسبا نظير التقابل الحاد الذي يجمع السلطة الجزائرية بحركة “الماك”.

وعلى امتداد فترات تاريخية، زار نشطاء مغاربة منطقة القبايل وخلدوا ذكريات كثيرة؛ أبرزها اغتيال الفنان معتوب لونس واللقاءات مع القيادي السياسي البارز الحسين آيت محمد، لتتقوى العلاقات البينية وتزداد متانتها بالتنسيق المشترك ضمن هيئات ترافع دولية.

وتتطلع منطقة القبايل باستمرار إلى تحقيق الاستقلال عن المركز الجزائري؛ فلا الرقابة المفروضة على حركة “الماك” (حكومة المنفى بقيادة فرحات مهني)، المقيم أغلب أعضائها بالمنفى، ولا الجائحة منعت سكان من التعبير عن موقفهم بقوة.

منير كجي، الناشط المغربي الأمازيغي، أورد أن مشروع استقلال القبائل متكامل؛ فالظروف التاريخية والأرض والقيادة السياسية متوفرة، مسجلا أن المنطقة شهدت توترات حادة سنوات 63 و76 و78 و80 و88، كما قتل العسكر وسجن العديد من القبايليين.

وأضاف كجي، في أن تعداد سكان القبايل يصل 12 مليون مواطن، أغلبهم يقاطع الانتخابات الجزائرية، ويتفاعل مع حركة “الماك”، على الرغم من اشتغالها لفترة قصيرة من الزمن، وزاد: القبايل هي عماد الحراك الشعبي في كل بقاع البلاد.

واعتبر المتحدث أن فرحات مهني، رئيس حكومة المنفى، شخصية سياسية فذة ولها شعبية، ولا مجال لمقارنة قضية القبايل بـ”البوليساريو”؛ فالأولى عادلة، والثانية أنشأها القوميون العرب، وأرادوا من خلالها إنشاء كيان عربي فوق أرض أمازيغية.

وأردف كجي أن الأيام كفيلة بأن تطلعنا على الموقف المغربي أكثر، خصوصا بعد خطاب فرحات مهني، وشكره للمغرب على الموقف الأممي، وتجديده مطلب فتح سفارة لبلاده على الأراضي المغربية، خلال الأيام القليلة المقبلة.

عبد الله بوشطارت، فاعل مغربي أمازيغي، قال إن منطقة القبايل تتمتع بكل مقومات لخلق دولة مستقلة عن النظام الجزائري العسكري الشمولي، جغرافيا وتاريخيا وبشريا وسياسيا وثقافيا، معتبرا أن القبايل تطالب بالانفصال عن النظام الذي يتبنى الاشتراكية العربية والشمولية السياسية.

وأضاف بوشطارت أن هذا الموقف ليس وليد اللحظة السياسية الراهنة، وإنما هو ناتج عن سيرورة تاريخية طويلة، على الأقل منذ انفجار الصراع السياسي داخل الحركة الوطنية الجزائرية سنة 1948 والمعروف في التاريخ السياسي الجزائري المعاصر بالأزمة البربرية.

وانقسمت، منذ ذلك العهد، الجبهة الوطنية في الجزائر وبدأت تصفيات واغتيالات رموز القبايل؛ منهم من هاجر إلى الخارج، ومنهم من تم اغتياله. أهم هذه الزعامات السياسية للقبايل هو الحسين آيت حماد، الذي بقي صامدا وأسس حزبا سياسيا بعد الاستقلال على إثر خلافه الكبير مع أحمد بن بلة، يردف بوشطارت.

واعتبر المتحدث أن منطقة القبايل، ذات الخصوصيات الثقافية والسياسية الأمازيغية، لم تكن أبدا في توافق وتناغم مع نظام العسكر منذ الاستقلال؛ بل طبع علاقة الطرفين الصراع والنزاع، تمظهر بشكل مباشر أثناء مظاهرات انتفاضة تافسوت ن ايمازغن سنة 1980.

وكانت هذه اللحظة، وفق بوشطارت، بمثابة المنعطف الحاسم في تاريخ العلاقات بين النظام العسكري وأمازيغ القبايل، وشكلت مرجعا مهما للأرضية السياسية والثقافية التي يبني عليها القبايليون خطابهم السياسي والثقافي المعارض تجاه النظام.

وأردف الفاعل المغربي الأمازيغي أن القبايليين أسسوا منظومة سياسية قوية تتأسس على التاريخ والأرض والثقافة واللغة الوطنية وعلى الإنسان، وهي منظومة مختلفة عن منظومة النظام العسكري الشمولي الذي تبنى أفكارا خارجية مستوردة من الخارج؛ كالاشتراكية والعربية والحزب الواحد والسلطوية. وهذا ما جعل جل الزعماء السياسيين والمفكرين الأمازيغ في القبايل يختارون العيش في المنفى والموت في البلدان الأوروبية؛ كالمفكر محمد أركون الذي عاش في فرنسا واختار أن يدفن في المغرب، والفنان العالمي إدير الذي عاش ومات في فرنسا وغيرهم، يختم بوشطارت.