لا يمكن تعميم تدريس الأمازيغية بوتيرة التوظيف الحالية
هل يمكن لخيار الأستاذ المتخصص أن يحقق تعميم تدريس الأمازيغية بالتعليم الابتدائي؟
وهل يسمح التصور المعمول به حاليا بتنفيذ أحكام القانون التنظيمي في مجال التربية والتكوين؟
يحاول هذا المقال تقديم إجابه على هذا السؤال، وهو في الأصل جزء من العرض الذي قدمته قبل بضع أشهر في لقاء نظم بمدينة الناظور بحضور السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ومسؤولين مركزيين بالوزارة.
يبلغ عدد مؤسسات التعليم الابتدائي العمومي وفق أخر مؤشرات المنظومة، حوالي 7721، وعدد الأقسام بالتعليم الابتدائي العمومي حوالي 128108 قسم.
يبلغ عدد المدارس الخاصة بالتعليم الابتدائي حوالي 3121 مؤسسة.
إذن، إذا تم العمل بخيار الأستاذ المتخصص وبالمذكرة الوزارية 130 التي حددت تدريس 8 أقسام لكل مدرس، فهذا يعني أن الحاجة في التعليم الابتدائي العمومي تفوق 16000 مدرس متخصص.
الخلاصة هي كالاتي:
لا يمكن تعميم تدريس الأمازيغية بالتعليم الابتدائي العمومي بخيار الأستاذ المتخصص، وبوتيرة التوظيف الحالية حوالي 190 أستاذ السنة الماضية، وحتى بتوظيف 390 أستاذ خلال السنة القادمة كما تم إعلانه إن تم الالتزام بذلك فعلا ومستقبلا، لأن ذلك سيتطلب أكثر من 40 سنة من أفواج الخريجين في أحسن الأحوال.
الحل العقلاني والتدبيري لتفعيل مقتضيات القانون التنظيمي ومشروع تعميم تدريس الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين هو:
– إلزام المؤسسات الخصوصية بتدريس الأمازيغية باعتبارها ملزمة باحترام وتنفيذ المنهاج الدراسي الذي وضعته وتسهر على الالتزام به وزارة التربية الوطنية، وذلك بتوظيف وتكوين أساتذتها، ويكفي أستاذ لكل مؤسسة لتحقيق ذلك، أي حوالي 3121 مدرس في المجموع، والمدارس الخاصة تمتلك الإمكانيات المادية لتحقيق ذلك، ويمكنها الاستفادة من تأطير الأكاديميات والمديريات الإقليمية والمفتشين التخصصيين والمراكز الجهوية للتربية والتكوين.
– إعادة النظر في التكوين الأساس والمستمر لأساتذة التعليم الابتدائي واعتبارهم أساتذة ثلاثي اللغة،Enseignants trilingues ، بتعزيز مصوغات اللغة وديداكتيك الأمازيغية في عدة التكوين كما كان عليه التصور والتدبير في السنوات الأولى لإدماج الأمازيغية بمراكز التكوين، وقد اشتغلت في هذه المرحلة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين أستاذا مكونا في مصوغات اللغة والديداكتيك، وكانت التجربة ناجحة وواعدة، وللقي اقتراحي هذا خلال اللقاء التأكيد من المدير التربوي لمدارس مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية الذي قدم تجربتهم الناجحة في تدريس الأمازيغية بالمدارس التي تشيدها المؤسسة، حيث أكد أن كل مدرسي هذه الوحدات هم ثلاثي اللغة.
– وضع تصور وبرنامج عملي ملزم ومحفز للتكوين المستمر في اللغة الأمازيغية وديداكتيكها، وتعزيزه بمصوغات تحفيزية مرتبطة بالترقية والأداء البيداغوجي والمسؤوليات الإدارية.
– تحيين المذكرات التنظيمية السابقة التي صدرت خلال بدايات الإدماج، ومنها مذكرة تسمح بتدبير جداول الحصص على مستوى المؤسسات، والتنسيق بين المدرسين في توزيع المواد، حيث بإمكان أستاذ متمكن في تدريس الأمازيغية أن يدرس المادة لأقسام زميله الذي يعوضه في تدريس مادة أخرى كالعلوم أو الرياضيات لأقسامه، وهذا التدبير سيسمح بحل الإشكالات المرتبطة بالأساتذة غير الناطقين بالأمازيغية وكذا المرتبطة بوضعية المدارس والوحدات بالوسط القروي.
– الرفع من عدد مناصب التخصص وتوزيع تعيين أستاذة التخصص في الأمازيغية بين الابتدائي والثانوي، والشروع في تدريس الأمازيغية بالإعدادي والتأهيلي دون انتظار تعميمها بالابتدائي، وربما اعتبار السلك الثانوي المدخل الأساس بالموازاة مع التقدم في الابتدائي.
دون هذه الخيارات والتدابير، لن يمكن الالتزام بتنفيذ مقتضيات القانون التنظيمي وتعميم تدريس اللغة الأمازيغية بمنظومة التربية والتكوين حتى في أفق 30 سنة القادمة، خاصة باستحضار بقية الإشكالات والإكراهات التي تعاني منها المنظومة ومنطق الأولويات المرتبطة بالخصاص والمناصب المالية في بقية المواد الدراسية.
باحث في الشأن الأمازيغي، رئيس الجامعة الصيفية أكادير