الأبجدية الأمازيغية و طلاسم كهوف محافظة ظفار
سنتحدث في هذه المقال عن الأبجدية الأمازيغية و سنناقش ما جاء به الدارودي بخصوص هذا الموضوع، لنبين للقارئ أن الدارودي كعادته يزور و يحرف الحقائق و المعطيات التاريخية الثابتة علميا و كل ذلك لإرضاء نزواته و أهواءه القومجية الإقصائية، و نترك للقارئ فرصة الحكم على أقواله من خلال ما سنأتي به في هذا المقال.
بعد اطلاع الدارودي على مقالي بخصوص الأبجدية الأمازيغية، كان رد الدارودي هو تبرئة نفسه من ذلك الجدول الذي أورده في كتابه، و قال بأن واضعه هو أحمد علي الشحري، بل الأكثر من ذلك أشار إلى أن الجدول الذي جاء به في كتابه قد سبق أن ذكره محمد علي عيسى في كتابه “الجذور التاريخية لسكان المغرب القديم من خلال المصادر الأثرية و الأنتروبولوجية و اللغوية” و هو ما نقرؤه في تعليق له على مقالنا بإحدى مجموعاتهم على شبكة التواصل الإجتماعي فايسبوك، حيث يقول : ” لو أن صاحب المقال واسع الإطلاع على الكتب التي ألفت على بالعربية و التي تتحدث عن تاريخ شمال إفريقية القديم لما كان أحرج نفسه و اتهمني بأنني زورت الجدول؛ لأن الدكتور محمد علي عيسى وضع في كتاب له صدر عام 2009 م ذلك الجدول – يقصد الجدول الذي جاء به في كتابه – و أشار بأن صاحبه هو علي الشحري، في حين أن كتابي صدر بعده بثلاث سنوات أي عام 2012 م ” انتهى كلام الدارودي.
هذا الكلام غير صحيح بتاتا، فالجدول الذي ذكره محمد علي عيسى في كتابه يختلف عن الجدول الذي جاء به الدارودي في كتابه (قارن بين الجدول رقم 1 المأخوذ من كتاب الدارودي و الجدول رقم 4 المأخوذ من كتاب الجذور التاريخية لسكان المغرب القديم لمحمد علي عيسى).
ثانيا : قول الكاتب بأن هناك تطابق بين حروف ظفار و حروف اللغة الأمازيغية، و هو ما نقرأه في الصفحة 333 من كتابه حيث يقول : ” بقي أن نذكر بأن الناظر إلى هذين الجدولين سيندهش لمَا يراه من تطابق تام في الشكل ما بين حروفنا نحن أهل ظفار والحروف القديمة لأهل المغرب العربي، مع التنويه إلى أن هناك أحرف من اختراع الباحثين المغاربة المعاصرين، وضعوها كي يكملوا تمثيل بقية الأصوات البربرية التي ليس لها ما يمثلها في الحروف البربرية الأصلية القديمة، لذا من الطبيعي ألا نجدها ضمن الحروف الظفارية. ومن هذه الأحرف المبتدعة حديثا : ⴳⵯ/ⴽⵯ / ⵟ/ ⵥ/ ⴻ”.
نفس الفكرة و بتعبير آخر نقرأها عند الباحث محمد علي عيسى في كتابه الجذور التاريخية لسكان المغرب القديم في الصفحة 275 حيث يقول : ” إن المقارنة البسيطة التي يمكن إجراءها بين الكتابات الكثيرة التي تنتشر على العديد من هضاب ظفار مع كتابات التيفيناغ، نتوصل إلى تطابق شبه تام بين الكتابتين …”.
