أكسيل الطفل الضفدع” (أكسيل أربا أﯕرو) مسرحية للطفل والناشئة”
أغنت الكاتبة الأمازيغية زهرة ديكر رفوف المكتبة المغربية بمسرحية أمازيغية جديدة للطفل، تحمل عنوان “أكسيل اربا أﯕرو / أكسيل الطفل الضفدع”، صادرة ضمن منشورات رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية وبمطبعة سونتر امبريموري ايت ملول سنة 2019، وبدعم من وزارة الثقافة.
تتألف المسرحية من 80 صفحة، كتبت بالحرف اللاتيني، وتتناول بالخصوص موضوع تقبل الآخر.
يتوسط الغلاف صورة لطفل مبتسم بعينين جاحظتين، يحمل علبة زجاجية تظهر بهما عينان جميلتان و حوله ضفادع أرجوانية لطيفة، تَلُفُّهُم جميعا غابة كثيفة بأشجار بنفسجية باسقة.أعلى الغلاف نجد اسم الكاتبة بالحرف اللاتيني، يليه اسم المسرحية –أكسيل أربا أﯕرو – بالحرف اللاتيني وتيفيناغ وفي أسفل الغلاف جنس الكتاب وجهة الإصدار. في الواجهة الخلفية نجد عناوين اصدارات الكاتبة والتي تزيد عن عشرة اصدارات في مجالات مختلفة: أدب الطفل، قصة، رواية ومسرح.
تتألف مسرحية أكسيل أربا أﯕرو من ثلاث فصول متفاوتة المشاهد والطول: (يتكون كل مشهد ما بين 3 و5 صفحات) ويتقاسم فيها الأدوار سبع شخصيات ما بين رئيسية وثانوية: باديس: ملك الضفادع- مادغيس: ملك الجن- تاضلماست: الساحرة- تاووكت: البومة – الأميرات :سيليا – سيلينا – تايما. تدور أحداث المسرحية في قالب درامي كوميدي حول موضوع “تقبل الآخر”، وقد وظفت الكاتبة في هذا العمل بعض الفانتازيا والسحر، لذا نجد الاحداث تارة تدور على لسان الحيوان كالبومة والضفادع وأخرى على لسان الانسان أو الجن، هذا الأخير نشاهده هنا في شخصيتين: الملك مادغيس وابنته الاميرة تايما، المختطفة من قبل ساحرة المستنقع الاسود.
الطفل أكسيل بطل هذه المسرحية، الغنية بمحتواها التربوي و الاجتماعي، تناولت موضوعا مهما للغاية ألا وهو ثقافة “تقبل الآخر”، يولد أكسيل طفلا مختلفا بوجه أقرب شبها بالضفادع، ينبذ من طرف أهله البلدة ويأتي يوم يطرد خارج قرية الصيادين، ليبقى وحيدا يبكي بؤسه وألمه، وقسوة الناس عليه ويعيش احساسا بليغا بالذل والمهانة، يتعرف أكسيل على ضفادع حقيقية طيبة يجد قلوبا رحيمة بينهم، فيرغب بشدة أن يتحول لضفدع حقيقي حتى تذوب حقيقته الانسانية بينهم، فقد بات يرفضها جراء ما رأى وعاش من قسوة بني جلدته، المفاجأة حين وجد أكسيل للضفادع حلما وحيدا ألا و هو استرداد صفاتهم الآدمية، التي سلبتها منهم ساحرة المستنقع الشريرة.
لا يتوانى أكسيل عن المساعدة وخوض التجربة المستحيلة والخطرة، ينبهه ملك الضفادع من الساحرة ولعناتها، فإن امسكت به ستعاقبه بتحويله لضفدع حقيقي، لكن أكسيل لا يهتم، فمراده وأمله الوحيد في الحياة أن يصبح ضفدعا حقيقيا ويعيش حياة الضفادع، بعد أن عانى قسوة البشر وطرده وحيدا منبوذا، وهو ليس إلا طفلا صغيرا لا يعلم من الحياة الكثير.
يتغلب ذكاء أكسيل على الساحرة الشريرة، يسترد الأميرة تايما ابنة ملك الجن المخطوفة، يساعد الأميرة سيليا ابنة ملك الضفادع على استرداد عينيها المسلوبتين والسجينتين بين يدي الساحرة، ويفك أيضا أسر أطفال قرية الصيادين من قبضة الساحرة الشريرة.
احترمت الكاتبة مقومات الكتابة المسرحية للطفل، من ناحية الأقنية والأدوات، الفانتازيا، الخرافة، الحبكة، حدث ينطلق ويتصاعد لبلوغ قمة التأزم، ثم حل يرضي قناعة القارئ الصغير. الحوار يحمل البساطة والتشويق يؤدي إلى نمو الحدث ويعبر عن ما يميز الشخصية من الناحية الجسمية والنفسية، مما يخلق جوا مبهرا يشد الإنتباه، لغة المسرحية سلسة وسهلة الفهم بمعجم قريب لمفاهيم الطفل.
