الأمازيغية والمجلس الأعلى للتربية والتكوين وسياسة الحكومة


يعرف موضوع تدريس اللغة الأمازيغية وتفعيل المقتضيات الدستورية وقانونها التنظيمي في منظومة التربية والتكوين عدة مستجدات خلال الأيام الأخيرة، مرتبطة بمهام المجلس الأعلى للتربية والتكوين وبالسياسة التدبيرية للحكومة، مما يتطلب تقديم بعض التوضيحات من أجل التقدم في هذا الورش بدل تأزيمه.

1- عن تركيبة المجلس الأعلى للتربية والتكوين وتفعيل مهامه الدستورية المرتبطة بالأمازيغية

في ما يتعلق بعلاقة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والتعليم العالي في علاقته بملف الأمازيغية، يطرح السؤال الآتي: كيف يمكن لمؤسسة دستورية من مستوى المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن تهتم بالأمازيغية واقتراح تصورات لتطوير تدريسها، وتقييم السياسات العمومية التربوية في هذا الشأن، وتفعيل مقتضياتها الدستورية والقانونية في منظومة التربية والتكوين في تغييب واضح أو استبعاد للإطارات والفاعلين والباحثين والخبراء الملمين بملفاتها والقادرين على إعمال وتنفيذ المهام الموكولة للمؤسسة، كما كان الأمر في تركيبته السابقة؟

من مهام المجلس حسب القانون المنظم له رقم 105.12، الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 16 ماي 2014:

إنجاز تقييمات شمولية أو قطاعية أو موضوعاتية للسياسات والبرامج العمومية في مجالات التربية والتكوين؛

إبداء الرأي في كل قضايا منظومة التربية والتكوين، وإبداء الرأي لفائدة الحكومة والبرلمان بشأن مشاريع ومقترحات القوانين المرتبطة بميادين التربية والتكوين؛

إعداد دراسات وأبحاث في كل ما يرتبط بالتربية والتكوين وتسيير المرافق العمومية؛

تقديم مقترحات للحكومة ومواكبتها في كل ما من شأنه تحسين جودة المنظومة والرفع من مردوديتها؛

رفع تقرير سنوي إلى الملك، ويوجه إلى رئيس الحكومة وغرفتي البرلمان، ويكون موضوع مناقشة بالبرلمان.

فالتخبط في ورش تدريس الأمازيغية وتفعيل قانونها التنظيمي بمنظومة التربية والتكوين والتعليم العالي، يتحمل فيه المجلس الأعلى للتربية والتكوين مسؤولية كبرى، ونتذكر مضامين تقريره الصادرة قبل بضع سنوات والنقاش الذي عمل من خلاله الباحثون والمناضلون والفاعلون الأمازيغ على تصحيح العديد منها لإنصاف الأمازيغية وتطوير مكتسباتها بدل الإجهاز عليها، وتفعيل وضعها الدستوري الرسمي. فهل سيستمر هذا الوضع؟

2- عن المذكرة المنظمة لمباريات توظيف أساتذة التخصص في الأمازيغية

المؤكد أن التقدم في ورش تدريس الأمازيغية وتفعيل مقتضيات القانون التنظيمي في الأجل المحددة يتطلب أن يشمل تكوين أساتذة المزدوج بالابتدائي مصوغات اللغة الأمازيغية وديداكتيكها، بدل القضاء على تخصص الأمازيغية أو إفراغه من مهامه.

في بداية إدماج الأمازيغية بمراكز التكوين سنة 2004، وعملنا خلال هذه المرحلة أستاذا مكونا بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين في مصوغات اللغة وديداكتيك الأمازيغية، حظيت اللغة بمكانة أساسية في بنية المصوغات وإعداد المدرسين تخصص المزدوج، وكان كافة الطلبة يتلقون ثلاثة مصوغات في الأمازيغية بغلاف زمني من حوالي 80 ساعة، إضافة إلى التكوين التطبيقي بالمدارس، على غرار العربية والفرنسية، وتوزيعها كالآتي: مجزوءة تعميق المعارف، يتلقى خلالها كافة الطلبة 20 ساعة، ومجزوءة اللغة، يتلقى كافة الطلبة خلالها 30 ساعة من التكوين، ومجزوءة الديداكتيك ويتلقى كافة الطلبة 30 ساعة من كفاياتها ومضامينها، ثم التكوين التطبيقي خلال فترات التداريب العملية على امتداد السنة.

خلال السنوات الأخيرة، تم حذف الأمازيغية من أقطاب ومصوغات التكوين بالنسبة لتخصص مزدوج، الذي يتوزع كالآتي: دعم التكوين الأساس، تحليل الممارسة والإنتاج الديداكتيك، والطالب مزدوج لا يتلقى ساعة واحدة من التكوين في الأمازيغية بمراكز التكوين.

