الأمازيغية ضحية تعطيل المجلس الوطني للغات والثقافة
ينص القانون التنظيمي 16-26 المتعلق بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية ، الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 12 سبتمبر 2019، في المادة 33 على ما يلي:
“يقدم المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية دعمه التقني لمختلف المؤسسات والهيئات والسلطات العمومية المعنية بتنفيذ أحكام هذا القانون التنظيمي، وكذا مساعداته اللازمة لتمكينها من الالتزام بهذه الأحكام، كل واحدة فيما يخصها، وذلك وفق الكيفيات المحددة بموجب اتفاقيات بين المجلس والجهة المعنية”.
وجاء في القانون التنظيمي رقم 16-04 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الصادر بتاريخ 30 مارس 2020، في المادة 3، من بين 14 مهام التي ستظلع بها هذه المؤسسة: :
– اقتراح التوجهات الاستراتيجية للسياسة اللغوية والثقافية التي سيتم اعتمادها في مختلف مجالات الحياة العامة، وإحالتها إلى الحكومة قصد دراستها وعرضها على مسطرة المصادقة طبقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور؛
– دراسة البرامج الكبرى اللازمة لتنفيذ التوجهات المذكورة التي تعدها الحكومة، وتتبع تنفيذها بتنسيق مع السلطات والهيئات المعنية ؛
– اقتراح التدابير الواجب اتخاذها لحماية وتنمية اللغتين الرسميتين للدولة، العربية والأمازيغية ؛
الخلاصات التي تثيرها هاتين المادتين من القانونين التنظيميين هي:
المادة 33 من القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية تؤكد صراحة أن كل الإجراءات المرتبطة بتنفيذ مواده ومقتضباته مرتبطة بمهام وأدوار مؤسسة دستورية هي المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي سيقدم الدعم والمواكبة للمؤسسات والهيئات والسلطات العمومية المعنية لتمكينها من الالتزام بهذه الأحكام،، وفق اتفاقيات بين المجلس والجهات والمؤسسات المعنية.
المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية هو المؤسسة الدستورية التي أوكل إليها بمهام تحديد التوجهات الاستراتيجية للسياسة اللغوية والثقافية الوطنية وعرضها على الحكومة لاعتمادها وفق مسطرة المصادقة، ودراسة البرامج الكبرى اللازمة لتنفيذ هذه التوجهات والاختيارات.
المؤسسة الدستورية المعنية بتتبع تنفيذ ومن تم تقييم هذه البرامج والتوجهات المرتبطة بمجالات السياسة اللغوية والثقافية وحماية اللغة الأمازيغية وتنميتها هي المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
والأسئلة الملحة التي تثيرها هاتين المادتين من القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والخلاصات المذكورة، هي:
هل يمكن للحكومة أن تضع تصورات استراتيجية في مجالات الشأن اللغوي والثقافي ووضع برامج جديدة في غياب المؤسسة الدستورية التي أوكل إليها بهذه المهام؟ وما حدود مبادراتها وممكناتها وفعلها في غياب المجلس الوطني للغات والثقافة؟
هل يمكن للمؤسسات والقطاعات الحكومية والجماعات الترابية أن تعمل على وضع تصورات وبرامج ومخططات عمل لتنفيذ مقتضيات القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في غياب المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي يلزمها قانونه التنظيمي بمقترحاته وتوجهاته ودوره التتبعي للالتزام بهذه الأحكام؟ وهل تكفي بعض الاستشارات مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية غير المؤطرة وغير الملزمة قانونا، للقيم بذلك؟
أليس التأخر والارتباك الحاصل في تنفيذ مقتضيات القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بما في ذلك افتقار جل القطاعات والمؤسسات لتصورات ومخططات عمل فعلية، وعدم تخصيص الموارد الكافية البشرية والمادية والتأطيرية، نتيجة لغياب التصورات الاستراتيجية ودراسات البرامج والاقتراحات المنوطة بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي أوكل إليه بمهام المواكبة وتتبع التنفيذ؟
لماذا تأخر تنفيذ القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وإرساء هذه المؤسسة الدستورية، وتعطيل عدة مقتضيات دستورية خاصة تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، علما أن كل المكونات اللغوية والثقافية وبقية المهام المرتبطة بها لم تتأثر بهذا التعطيل لأنها استفادت وتستفيد من السياسات والمؤسسات القائمة والسابقة، فيما لا تزال الأمازيغية تتخبط في معانات الاعتراف والدسترة ونقص الكفاءات ومزاجات السياسة وغياب الالتزام الوطني.
باحث في الشأن الأمازيغي، رئيس الجامعة الصيفية أكادير