مجلات وزارة الثقافة والهوية الوطنية: الفكر القومي بالمغرب غير جلده فقط
مر على الخطاب الملكي التاريخي لأجدير 20 سنة، ومرت 10 سنوات على دسترة الأمازيغية كلغة رسمية
وما زالت العقول القديمة المتشبثة بالفكر القومي العربي على حالها، لكنها لا تستطيع التعبير عن ايديولوجيتها القومية جهارا، لذلك تعبر عنها بطرق أخرى من خلال المراكز الثقافية التي أسندت لها.
مجلة “الثقافة المغربية” التي تصدرها وزارة الثقافة المغربية بقيت على حالها وفية لهويتها العربية فقط، وكان من المفروض فيها أن تعبر عن الثقافة المغربية في شموليتها وفي تنوعها، وعن ادبها سواء منه المكتوب بالعربية او المكتوب بالأمازيغية احتراما للشعب المغربي ولهويته ولثقافته وللغتيه…، وتطبيقا للدستور، والتزاما بالتعليمات الملكية في هذا الشأن والتي تعبر عنها الخطابات الملكية، لكن نرى ان هذه المجلة ما زالت خارج التغطية، وما زالت عرجاء بلغة واحدة، و لم تلتزم بعد بمغربيتها، اي
مغرب التنوع.. وما زالت تعيش اجواء الستينات من القرن الماضي وإن بايديولوجية التقية.
مرة أخرى يعبر مسؤولو مجلة وزارة الثقافة عن “عدائهم” للادب المغربي المكتوب بالامازيغية، وقد أشرنا في دراستين سابقتين عن تهميش هذه المجلة لهذا الادب بالشواهد وبالارقام، إحداهما رد على المسؤول عن المجلة التي انكر فيها هذا التهميش:
تعود هذه المجلة الثقافية والأدبية في عددها الجديد 42 الذي صدر هذا الشهر أي غشت 2021, إلى نفس التحدي، وكأنها تقول للادب المغربي المكتوب بالأمازيغية:” لا مكان لك لدينا، نطح راسك مع الحيط”.
في هذا العدد الجديد وهو بعنوان” سوسيولوجيا التراكم الثقافي بالمغرب”حضرت النصوص الإبداعية بالعربية وبالدارجة المغربية وغيبت الابداعات الامازيغية، لماذا؟
الجواب هو ان الفكر القومي الايديولوجي- الذي عانى منه المغرب كثيرا على المستوى السياسي والايديولوجي والهوياتي في الستينات والسبعينات من القرن الماضي- غير جلده فقط، فهو لا يومن بالاختلاف ولا بالتعدد ولا بالديموقراطية ولا بحقوق الانسان.. فمهمته هي استغلال هذه المفاهيم و اجترارها ليوهمنا بإيمانه بها في حين ان ممارسته تفضحه. نحن الآن في 2021 وما زالت العقلية الإقصائية عند أصحاب هذا الفكر كما هي رغم “تشدق” أصحابها بالديموقراطية وبالتعددية وبحقوق الانسان… وخير مثال هو المجلات الثقافية التي يحتكرون مسؤوليتها أو إصدارها ومن بينها مجلات وزارة الثقافة: ” الثقافة المغربية” و” الفنون” و” اقرأ” التي كان من الواجب الوطني احترام التعددية والتنوع المغربي فيها.. فلا مجال ولا حظ فيها للأدب المغربي المكتوب بالأمازيغية.
ورد في افتتاحية هذا العدد الجديد من مجلة ” الثقافة المغربية” – وكان من الأفضل تسمية المجلة ب ” الثقافة العربية” – ما يلي:
“الثقافة المغربية، عنوان كبير، فيه نجد هوية بلد، وأمة، وهوية فكرنا، وما عندنا من عقل وخيال، هما ما أتاح لناء هذه الخصوبة، التي هي تعبير عن وجود ماء يجري في تربتنا، هو ذلك الماء الذي طالما تحدث عنه العرب، باعتباره ما يضفي السيولة والسلاسة على الكتابة، وهو الماء الذي هو مصدر حياتنا ووجودنا على الأرض”.ص10.
ما يهم كاتبها اي المسؤول عن المجلة هو هذا الماء الذي يجري في تربة وطننا، اي ذلك الماء الذي يحمل الهوية العربية فقط: ” ذلك الماء الذي طالما تحدث عنه العرب”, وكأن كاتب الافتتاحية يعيش في أرض بشبه الجزيرة العربية..
تغير وجه المغرب كثيرا وتصالح مع ذاته ومع هويته ومع ثقافته الأمازيغية ومع تنوعه الديني الاسلامي والعبري…لكن ما زال البعض من المثقفين ذوي الاتجاه القومي يعيشون وهم ايديولوجية بائدة.
أما آن أن تغير وزارة الثقافة من هوية مجلاتها لتكون مغربية الهوية والثقافة واللغة تعبر عن الثقافة المغربية بعربيتها وبأمازيغيتها؟
أما آن أن تقوم بتنويع أطرإدارة مجلاتها لتعبرعن هذا التنوع اللغوي حسب مقتضيات الدستور المغربي وحسب التوجيهات الرسمية للدولة المغربية بدلا من أحادية لغة وايديولوجية من يسيرونها حاليا (العربية فقط)؟
وما زلنا ننتظر قوس قزح المغربي
Ar nttqql s tslit n unẓaṛ tamɣribit
باحث وناقد و روائي أمازيغي ومن أكبر المساهمين في دينامية الكتابة الأدبية الأمازيغية. أصدر أول عمل أدبي سنة 1994 بعنوان «موزيا»، وهو مجموعة من الحكايات المشهورة في منطقته بالجنوب الشرقي. وأصدر بعدها أربعة مجاميع قصصية ورواية، كما ترجم قصة «المعطف» للكاتب الروسي نيكولاي غوغول إلى الأمازيغية.