ما يميز المسرحية عن الأجناس الأدبية الأخرى هو “الحوار”، هنا قدمت الكاتبة حوارا مسرحيا مبسطا وغنيا يحمل المغامرة والدهشة، يوصل للطفل المعنى والهدف بشكل سلس مفهوم ومختصر، الحوار هنا بعيد كل البعد عن الحوارات اليومية العادية الفارغة، تتخلل المسرحية أشكالا متعددة من القضايا التي تهم تربية الطفل على المستوى التربوي أو الاجتماعي أو التعليمي.
الفكرة الرئيسية للمسرحية عن “تقبل الآخر” خاصة من يحمل عاهة جسدية، فتبين الكاتبة أن تقبل الآخر عملية تربوية بالدرجة الاولى، وتعطي أفكارا عن كيفية التواصل والتعرف على الآخر (ذو عاهة)، كإنسان كامل فهو كغيره من البشر، وتحث على إذابة الافكار السلبية التي تتكون في الذهن عن الغير دون المعرفة الحقيقية بهم، هذه المعرفة التي لن تتولد إلا بحبهم وبالاقتراب منهم وتقديرهم وتفهمهم.
المسرحية تحمل الكثير من الأهداف، الاحاسيس، والتعاطف مع الغير (ذو عاهات.. منبوذين…)، نجد أيضا بعض القيم التربوية كنبذ الذات في سبيل مساعدة الآخرين، تقديم المصلحة العامة على الخاصة، وغيرها، وبكل هذا يتم ترسيخ الشعور بالرضا والتسامح والمحبة، والابتعاد عن الحقد والكراهية. الجميل في هذه المسرحية أيضا، ما يمكن ان يذكرنا بالمثل القائل “من رأى بلوة غيره هانت عليه بلوته”، فعندما التقى أكسيل بالضفادع الأرجوانية وعلم بمصابهم، وكيف عاشوا سنوات كثيرة كضفادع حقيقية بعد اصابتهم بتعويذة سحرية ألقتها عليهم ساحرة المستنقع الأسود، بدأ يسترد ثقته بنفسه ونسي مصابه وعمل جاهدا لمساعدتهم، لاسترداد صفاتهم البشرية وأثناء محاولاته هذه، كسب حبهم وثقتهم جميعا دون استثناء، ووجد أيضا ذاته الضائعة ونفسه السليبة.
سيجد المتلقي في هذا الكتاب حالات اجتماعية متعددة تعالجها المسرحية، في قالب درامي مغلف بالهزل والمرح، يمزج بين الواقع والخيال، فانتزيا، سحر، انسلاخ الإنسان من الأخلاق والقيم في إشارة لما يعيشه انسان العصر الحالي وما يترتب عنه من كوارث تضر به هو أولا وعن غير وعي منه، الكاتبة هنا أشارت لهذا الحدث حين تم اختطاف أطفال قرية أكسيل المطرود -من طرف الساحرة – حين جاء أهله وأبناء قريته –الصيادين- يطلبون مساعدته ونصرته، تصوير لمحنة الإنسان والحيوان والطبيعة في أبعاد مختلفة الصيد الجائر، الشرائك…، الوعي المتدني وبعض التمثلات التي لا تزال راسخة في ذهن البعض كاللعنات والسحرة، في جهة أخرى نجد الخير التفكير المثمر،العمل، الأمل، الحب.
اخترت لكم هذا المقتطف من المسرحية:
Aksil: (s imsli idrusn, iṛẓm amsawal d ugdud) ḍuf at iyi, is ɣʷẓann? is ar ssiwidɣ? mac nkkin ur giɣ amr yan wazzan mẓẓin zun d akkʷ tazzanin, sɣawsaɣ s tmlla d tayri, sɣawsaɣ ad iliɣ s tawja d imddukkʷal, iyyih mkad as iyi iɣna bab n ignwan, udm anssaraf issiwidn,(iggr nn i wazzar nns), d wazzar acakuk amakẓay, iyyih ! ur rwasɣ tarwa nnun, mac dari iman iɣusn imlluln, d wul yuma amaḍal, ad ur tettum tamlla iggutn is tt yusi wul inu, d unlli inu is iga anẓiẓ, nkkin riɣ kʷn, iyyih riɣ kʷn akkʷ, mqqar iyi tugim, rad awn ggalɣ tayri nnun tut s iẓuṛan nns ɣ wul inu, sar dids tngara, rad dduɣ s tuggugt mklli s iyi tnnam, rad flɣ tiɣrmt inu d ayt dari, aksil arba agru ur ad awn inna uhu, kra tram rad ig yah, ar timlilit a ayt dari… ar timlilit a imddukkʷal inu.
محمد ديكر – أكادير