و تعليقا على الفقرتين أعلاه نقول أن ما ورد فيهما غير صحيح نهائيا، و هو من أكاذيب القومجيين العرب، نعم هناك تطابق بين بعض الحروف التي ذكرت في الجدولين 1 و 4، و هذا شيء عادي جدا، لأن الدارودي و محمد علي عيسى قاما فقط بإعادة كتابة حروف تيفيناغ في الجدول و كتب فوقها حروف ظفار، أما حروف ظفار الأصلية لم يذكرها لا الدارودي و لا محمد عيسى نهائيا في الجدولين.( انظر الجدول رقم 1 و الجدول رقم 4 و قارنهما بالجدول رقم 2 الخاص بالرموز و الأشكال المكتشفة بظفار، و استنتج بنفسك هل هناك تطابق أم لا ؟).
حقيقة لم نندهش بسبب التطابق بين الحرفين في الجدولين رقم 1 و رقم 4 لأنه في الأصل حرف واحد تمت إعادة كتابته تحت اسم حروف ظفار، و ما جعلنا نندهش بالفعل هو حجم الفرية و التزوير الذي اكتشفناه في كتابات هؤلاء المهرطقين و استنتاجاتهم بخصوص الأبجدية الأمازيغية.
يتابع الدارودي حديثه عن الطلاسم الموجودة في كهوف ظفار قائلا في الصفحة 334 من كتابه : ” ومن المهم أن نشير بأن الحروف الظفارية لم تقرأ إلى الآن، ولذا نحن في حاجة إلى تظافر جهود المتخصصين العرب في النقوش والكتابات القديمة للقيام بهذا العمل بحثا ً وتنقيبا ودراسة ومقارنة، بصفته مشروعا قوميا لا مشروعا قطريا يخص القطر الظفاري”.
من خلال هذه الفقرة نستنتج أن حروف ظفار لم تقرأ إلى يومنا هذا و لم يحدد تاريخها بعد، فكيف تمكن الدارودي من قراءتها؟ مع العلم أن القراءة التي افترضها مكتشف تلك الحروف مجرد توقعات منه، و هي مختلفة لما قدمه الدارودي علما أن هذا الأخير يقول بأنه أخذ هذه الحروف عن أحمد علي الشحري، لكن بمقارنة ما ذكره الدارودي مع ما جاء به الشحري نجد أنه لا علاقة بينهما نهائيا لا من حيث الشكل و لا من حيث القراءة.
وفي بعض من ردوده الخاطفة على مقالاتنا المنشورة على بعض الجرائد الإلكترونية و على صفحات شبكة التواصل الإجتماعي ، يقول الدارودي “أما فيما يتعلق بهذا المقال فأحب أن أقول بأن كل ما قيل فيه عن مغالطات في مقدمة كتابي، يظل كلاما لا طائل من ورائه و لا فائدة منه مادام لم يمس جوهر الكتاب، أي الجانب العملي في هذه الدراسة المقارنة…”هذه العبارة أقل ما يمكن القول عنها أنها ساذجة و غير مسؤولة، لأنها صدرت منه شخصيا و ليس من شخص آخر، و هنا نطرح من جديد فرضية أن تلك الكتب لم يكتبها الدارودي، بل تكتب من قبل أشخاص أو جهات معينة و يتم تسويقها باسم الدارودي، فإذا كان هذا الأخير يرى أن كل المغالطات الذي جيء بها في مقدمة الكتاب و في الفصل التمهيدي لا قيمة لها، فهنا توضع آلاف علامات الإستفهام و معها أيضا نسجل الملاحظات التالية :
- إذا كانت المغالطات الواردة في المقدمة لا طائل من ورائها و لا فائدة من ذكرها، فيحق لنا أن نتساءل نحن أيضا عن الفائدة من كتابة تلك المقدمة أصلا مع العلم أنها هي الأخرى لا علاقة لها بمجال علوم اللغة كما أشرت إلى ذلك في الفصل الأول.