إذن، إذا كانت لدى الوزارة رغبة في الشروع في تعميم تدريس الأمازيغية بالوسط القروي كما قيل وكذا بالحضري، وتعميمها وفق مقتضيات القانون التنظيمي، فالحل الموضوعي هو:

إعادة إدراج مصوغات الأمازيغية ضمن أقطاب التكوين بغلاف زمني كاف، في دعم التكوين الأساس والإنتاج الديداكتيك وتحليل الممارسة بالنسبة للطلبة مزدوج، لتأهيلهم لتدريس الأمازيغية إضافة إلى العربية والفرنسية وبقية المواد الدراسية، وذلك سيحل إشكال تدريس الأمازيغية بالوحدات المدرسية بالوسط القروي، ويساهم في تعميم تدريسها وفق مقتضيات القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

تحيين المذكرة الوزارية التي نصت على إمكانية توزيع وتنظيم تدريس المواد بتنسيق بين الأساتذة على مستوى المؤسسات، حيث إمكانية تكليف أستاذ بتدريس الأمازيغية لقسم زميله الذي سيدرس مادة أخرى لقسمه، وفق جداول حصص متكاملة.

أما فكرة إدراج تعدد المواد ضمن مباراة توظيف وخلال تكوين أساتذة التخصص في الأمازيغية، الذي كان المطلوب كما وضحنا ذلك في عرض بحضور السيد وزير التربية الوطنية الرفع من مناصبه والشروع في تعيين جزء منهم بالثانوي، فهي غير صائبة ونتائجها عكسية وستفضي إلى القضاء على خيار التخصص في الأمازيغية، وتتنافى ومتطلبات إنجاح ورش تدريس الأمازيغية وتفعيل طابعها الدستوري الرسمي بمنظومة التربية والتكوين.

3- عن مباراة توظيف أساتذة التخصص في الأمازيغية

عرفت المذكرة المنظمة لمباريات توظيف أساتذة التخصص في اللغة الأمازيغية الصادرة قبل بضعة أيام تغيير مكونات مواد المباراة، وتعقيدها بإضافة مواد وتخصصات أخرى بعيدة عن الإطار المرجعي لتكوينهم الجامعي ولمهامهم التدريسية وفق خيار التخصص، وهو خيار غير صائب لن يسمح بالتقدم في توسيع قاعدة الأساتذة ولا التلاميذ المستفيدين حيث ستفضي إلى:

ترجيح مؤشرات ونقط اختبارات المعارف العامة والمرتبطة بالمواد الأخرى في الانتقاء على حساب نقط اختبارات المعارف المرتبطة باللغة الأمازيغية وديداكتيكها، وهذا يتنافى مع متطلبات إنجاح تدريس الأمازيغية معرفيا وبيداغوجيا، بل هو خيار في طريق إفشاله، أو الإجهاز على عدد المناصب المخصصة والمحددة في 400 منصب، حيث سيتم تقليص العدد وتحويله للمزدوج إذا كانت نتائج التقويم متدنية بعد تصحيح اختبارات المباراة. وهذا يوضح أن خيارات التدبير غير منسجمة مع الخيارات السياسية والمكتسبات التنظيمية، مما سيؤزم ورش تدريس الأمازيغية وتفعيل طابها الرسمي بمنظومة التربية والتكوين بدل التقدم فيه.

مفهوم التخصص في التدريس بالابتدائي يجب أن يخضع لنفس التصور البيداغوجي المعمول به بالثانوي، أي الاقتصار على مواد التخصص في المباراة، ووحدها الكفيلة بتقييم الأهلية القبلية لولوج مراكز التكوين تم مهام التدريس.

كان من الممكن اعتبار تعدد مواد المباراة مقبولا بمنظور تكافؤ الفرص، لو كان كل المقبلين على اجتيازها من خريجي الإجازة التربوية بالمدارس العليا للأساتذة التي يفترض أن يشمل تكوينها وإطارها المرجعي كل المواد المدرسة بالابتدائي وديداكتيكها لكافة الطلبة، أما في حالة الإجازات الأساسية التخصصية بما في ذلك الدراسات الأمازيغية في هذه المرحلة، فلا يعدو أن يكون الأمر مجرد تعقيد لعملية التقييم وإرهاق للطلبة الذين كان من المفترض أن يتلقوا التكوين البيداغوجي والديداكتيكي بمراكز التكوين.


1 Commentaire
Inline Feedbacks
View all comments
سوس. م. د

يتمتعون بالمناصب العليا على ظهر الأمازيغ، يعيشون داخل الأمازيغية جغرافيا و تاريخيا يفتخرون بالكسكوس والطاجين و بالأبطال الأمازيغ الدوليين الذين لا يفهمون جملة واحدة من لغة العرب والذين تعبر أسمائهم العائلية عن جذورهم الأمازيغية لكن هؤلاء المتطفلين على تمغربيت لا يعرفون عن الأمازيغية إلا الشيء الوحيد هو كيف يقتلونها و كيف يتآمرون مع الأجانب لتعريب الشعب المغربي. خدام العروبة يطبقون إرادة العرب تجاه الأمازيغ : نحب الأمازيغ خاصة أرضهم و نساءهم. نحن فتحناهم و لا نريد أن يدخل علينا غيرنا. غالبا ما يشرح لنا الإستعمار العربي ما فعله بنا الإستعمار الفرنسي .لمواجهة طاعون العروبة لابد من ذكاء أمازيغي فائق .