المتطرفون وطمس معالم الثقافة الأمازيغية في المغرب
يعرف الأمازيغ بتشبثهم بتقاليدهم وعاداتهم، التي تحتفي بالحياة، وتعبّر عن قيم التسامح والتعايش في ما بينهم، وتمنح المرأة حريتها للتعبير عن مشاعرها ورغباتها من دون قيود، لكن في السنوات الأخيرة، شنّ متطرفون حرباً ضدّ هذه العادات معتبرين أنها تنتمي للعصر الوثني، وتتناقض مع تعاليم الإسلام.
“طمس هويتنا الثقافية”
“يسعى المتطرفون إلى نشر الإسلام الأصولي، وطمس هويتنا الثقافية”، يقول إبراهيم، وهو شاب أمازيغي، يعيش في قرية “أيت زينب” في ضواحي مدينة ورزازات جنوب المغرب، ويُضيف “هؤلاء المتطرفون يستهدفون النساء، لأنهنّ يحظين بمكانة مهمة في المجتمع الأمازيغي، ويرسخون في أذهانهن مجموعة من الأفكار من قبيل أن ارتداءهنّ للملابس الملونة حرام، وأن عليهنّ إزالة الوشم من عن أجسادهنّ”.
وحذر نشطاء أمازيغ من وجود جماعات تتبنى الفكر المتشدد، تعمل على إقناع أهالي القرى الأمازيغية بأن ما يمارسونه من عادات وتقاليد متناقض مع الإسلام.
“أمهاتنا وجداتنا لم يكن لديهنّ وعي بأمور الدين”
كانت أعراس وحفلات المناطق الأمازيغية لا تخلو من رقص “أحيدوس”، وهو أحد فنون الرقص الجماعي الاستعراضي، وتشارك فيه النساء إلى جانب الرجال، لكن في السنوات الأخيرة، أصبحت بعض العائلات الأمازيغية، تمنع هذه الرقصة بذريعة أنها حرام.
وفي هذا الصدد تقول حنان، شابة أمازيغية تعيش في قرية “أيت زينب” نواحي مدينة ورزازات، “كنا في السابق نرقص “أحيدوس”، لكنّ الفقهاء شرحوا لنا أن من ترقص إلى جانب الرجل، سيقع عليها عذاب الله. إن أمهاتنا وجداتنا لم يكن لديهنّ وعي بأمور الدين.”
وترمز رقصة “أحيدوس” إلى الاحتفاء بالحياة والحب في المجتمع الأمازيغي، للتعبير عن أمور الحياة اليومية.
“لا يمكن أن أتخيل حياتنا من دون رقص واحتفاء بالحياة”
يدين نشطاء أمازيغ تصاعد الخطاب المتشدد والفتاوى التي تمنع النساء من الرقص، معتبرين أن رقصة “أحيدوس” تعبّر عن تحرر المرأة الأمازيغية، ويوضح سعيد من مدينة خنيفرة الواقعة بين جبال الأطلس المتوسط، “لا يمكن أن أتخيّل حياتنا من دون رقص واحتفاء بالحياة، وسماع صوت النساء وهنّ يغنين في أعالي الجبال للتعبير عن مشاعرهنّ”.
“وشمت جسدي لأنه جزء من عاداتنا”
يضيف، “يرغبون في تجريدنا من الحياة، لكن هم بذلك يُجردوننا من ثقافتنا وهويتنا”.
وبعدما كان الوشم الأمازيغي رمزاً لجمال المرأة في المجتمع الأمازيغي، أصبح مصدراً للنبذ والعار، وتوضح مينة (61 سنة) تعيش في مدينة ورزازات جنوب المغرب، “كنت قد وشمت جسدي لأنه جزء من عاداتنا، لكن لم أكن أعلم حينها أنه حرام، وأن الله يلعن المرأة التي تضع الوشم”.
ويُعد الوشم في الثقافة الأمازيغية تعبيراً عن هوية الإنسان الأمازيغي، وتضعه النساء في حفلات الزواج أو عند بلوغهنّ، وهن يرددن أشعاراً للتعبير عن شوقهنّ وحبهنّ لشريك الحياة.
“الأفكار المتطرفة الدخيلة على المجتمع”
يشار إلى أنه من أبرز صور الوشوم في الثقافة الأمازيغية، رموز الشمس، والنجوم، والعقرب وحتى غصن الزيتون، والثعبان، ويحاول نشطاء أمازيغ التصدي للفكر المتشدد الذي يهدف إلى طمس الهوية الأمازيغية، وجعل الأمازيغ يشعرون بالخوف من عذاب الله معتقدين أن طقوسهم منافية للإسلام.
ويذكر رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، بوبكر أونغير لـ”اندبندنت عربية”، أن “الأفكار المتطرفة الدخيلة على المجتمع، تهدد التنوع الثقافي والغنى التاريخي والحضاري الذي كان يعيشه المغاربة منذ قرون في حضارات سابقة”.
عادات تندثر بسبب الفتاوى
يضيف رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، “الفكر المتطرف أثّر سلباً على الجانب الثقافي، وعلى مجموعة من العادات، مثلاً في قرى بسوس جنوب المغرب، كانت هناك عادة، وهي عبارة عن طقوس احتفالية بعد عيد الأضحى مباشرة، ويُطلق عليها باللغة العربية “بوجلود”، ويتابع، “هذه العادة بدأت تندثر بسبب الفتاوى، والأفكار المتطرفة التي تعتبرها مرتبطة بالأفكار الوثنية، لكن في الحقيقة هي احتفالات وطقوس الهدف منها البوح المباشر والمكاشفة بين الرجال والنساء بالشعر والغناء لأجل الفرجة”.
ويمضي بوبكر أونغير قائلاً، “هناك عدد كبير من العادات والتقاليد الأمازيغية اندثرت بسبب الفكر المتطرف الذي بدأ يغزو المجتمع المغربي، ونحن أمام ضعف واستسلام مؤسسات التنشئة الاجتماعية أمام الفكر المتشدد الذي أصبح عبئاً على الحضارة الإنسانية”، ويدعو إلى ضرورة إعادة الاعتبار للتنوع الثقافي على الصعد الاجتماعية والتعليمية والجمالية، مشدداً على “أهمية الاحتفاء الرسمي بهذه العادات، كرسالة لمن في داخل المغرب وخارجه، أن هذا تراث مهم ويجب الحفاظ عليه، ولا يتناقض مع تعاليم أي دين أو جنس أو لغة”.
يضيف، “يجب أن تلعب الدولة دوراً مهماً في تشجيع الثقافة الأمازيغية، وتحتضن معارض الوشم، لكنّ الإشكال الكبير أن هناك نوعاً من الانهزامية أمام علوّ صوت الخطاب المتطرف الذي يغزو المجتمعات المغاربية بصفة عامة، ويهدد التراث الإنساني”.
إلهام الطالبي صحافية مغربية و معدة أفلام وثائقية وبرامج تلفزيونية
الخطر الحقيقي على الهوية الامزيغية هو عملية توطين الافارقة والتغيير العرقي والسكاني الكبيرة التي يقوم بها محمد سادس ومخزنه من اجل كسر الكتلة السكانية الامزيغية وتزنيجها ودعم حركات افريقية تقول ان المغرب ارض العرق الزنجي الاسود وليس الامزيغ