من قسم الوطن الى قسم العقيدة
قسم أساتذة التربية الإسلامية بوجدة ( يبدو انه حفل التخرج)، يعيدنا الى طرح قضية الهوية المغربية، فهل الهوية تعتمد على الانتماء الى الارض أم الانتماء الى الدين أم الانتماء الى العرق؟
الجواب تحدده الايديولوجية المنطلق منها، فإذا كان الجواب هو العرق كما سعت اليه مشاريع القومية العربية في المغرب( الأمة العربية) فقد فشلت، وإذا كان الجواب هو العقيدة الإسلامية ( الأمة الإسلامية) التي ترتكز عليها التيارات الإسلامية السياسية فقد فشلت ، ليبقى الانتماء الى الارض اي الى جغرافية محددة بتاريخها وبثقافتها …هو ما يحدد هوية الانسان في العصر الحديث اي هويته كمواطن ينتمي الى ارض/دولة بكل مقوماتها الثقافية والحضارية واللغوية.. اي ما يميز هذه الارض عن غيرها كتاريخ وثقافة وحضارة مثل بلدنا المغرب، وهذا ما دعت اليه الحركة الثقافية الامازيغية من قبل ووثقته في ميثاق أكادير سنة 1991, و شرعه الدستور سنة 2011.
فما وقع الآن بوجدة من تحريف لقسم الوطن ليصبح قسما للعقيدة ينبئ بتغلغل الايديولوجية الدينية المسيسة التي ترتكز على الدين وليس على الوطن، فبدلا من ان نرى هؤلاء الذين هم رجال التربية، ووظيفتهم ربط الناشئة بالوطن، يقسمون على الولاء للوطن نراهم يقسمون على الولاء والإخلاص للعقيدة في مشهد هو تحريف لمشاهد تخرج الضباط او تعيين المسؤولين الكبار .. التي يقسم فيها هؤلاء على الولاء للوطن ووحدته و على الولاء للشرعية السياسية والدينية وهو قسم يعتمد في جوهره على قسم الولاء للوطن.
فأن يتم تحريف القسم الوطني، الذي هو قسم الانتماء الى هذه الارض وهذا الوطن، الى قسم من اجل العقيدة والدين، نسميه ب” القباحات” التي يجب عدم السكوت عنها. فالخلفية الفكرية والايديولوجية وراء قسم اساتذة التربية الإسلامية تتضح في ما انتهى إليه القسم اي جوهره الاساسي وهو ما أقسم عليه الحاضرون اي :” ..أن اقسم على إخراج جيل ناسخ راسخ يعتقد النصر في دينه أن يكون منطلقا للنهضة مرة أخرى..”
فقراءة بسيطة لهذا القسم ينبؤنا بما يلي:
- الولاء للدين هو أسمى من الولاء للوطن وهو ما تقوم عليه الاديولوجية السياسية للجماعات الاسلامية بمختلف تلاوينها.
- الولاء للدين أهم من الولاء للوطن وهو نفس الايديولوجية السابقة.
- الدين هو منطلق اية نهضة وهو نفس المرجعية التي تمخض عنها الاسلام السياسي.
والفرق بين القسم الوطني وهذا القسم هو فرق بين ايديولوجيتين،: القسم الوطني يرتكز على روح وطنية تعتمد على الايمان بالانتماء الى هذه الارض، حضارة وثقافة وتاريخا.. تحددها هذه الجغرافية التي نسميها بالمغرب، أي وحدة الارض المغربية من البوغاز الى الگويرة والذي قدمت من اجلها أجيال من المغاربة من السبعينات الى الآن تضحيات جسام وستقدم في سبيل وحدته المزيد،. أما القسم الديني فيعتمد على فكرة ايديولوجية هلامية وهي ما ترتكز عليه أغلب الحركات الإسلامية السياسية.
فالولاء للوطن اسبق من الولاء للدين، لأن الوطن هوية جماعية سياسية ترتبط بالارض، يموت من اجلها المواطن.
اما الولاء للدين فهو روحاني يأتي بعد الوطن و سيسهل على معتنقه خيانة وطنه من اجل هذا الولاء الهلامي.
باحث وناقد و روائي أمازيغي ومن أكبر المساهمين في دينامية الكتابة الأدبية الأمازيغية. أصدر أول عمل أدبي سنة 1994 بعنوان «موزيا»، وهو مجموعة من الحكايات المشهورة في منطقته بالجنوب الشرقي. وأصدر بعدها أربعة مجاميع قصصية ورواية، كما ترجم قصة «المعطف» للكاتب الروسي نيكولاي غوغول إلى الأمازيغية.