عن إدماج الأمازيغية بالإدارات
من خلال تتبع النقاش الأخير وعمل الحكومة ولقاءاتها، وخاصة من خلال الفقرة المخصصة لتفعيل القانون التنظيمي للأمازيغية بمشروع القانون المالي لسنة 2023، يتضح أنه تمة لبس وسوء فهم للمقتضيات القانونية الخاصة بإدماج اللغة الأمازيغية في الإدارات، وعجز عن فهم كيفية صرف ميزانية الصندوق المخصص لذلك والمدرج في خانة الوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة لسنة 2022، في حين أن الأمر واضح والمقتضيات الخاصة بالإدارات محددة ومفصلة في القانون التنظيمي رقم 16-26، الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 12 شتنبر 2019، ولا يحتاج ذلك إلى الكثير من التشاور بقدر ما يتطلب الأمر وضع تصور تدبيري ومخطط عمل والشروع في التنفيذ، دون مماطلة أو ارتباك.
– الصورة رفقته لموقع الوزارة المنتدبة التي لم تفعل بعد الأمازيغية ضمن لغات موقعها الرسمي، كما ينص على ذلك القانون التنظيمي وكما سنرى أسفله، ومقتطف من صفحات صدوره بالجريدة الرسمية-.
من خلال تفحص مواد القانون التنظيمي في الباب المتعلق بالإدارات، يتضح أن تفعيلها يتطلب وضع مخطط عمل وبرامج لتوظيف موارد بشرية جديدة وتنظيم التكوين لفائدة موظفي مختلف الإدارات العمومية والمؤسسات الخاصة، وليس توظيف أعوان ومرشدين لتوجيه المرتفقين، لأن المعني بهذه المواد والمقتضيات القانونية هم الموظفون الذين يقدمون الخدمات للمرتفقين وسيعملون على إعداد الوثائق والحوامل المنصوص عليها، وهذا ما لم يتم الشروع فيه إلى حدود اليوم.
وهذه هي المواد الخاصة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الإدارات، لكل غاية مفيدة:
أحكام عامة. الباب 1. المادة 2
تنمية وتعزيز قدرات الموارد البشرية العاملة بالإدارات العمومية وبمختلف مؤسسات القطاعين العام والخاص في مجال التواصل باللغة الأمازيغية… وذلك وفق برامج دراسية وتكوينية تعد لهذا الغرض.
الباب 3. المادة 11
تعمل الإدارة بكيفية متدرجة على نشر النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصبغة العامة في الجريدة الرسمية باللغة الأمازيغية.
كما يتم نشر القرارات التنظيمية ومقررات ومداولات الجماعات الترابية بالجريدة الرسمية الخاصة بها باللغة الأمازيغية.
الباب 6. استعمال الأمازيغية بالإدارات وسائر المرافق العمومية
المادة 21
تحرير باللغة الأمازيغية، إلى جانب اللغة العربية، البيانات المضمنة في الوثائق الرسمية التالية:
– البطاقة الوطنية للتعريف؛
– عقد الزواج؛
– جوازات السفر؛
– رخص السياقة بمختلف أنواعها؛
– بطاقات الإقامة المخصصة للأجانب المقيمين بالمغرب؛
ومختلف البطائق الشخصية والشواهد المسلمة من قبل الإدارة.
المادة 22
تكتب باللغة الأمازيغية، إلى جانب اللغة العربية، البيانات المضمنة في القطع والأوراق النقدية، والطوابع البريدية، وأختام الإدارات العمومية.
المادة 23
تعمل السلطات الحكومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وسائر المرافق العمومية على توفير الوثائق التالية باللغتين العربية والأمازيغية:
– المطبوعات الرسمية والاستمارات الموجهة إلى العموم؛
– الوثائق والشهادات التي ينجزها أو يسلمها ضباط الحالة المدنية؛
– الوثائق والشهادات التي تنجزها أو تسلمها السفارات والقنصليات المغربية.
المادة 24
تلتزم الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وسائر المرافق العمومية بتوفير بنيات للاستقبال والإرشاد باللغة الأمازيغية. كما توفر خدمة مراكز الاتصال التابعة لها باللغة الأمازيغية.
المادة 25
تعمل إدارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وسائر المرافق العمومية على تأهيل موظفيها المعنيين بما يمكنهم من التواصل باللغة الأمازيغية مع المواطنين المتحدثين بها واستعمالها في تقديم الخدمات العمومية.
المادة 26
تدرج اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية ضمن المواقع الإلكترونية الإخبارية للإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وسائر المرافق العمومية الأخرى.
الخلاصة: مواد القانون التنظيمي وتدابير تفعيل ترسيم الأمازيغية بالإدارات واضحة، واللبس والفهم الخاطئ الذي يجب توضيحه هو أن كل هذه المواد والمقتضيات القانونية تتحدث عن الإجراءات الفعلية التي تهم الوثائق والبيانات والشواهد والمواقع الإخبارية، أي تنص على استعمال اللغة الأمازيغية المكتوبة، وعندما تتحدث عن التواصل فتقصد تواصل الموظفين مع المرتفقين للاستجابة لحاجياتهم وطلباتهم وإعداد الوثائق المطلوبة، وليس تخصيص أعوان للإرشاد والتوجيه في فضاء المرافق، أو الاكتفاء بمجرد يافطات بحرف تفيناغ في واجهات الإدارات دون العمل على اعتماد الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية للدولة داخلها وفي خدماتها العمومية والخاصة كما ينص على ذلك القانون.
هيا إلى العمل والتفعيل، وإذا لم تستطع الحكومة والإدارات والقطاعات المعنية والجماعات الترابية وضع تصوراتها ومخططاتها وبرامجها التكوينية لتوظيف وتأهيل الموارد البشرية ولتفعيل المقتضيات القانونية، وتفتقر إلى الكفاءات الضرورية لذلك كما تأكد بكل وضوح، فالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية هو المؤسسة الدستورية التي أوكل لها الدستور والقانونان التنظيميان مهام الاقتراح والدراسة والإشراف والتتبع؛ لتنفيذ مقتضيات القانون التنظيمي من لدن الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة والقطاعات الحكومية والجماعات الترابية. ففعلوا الدستور، والله المستعان.
باحث في الشأن الأمازيغي، رئيس الجامعة الصيفية أكادير