بمناسبة اليوم العالمي للأم “تابرات اي يما”
إليك أمي العزيزة الغالية التي جعل الله الجنة تحت أقدامها، إليك اكتب أكتب هذه السطور وأنا أحن لفراقك ولبعدك عنا، إليك أيتها الأمازيغية التي تحملت أصنافا مصنفة من المعاناة والمكابدة والجد ونكران الذات من أجل أن ترعانا وتقوم بأكثر من واجباتنا دون أن تطلب أي مقابل، اليك أيتها المرأة المرأة أكتب هذه الكلمات التي لن تستوفي المكانة التي تحتلينها في قلوبنا، ولا قيمتك في مجتمعنا الأمازيغي، فاسمحي لي أيتها المرأة الرائعة أن أغور قليلا في ذكر أدوارك في حياة مجتمعنا.
أيتها المرأة الرائعة لم يخطئ أجدادنا القدامى في تسميتك ب(ثامغارث) كتأنيث لأمغار أي الرئيس أو القائد أو الزعيم، فأنت فعلا قائدة وزعيمة ورئيسة، ليس فقط لأسرتك الصغيرة ولكن لكل المجتمع. فأنت من تعانين الأمرين في تحمل المسؤوليات المتنوعة بدءا بالمسؤولية البيولوجية، حيث تضلين لمدة تسعة أشهر تحمليننا بين أحشائك وتتقلبين النوم يمينا ويسارا، وما أكثر معاناة الولادة التي عانيت منها في ظل غياب كلي للأطقم الطبية والمستوصفات، الا من بعض النسوة اللواتي يلعبن دور (القابلات)، فكم شاهدنا معاناتك وأنت تلدين مولودك وأنت تتمسكين بحبل مربوط بشجرة وتصرخين بأعلى صوتك عل الجنين يخرج ولكنه لا يخرج إلا بعد أن يكون قد أتعبك، وكم عدد النسوة اللواتي قضين نحبهن يوم مخاضهن. وبعد خروج الوليد وقطع صرته، تنسين كل شيء وتفرحين بالوليد وتزينين نفسك بالحناء، واحتراما لك فاننا نسميك ( ثامزورث) فالكل يلهث لزيارتك أيتها الرائعة ولا نسميك (النفيسة) التي تنقص من قيمتك. وتستمرين في إرضاع وليدك بحليبك الصحي الذي لا يقدر بثمن وبعطفك الأمومي، فأول ابتسامة يطلقها المولود تكون لك، وكم تسهرين الليالي في الاعتناء بالمولود، وكم خرقة صبنت في زمن لم يكن فيه شيء اسمه ب(بانبيرس)، وكم تحنيطة حنطت وليدك حتى لا يتعرض لمكروه، وكم وكم ووو. هذا المولود منك يتعلم فأنت أول مدرسة يتعلم فيها المولود لغته وثقافته وقيمه وأخلاقه. وكيف لا وأنت من حافظ على تاريخنا وعلى قيمنا وعلى لغتنا، فلولاك لضاع كل شيء. أيتها المرأة الأمازيغية الرائعة، لقد حباك الله تعالى بجمال طبيعي ليس له مثيل، جمالك جعل غزاة العرب زمن الفتوحات ينبهرون به ويخطفونك ليتمتعوا بك ويسلبوك حريتك باسم الدين ويبيعونك في أسواق بغداد بأغلى الأسعار. وبالرغم من محاولات الغزاة الجدد من تسويد حياتك وسجنك في برقع وهابي- أفغاني فانك ترفضين وتثورين على كل من أراد أن يشوه سمعتك أيتها الرائعة، أليست زينب النفزاوية جدتك؟ انك أيتها الرائعة أنت من يحرث الأرض، أنت من يغرس الأشجار، أنت من يربي الأبقار، أنت عمارة الدار، (أنت الزاز منك اللامبا ومنك الغاز)، أنت كل شيء. وما دمت كذلك فأبناؤك ينتسبون إليك، فليس في مجتمعك من يسمى ( ابن أبيه) رفضا لذكر اسم أمه. فكم من( ثاروا ن عايشة، ثاروا ن مناش، ثاروا ن ثميمونت …) في مجتمعك الصغير. أنت التي زرعت قيما إنسانية لم تستطع مختلف الشرائع قديمها وحديثها زرعها في البشرية، فانت منبع الشرف و الحب والكرم والرحمة والاخاء والعطف والحنان….الخ.
أيتها المرأة الأمازيغية الرائعة، ما أجمل تلك الرموز الموشومة على وجهك وعلى يديك الكريمتين، رموز حافظت بها لنا عن حكايات العصور والعصور لا يعرف معناها إلا الراسخون في ترابك والراضعون من لبنك. وما أجمل تلك الحلي التي تتزينين بها من دماليج وخواتم وخرسات وخلاخل، وما أروع زيك الأمازيغي الذي أبهر أعظم مصممي الأزياء في العالم واستلهموا منه زيا عصريا يباع بالملايين.
أيتها المرأة الأمازيغية الرائعة، من يتعلم منك لن يحتاج إلى فقيه يكدس ذاكرته بالأوهام ويشحن قلبه بالحقد تجاهك(المرأة عورة- المرأة أخت الشيطان- المرأة نجاسة- المرأة ناقصة عقل ودين، المرأة لا تصلح الا للنكاح…)، فأنت بحق منبع العقل، ومصدر الطهارة، وموطن الإيمان، ولولاك لما كان الإنسان.
باحث في الفعل العمومي الوطني والترابي