رشيدة إمرزيك: قصة الأمازيغية مع وزارة لا تقرأ
حكايات الوزارات والوزراء مع الأمازيغية لا تكاد تنتهي الواحدة حتى تبدأ أخرى. قصة اليوم حديثة التلفيف “فمكتها”،بتفاصيل وأحداث جديدة أيضا. هذه المرة، وبعد الإعلان عما تمخضت عنه مشاورات لجنة الجائزة الوطنية للصحافة، والكشف عن أسماء الفائزين بها حتى اتضح أن وزارة الثقافة، قطاع الاتصال، لم تستوعب بعد ماذا جرى ويجري في المملكة منذ ما يزيد عن العقدين. نخاطبك أيتها الوزارة بالكتابة التي تقرئين، ونتمنى أنك تفهمينها، وإن أردت الذكرى، نذكرك، ولو بحدثين هامين لا أكثر، لنبرهن لك أنك وزارة لا تقرأ أبدا.
أيتها الوزارة عليك أن تعلمين أن الأمازيغية رسمية بقوة الدستور، وان حرفها الأصلي “تيفيناغ” اعتمد لكتابتها بتحكيم ملكي، وأن صحافية “العالم الأمازيغي” حين رشحت عملها المعنون ب…. لم تكن تعرف أنها أخطأت السبيل، بل كانت تؤمن أن موضوعها سيشكل قيمة مضافة لهذه الجائزة، لكنك أيتها الوزارة تفاجأت، أنت، بعجزك عن تفكيك شفرة “تيفيناع”، وطلبت النجدة من الصحافية المعنية، وتوسلت لها بأن تساعدك بترجمة مضمون العمل المترشح به.
أيتها الوزارة، لا أريد أن أتهمك بالكسل، ولكن عليك أن تعرفين خطورة تبرير العجز والانهزام أمام تيفيناغ بالقول، إن لجنة الجائزة لا تضم أعضاء ملمين بقراءة الأمازيغية.
أيتها الوزارة، أتعلمين أن هدف جريدة “العالم الأمازيغي”من الترشح لهذه الجائزة بعمل مكتوب بالأمازيغية، هو إسماع صوت الصحافة الأمازيغية فقط.
الحكاية وما فيها، أنه بعد تعيين لجنة خاصة بالبت في الأعمال المرشحة، تلقت الصحافية المترشحة اتصالا هاتفيا من مندوبية الاتصال بوزارة الثقافة، يؤكد لها أن العمل الذي ترشحت به لا يوجد من يقرأه،لكونه مكتوب بالأمازيغية وبحرفها تيفيناغ، وبأنه من المفيد أن تتم ترجمته إلى العربية حتى تستسيغه اللجنة وتفهم مضمونه، وهو الأمر الذي اعتبرته الصحافية في البداية طلبا غير منطقي، لكون العمل هو مدرج في صنف الإنتاج الأمازيغي، وبحروف “تيفيناغ”، وبأن قيمته تتمثل في كونه مكتوبا بهذا الحرف الأصيل، وان ترجمته ستفرغه من قيمته، لذا يجب البت فيه باللغة التي كتب بها في الأصل، وبأن القائمين على الجائزة كان عليهم وضع مثل هذه الأمور في الحسبان، وتعيين متخصصين، ملمين بالأمازيغية كتابة وقراءة، مادام أن الوزارة خلقت جائزة خاصة بالإنتاج الأمازيغي، حتى يكون هناك تكافؤ الفرص ما بين الأعمال المرشحة في الأصناف الأخرى.
ونزولا عند طلب المكلفين بقسم التواصل من خلال اتصالاتهم المتكررة، واحتراما لطلبهم تمت ترجمة مضمون المقال إلى العربية.
يحدث كل هذا مع وزارة للثقافة في مغرب يروج لصورته في الخارج على أنه بلد التنوع الثقافي واللغوي بامتياز. هذه الوزارة لم تكن بالجرأة المطلوبة، وما كان عليها أن تلعب دور “الإسفنج والماء”، لكنها لم تكن بليونة الإسفنج، فأظهرت عن دربة في التغليط ومراوغة في الأداء. في الحقيقة الوزارة خسرت مع الامازيغية قبل انطلاق المباراة.
ولما كانت تعرف بهذه الخسارة، كان عليها ألا تكلف نفسها كل هذا العناء، وأن ترفض قبول الترشيحات المكتوبة بالأمازيغية منذ البداية وتذهب لحال سبيلها.
الدرس المستفاد من القصة مع وزارة الثقافة، هو الاقصاء واللامبالاة التي ماتزال تتعامل بها بعض المؤسسات مع الأمازيغية. إنه درس مفهوم جدا مع وزارة من المفروض أن تهتم بالثقافة والقراءة إلا أنها فشلت في قراءة عمل واحد ووحيد، توصلت به في صنف الصحافة المكتوبة بالأمازيغية.
إن “العالم الامازيغي” ما دامت حية، عازمة على الترشح دائما وأبدا بالأمازيغية، منقوشة بتيفيناع، ومن الآن فصاعدا لن تتباكى على أي كان. ولوزارة الثقافة الحق في أن تنهزم متى شاءت وكيف شاءت، وتخور قواها أمام الأمازيغية.
امرزيك رشيدة