فيروس كورونا وناصر الزفزافي
إنه قد حان الوقت لمراجعة شعارات حراك الريف، وإطلاق سراح معتقلي هذا الحراك، والسماح برجوع المغتربين في المنفى بسببها، ووقف المتابعات التي فتحت بمناسبتها، وذلك ليس مجرد رغبة منا، بل هي واقع فرضه الفيروس المنتشر في المغرب..
فمن شعارات هذا الحراك مثلا: “الموت ولا المذلة”، والآن قد تجاوز عدد القتلى بهذا الفيروس مائة مغربي ومغربية، حسب إحصاءات وزارة الصحة، وينتظر الكثيرون الموت. ومن حسن الاختيار للذين يريدون الخير للناس أن يفهموا أن الموت محقق، ومن الخير أن لا نموت مع المذلة، وينقلب عندنا الشعار بالرغم منا هو “الموت مع المذلة”.
وشعار “الأحزاب دكاكين سياسية” وقد أغلقت الأحزاب أبواب مكاتبها، وأوقفت الاجتماعات مع إغلاق المقاهي وكثير من أبواب الدكاكين التجارية…
وشعار “ممنوع السياسة في خطب المساجد” قد تحقق أيضا بإغلاق المساجد والتجمعات الدينية…
ومن أهم ما يستنتج من زعماء هذا الحراك سبقهم لطرح هذه الشعارات وسجنهم من أجلها. أنهم يتوفرون على نظرة سياسية لاستباق الشعور بالخطر قبل وقوعه.
وناصر الزفزافي خاصة هو زعيم سياسي معتقل، واعتقاله في هذه الظرفية يطرح سؤال: لصالح من هو معتقل؟
في يقيني ومعرفتي أنه ليس في صالح الدولة المغربية؛ ولكن هو مسجون خاصة لصالح بعض النخب السياسية الريفية، وخاصة الذين استفادوا من المناصب السياسية، وكانوا من الطبقة الشعبية وتقربوا من دوائر عليا بالمناورة لجلب الأموال ورئاسة الأحزاب والوظائف… ولا نحتاج إلى ذكر الأسماء…
ولصالح بعض الأحزاب السياسية التي فضحها الزفزافي بالمنطقة، وتعيش باعتقاله خائفة من خروجه علما بأن الأحزاب والنقابات لم تعد تتوفر على أي زعيم، وإنما تتوفر على رؤساء وكتاب عامين ليس لهم صفة الزعماء الذين ماتوا مثل المهدي بنبركة وعبد السلام ياسين، ومحمد بن حسن الوزاني وامحمد بوستة وأبراهام سرفاتي…
ولصالح بعض النخب المستفيدة من التهريب والكيف، ونخب الكوادر النافذة بالثقافة والنفوذ التقني والفكري، لأن ناصرا ليس من نخب العلم وكوادر الجامعات.. بل هو من بين المحرومين المهمشين، ومن عائلة شعبية محترمة.
ويتوفر ناصر على صفة الزعيم السياسي التي منها أنه لم يصطنع، وإنما برز في التجمعات العمومية، ومن طحن محسن فكري وهو شجاع لا يثنيه الخوف ولا المال ويمثل طبقة شباب وفقراء الريف الذين لم يهربوا إلى الخارج وله سمعة عالمية ومحلية، ويمثل في شخصيته وسياسته جانبا من الحركة الأمازيغية الأصيلة، وتراث محمد بن عبد الكريم الخطابي، وهو لم يعتقل ومعه سلاح، وإنما معه شجاعته وذكاؤه، ولم يثبت أنه يؤمن بالعنف، وهو خطيب ليس له مثيل في المغرب الحالي… وهو تحفة سياسة يجب صيانتها والحفاظ عليها..
وقد حاولت في مقالتي السادسة هاته حول أثر كورونا علينا أن أبرر العريضة التي تهدف إلى إطلاق سراح هؤلاء السجناء، باعتبار الريف منطقة ذهبية فيها نخب بالداخل وخارج المغرب، بينها حسابات سياسية واقتصادية كافية لتولي إيجاد الحلول دون اللجوء إلى السجون