- إن ردودنا على الكتاب بدأناها بالرد على المقدمة أولا و بالفصل التمهيدي ثانيا لعدة اعتبارات أهمها: أن المقدمة هي المدخل الرئيس لأي كتاب مهما كان نوعه، و هي تعطينا نظرة عامة عن الكتاب و عن محتواه، فإذا كان رد الدارودي علينا بأن نتجاهل ما ورد في المقدمة و ندخل مباشرة إلى فصول الكتاب، فنقول له أن المنهج العلمي لا يسمح لنا بذلك، و إن قال الدارودي عكس ذلك فلماذا لم يعمل بنصيحته و يدخل مباشرة في الدراسة المقارنة دون مقدمة و دون حاجة إلى كتابة أكثر من أربعين صفحة (و هي الصفحات التي استغرقتها المقدمة و الفصل التمهيدي) ما دام الكاتب يعتبر كل ما جاء فيها غير مهم و لا علاقة له بالجانب العملي للكتاب ؟
و يضيف صاحب الكتاب قائلا :” فالمجال لتسفيه كتابي “حول عروبة (البربر)” لا يبحث عنه في المقدمة و لا في الخاتمة و لا في مباحث الفصل التمهيدي عدا المبحث الأخير و الذي عنوانه ما مصداقية الباحث محمد شفيق، و إنما يبحث عن المغالطات و الأخطاء في الآتي: المبحث الأخير من الفصل التمهيدي و قد أشرت إليه سابقا، ثم الفصول السبعة التي جاءت بعده، و هي في المعجم التجانسي، و الإبدال الصوتي، و القلب الصوتي، و إسقاط الأحرف، و زيادة الأحرف، و النحو و الصرف، و الصوت اللغوي”.
و أذكر صاحبنا الدارودي بخصوص المبحث الأخير من الفصل التمهيدي أنه تم رصد المغالطات الواردة فيه، و ما على الكاتب إلا أن يطلع على ما كتب بشأنه.
أما بخصوص ردوده على المقال الذي خصصته للأبجدية الأمازيغية، اكتفى فيه الدارودي بتبرئة ذمته و قوله أن جداول المقارنة لم يضعهما و قال بأن الباحث علي الشحري هو من وضعهما، و لكن عندما طلب منه مصدر تلك الجداول كان جوابه هو أن علي الشحري يعطي تلك الجداول لمن يريدها، و طبعا هذا التبرير من الناحية العلمية لا قيمة له، وبنيت آرائي على ما جاء في كتاب الدارودي بخصوص الأبجدية، و سأقوم بتوضيح الأمر في النقاط التالية :
أولا : الجدول كما جاء في كتاب الدارودي لا يحمل أي إشارة إلى مصدره، و كما هو متعارف عليه في البحوث كيفما كان موضوعها أن ترفق كل وثيقة بمصدرها، و كل وثيقة مجهولة المصدر تنسب تلقائيا إلى صاحب الكتاب، و هذا ما اعتمدته حتى نسبت الجداول إلى الدارودي، و تبقى منسوبة إليه حتى يتم ذكرها في كتاب من تأليف الباحث الشحري، و الفيديوهات التي تحدث فيها هذا الأخير عن جداول المقارنة تم تصويرها مؤخرا، أي بعد اطلاعهم عن مقالي الذي كتبته بهذا الشأن، و على أي تبقى تلك الفيديوهات لا قيمة علمية لها، لأنه لا يمكن جعل الفيديو المصور من طرف شخص ما مصدرا علميا؛ سيكون ذلك ممكنا لو صُوِّر الفيديو في إطار ندوة علمية مثلا أو في برنامج وثائقي يكون النقاش فيه علميا بحضور متخصصين في اللغات القديمة، أما غير ذلك فلا يمكن الإستدلال به في البحوث العلمية الأكاديمية.
