الإقصاء اللغوي للأمازيغية في العملة المغربية الجديدة: بين التزامات القانون وتحديات التنفيذ
تثير قضية عدم إدراج اللغة الأمازيغية في النقود المسكوكة الجديدة من فئة 20 درهم في المغرب نقاشًا حادًا حول تطبيق القانون والتنفيذ الفعلي للاعتراف بالهوية الأمازيغية في البلاد. باعتبار الأمازيغية هوية وطنية للمغرب تاريخيا، وتستحق أن تكون حاضرة على جميع رموز السيادة الوطنية، بما في ذلك الأوراق النقدية وكافة الوثائق الشخصية والرسمية وفي الحياة العامة.
وحيث ان الإطار القانوني المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية، فرمل تطورها وقيد ادراجها في النقود بمهلة زمنية طويلة حيث يشير القانون التنظيمي رقم 26/16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية إلى ضرورة إدراج حروف تيفيناغ (الأبجدية الأمازيغية) في الأوراق النقدية خلال مدة لا تتجاوز 10 سنوات من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية في سنة 2019. هذا يعني أن بنك المغرب، المسؤول عن إصدار النقود، ملزم قانونيًا بإدراج الأمازيغية في الأوراق النقدية بحلول عام 2029.
إلى الآن، يبقى لبنك المغرب مهلة قانونية تمتد لخمس سنوات إضافية لإدراج الأمازيغية في العملات النقدية، ولكن هذا التأخير في إدماج الأمازيغية في النقود الجديدة، وخاصة في النسخ التي تصدر حاليًا، يثير تساؤلات حول التزام المؤسسات المغربية بتنفيذ هذا القانون.
بالرغم من الإطار القانوني الواضح، فإن غياب اللغة الأمازيغية عن الإصدار الجديد للنقود من فئة 20 درهم يمكن اعتباره نوعًا من الإقصاء المتعمد، فالأمازيغية ليست فقط لغة رسمية بل هي هوية قومية لكل المغاربة بدون استثناء. لذلك، يجب أن تكون حاضرة بشكل فعلي وملموس في جميع مناحي الحياة العامة.
هذا الإقصاء يعكس عدم الاعتراف الكامل بالمكونات الثقافية واللغوية المتنوعة في المغرب، ويثير مخاوف من أن يكون هناك تسويف في تنفيذ القوانين المتعلقة بالأمازيغية. بالرغم من أن بنك المغرب لا يزال أمامه وقت قانوني لإدراج الأمازيغية، إلا أن عدم وجود أي خطوات تمهيدية في هذا الاتجاه حتى الآن يثير القلق.
ارى أن عدم إدراج اللغة الأمازيغية في النقود الجديدة يعزز الشعور بالتهميش بين الأمازيغ، خاصة في ظل التاريخ الطويل من النضال للاعتراف بثقافتهم ولغتهم، بعدما تعرضت للإقصاء من الحياة العامة للمغاربة وتعرضت للقمع ومحاولة طمسها وتعويضها بالعربية في مسلسل التعريب الذي دام لعقود من الزمن.
إن هذه النقود ليست مجرد وسائل للتبادل الاقتصادي، بل هي أيضًا رموز تعكس هوية الدولة وثقافتها. وبالتالي، غياب الأمازيغية في هذه الرموز يُنظر إليه على أنه استمرار لسياسات التهميش الثقافي.
على الرغم من وجود إطار قانوني واضح يلزم بإدراج الأمازيغية في الأوراق النقدية، إلا أن التطبيق الفعلي لهذا الالتزام لا يزال متأخرًا. بينما لا يزال هناك وقت أمام بنك المغرب للامتثال للقانون، فإن تأخر التنفيذ حتى الآن يعزز الشعور بأن الأمازيغية تُعامل بشكل ثانوي في السياسات العامة.
لذلك، من الضروري على المؤسسات المغربية أن تتخذ خطوات فعلية وعاجلة لإدراج الأمازيغية في العملات الجديدة، ليس فقط للامتثال للقانون، ولكن أيضًا لتعزيز الوحدة الوطنية والاعتراف بالهوية الوطنية والتعدد الثقافي الذي يزخر به المغرب.
اسامة لمين ناشط أمازيغي