ثانيا : إن الفيديو الذي صوره الشحري و الجداول التي قدمها لنا مخالفة للجدول المذكور في كتاب الدارودي و للجدول المذكور في كتاب أحمد علي عيسى، حيث أضيفت مجموعة من طلاسم ظفار إلى الجداول و حذف بعضها، و قدمت الحروف الأمازيغية في الجدول المذكور في كتاب الجذور التاريخية لسكان المغرب القديم على أنها تيفيناغ إركام مع العلم أن صاحب الكتاب يتحدث في كتابه عن حروف اللغة الليبية القديمة و حروف تيفيناغ، لكن الحروف الليبية القديمة تختلف نوعا ما عن حروف تيفيناغ الأصلية، و لعدم اطلاع الكاتب أو لجهله بهذا الأمر لا يفرق بينهما و يظن أن تيفيناغ القديمة هي نفسها الحروف الليبية القديمة و هي نفسها تيفيناغ إركام، و نفس الشيء بالنسبة للشحري و الدارودي، و أنا متأكد أنهم لا يعرفون حتى ما معنى الإيركام، لأن الدارودي قال بأن الحروف المذكورة في تلك الجداول هي الحروف الأصلية و القديمة للغة الأمازيغية، و لا يوجد بها حرف مبتكر أو معدل من قبل المؤسسات المكلفة بتهيئة اللغة الأمازيغية، كما أشار الدارودي إلى الحروف المبتكرة و المعدلة و حصرها في خمسة حروف فقط، لكن صاحبنا تنقصه الحكمة و البصيرة، فذكر بأن الحرف ⴻ حرف مبتكر و لن تجد مقابلا له في الأبجدية الظفارية، لكن إذا نظرنا إلى الجدول فإننا سنجد هذا الحرف مذكور أيضا و وضعوا له مقابلا مفترضا رغم قولهم بأنه مبتدع حديثا (أنظر الجدول رقم 1 أعلاه).
و لجهل الدارودي بالأبجدية الأمازيغية أدرج حرف ⵟ ضمن الحروف المبتكرة، و هذا الحرف موجود في تيفيناغ القديمة، و لعدم معرفته للأبجدية الأمازيغية و عدم اطلاعه عليها أصر بأن جميع الحروف المذكورة في الجدول هي تيفيناغ قديمة، و ما لم يكن في حسبانه أن أكثر من نصف الحروف المذكورة في الجدول حديثة أيضا، بعضها مبتكر و البعض الآخر معدل تعديلا جزئيا ، و هذه قائمة بالحروف المبتكرة كليا و بعض الحروف المعدلة:
ⵖ / ⵄ/ ⴽ/ ⵇ/ ⵚ/ ⵕ/ ⵡ/ ⵅ/ ⵃ/ ⴻ/ ⵀ/ ⵉ/ ⵍ/ ⴰ/ ⵓ/ ⴽⵯ/ ⴳⵯ/ ⴼ .
و أشير إلى أن هذه الحروف مبتكرة قبل اكتشاف طلاسم جبال ظفار.
هذا كل ما يتعلق بالجداول و مقارنة بعضها ببعض من حيث الشكل، و من حيث نطق الحروف فطلاسم كهوف ظفار لم تقرأ إلى يومنا هذا، و لم يحدد تاريخها بعد، و لكن المهووسين بالعروبة أخذوا هذه الطلاسم و الرموز و جعلوها أصل الأبجدية الأمازيغية التي يقدر عمرها ب 5000 سنة تقريبا.
و قد أشرت إلى أن الدارودي و الباحث الشحري قرآ طلاسم ظفار قراءة مفترضة، و بنيت قولي هذا على ما جاء به الدارودي في الجدول رقم 1 أعلاه، و لو أن الجدول كما سبقت الإشارة هو تكرار لحروف تيفيناغ تحت اسم حروف ظفار، أما بالنسبة للباحث علي الشحري و قراءته المفترضة لحروف ظفار تتجلى من خلال الجدول الذي أشار إليه في كتابه لغة عاد (انظر الجدول رقم 3)، حيث نرى أن المقارنة بين حروف ظفار و عدة أبجديات عالمية لم يعتمد فيها على الجانب الشكلي، و هو ما بنيت عليه قولي بأنها قراءة مفترضة لتلك الحروف.
و بخصوص الباحث الشحري والذي ينسبون إليه جدول المقارنة رقم 1، و من خلال كلامه في الفيديو المصور أثناء حديثه عن الأبجدية الأمازيغية، يتبين أنه لم يكن يعرف شيئا عن اللغة الأمازيغية و لا عن حروفها، و لم يطلع على تاريخها و لا عن المؤلفات التي كتبت بشأنها، و كل ما جاء به هذا الكاتب من حديث عن الأبجدية الأمازيغية كان بلا أدنى شك بعد لقاءه مع “أيتام المقبور القذافي” و ذلك بعد أن شرحوا له أسلوب عملهم، و لكونه هو أيضا من الذين يعربون كل شيء سار على نهجهم و كل في مجاله، و القاسم المشترك بينهم هو تزوير و تحريف الحقائق .
و أشير إلى أن الحروف الأمازيغية المذكورة في الجدول رقم 1 و الجدول رقم 2 قد أخذت من كتيب ” لنتكلم اللغة الأمازيغية “، و الحروف المعتمدة في هذا الكتيب هي تيفيناغ إركام، و كما أشرت سابقا إن أبجدية الإركام ليست هي نفسها الأبجدية الليبية القديمة، بل فيها تعديلات لبعض الحروف و ابتكار حروف أخرى من قبل الإركام و من قبل المؤسسات المكلفة بتهيئة حرف تيفيناغ و تطويره و هذا كان قبل اكتشاف الرموز و الأشكال بجبال ظفار.
و لابد من ذكر بعض الجداول الخاصة بالحروف الليبية القديمة و حروف تيفيناغ المنتشرة في الصحراء الكبرى، لكي يتمكن القارئ من الإطلاع عليها و تكوين فكرة عامة حولها و مقارنتها في نفس الوقت مع الأشكال و الرموز و الطلاسم المكتشفة في جبال ظفار
هذا كل ما يتعلق بالأبجدية الأمازيغية و ما جاء به القومجيون من أكاذيب بشأنها، نعم قد يكون هناك تشابه بين بعض الحروف في عدة أبجديات مختلفة، لكن ليس إلى حد التطابق الذي يروج له أصحاب النزعة القومجية، و التشابه لا يعني أبدا أن هذه اللغة أخذت من تلك، و إن كان لابد من هذه الفرضية فالسر في هذا التشابه هو أن جميع الأبجديات العالمية ترجع في أصولها الأولى إلى الأبجدية السينائية، وهي الأبجدية الأم و عنها تطورت جميع الأبجديات.
أما المنهج الذي يتبعه هؤلاء في كتاباتهم، هو منهج التلفيق و التحريف، سواء كانت مواضيع كتاباتهم لغوية أو تاريخية أو سياسية، كما يتقنون جيدا انتقاء المعلومات التي توافق أهواءهم و نزعاتهم القومجية و تراهم يستبعدون كل المراجع التي تخالفهم، بل الأكثر من ذلك يضربون في مصداقية الباحثين المتخصصين في اللغات و التاريخ و خصوصا إن كانوا أجانب، أما إن كانوا أمازيغ أو عرب فيتهمونهم بالعمالة و خدمة الإستعمار و قلة العلم و المعرفة، و من هؤلاء من يقول بأن بعض المصادر التاريخية مزورة و محرفة عن آخرها، كما هو الشأن بالنسبة لكتاب التاريخ لابن خلدون حيث قالوا بأنه مزور، مستدلين على قولهم هذا بمخطوطة مجهولة المصدر، و هي أيضا من أكاذيبهم، لأن الكتابة التي كتبت بها المخطوطة حديثة جدا و يستطيع أيا كان قراءتها بكل سهولة، عكس المخطوطات القديمة التي يستحيل قراءتها إلا من قبل المتخصصين.
و سأذكر بعض النقاط المهمة و التي ستكون تلخيصا لما سبق و توضيحا لبعض الأمور التي جاء بها الدارودي في كتابه :
- يدعي الدارودي أنه متخصص في علم اللغة المقارن، لكن بالإطلاع على مضمون كتابه نستنتج أنه لا علاقة له بهذا العلم، و كل ما يقوم به عبارة عن مقارنات سطحية بين عدة كلمات من لغات مختلفة، دون احترام مناهج و قواعد علم اللغة المقارن، أيضا يعتبر غياب المنهج الوصفي و التاريخي في كتاب الدارودي دليل آخر على عدم اطلاعه و شح معلوماته بخصوص هذا المجال الذي يدعي أنه متخصص فيه، المنهج المقارن يعتمد بصورة مباشرة على المنهج الوصفي، فأية دراسة مقارنة لابد وأن تسبق بوصف لغوي لكل لغة على حدة، وبمقتضى هذا الوصف يتسنى للباحث أن يجري مقارناته وأن يستخلص نتائجه، فمن المستحيل إجراء مقارنة بين طرفين مجهولين أو بين طرف معلوم وآخر مجهول، وهنا تأتي حتمية الوصف كشرط أساسي لعلم اللغة المقارن ؛
- الدارودي أخرج علم اللغة المقارن من موضوعه الأساسي و الذي يتناول المقارنة بين اللغات للوصول إلى لغة أم مفترضة إلى موضوع البحث في الأعراق البشرية، و هذا الأخير بعيد كل البعد على علوم اللغة بصفة عامة، و بنى الدارودي و باقي فلول القومجية رأيهم على مقولة “اللغة هي الكشاف الأول والهام عن أصل الشعوب”، و هنا نقول للدارودي أن العلوم تبنى على نظريات علمية و ليس على مقولات و أمثال شعبية ؛
- يدعي الدارودي أن جدول المقارنة أخذه نقلا عن الكاتب محمد علي عيسى، و قد وضحت الأمر أعلاه و أضيف فقط أن الجدولين مختلفين، فهناك حروف ذكرها الدارودي و وضع مقابلا لها بينما الكاتب الذي ادعى نقل الجدول عنه لم يضع مقابل لتلك الحروف، أنظر مقابل حرف القاف و كذلك حرف الشين، عموما الجدول الذي قال عنه الدارودي بأنه زبدة الكتاب هو جدول “حربائي” يتغير من كتاب لآخر و يغير في أشكال الحروف و يطورها تلقائيا خصوصا إذا علمنا أن الجدول من واضع شخص واحد كما يدعون، و نتساءل عن المراحل التي مرت منها طلاسم ظفار من شكلها كما اكتشفها الشحري إلى شكلها الحديث حتى أصبحت شبيهة و مطابقة للحروف الأمازيغية ؟
و في تدوينة ساذجة نشرها الدارودي على صفحته على شبكة التواصل الإجتماعي فايسبوك قال فيها : “ليس أكثر حروف التيفيناغ ظفارية كما يعتقد بعضنا؛ بل كلها ظفارية. حتى الحروف الليبية القديمة كلها موجودة في بلاد ظفار. و الحرف الذي تجده في الليبية و لا تجده في التيفيناغ تجده ضمن حروف ظفار، و الحرف الذي تجده في التيفيناغ و لا تجده في الليبية تجده ضمن حروف ظفار، و ختم كلامه بعبارة “جفت الأقلام و رفعت الصحف” .
في الحقيقة الدارودي يهرف بما لا يعرف، و الدليل كيف خرج صاحبنا بهذه الخلاصة و نحن نعلم أنه لم يقم بأية مقارنة بين تيفيناغ بشقيه و بين طلاسم ظفار ؟
لنفترض أن الحروف التي ذكرها الدارودي هي حروف ظفار كما يدعي، فهل يملك الشجاعة العلمية ليقول لنا كيف عرف أن طلاسم ظفار قديمة بالمقارنة مع تيفيناغ، خصوصا إذا علمنا أن طلاسم ظفار و رموزه لم يحدد تاريخها و لا أحد استطاع فكها إلى يومنا هذا، و طلبنا الوحيد هو كيف عرفوا بأنها أقدم من تيفيناغ ، و نريد دليلا علميا يثبت ادعاءاتهم.
الاحرى له ان يبحت في عروبة اليهود لان العبرية والعربيه لديهما كلمات متشابهة عكس الأمازيغية.وان كان الأبجدية هي التي تحدد الأصل فالفارسية والعربيه تكتبان بنفس الأبجدية