فعاليات أمازيغية تعد بجر مؤسسات إلى القضاء للدفاع عن الحقوق والمكتسبات
صارت العديد من الفعاليات الأمازيغية تؤمن بإجماع بـضرورة “التفكير بجدية في المتابعة القضائية لجميع المؤسسات التي تخل بواجبها تجاه الأمازيغية”، بما أن “الاستمرار في التعاطي مع تمازيغت بالتجاهل شبه التام داخل العديد من المؤسسات العمومية، يشكل استخفافا بالقانون وبالالتزامات التي أفصحت عنها الدولة تجاه تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، حسب تعبير “إيمازيغن”.
ولم يكن مكسب إعلان “إيض يناير” عطلة رسمية مؤدى عنها نقطة نهاية “للنضال الأمازيغي”، الذي يعتبر أن “الطريق مازال شاقا وطويلا” أمام غياب “الإرادة السياسية لدى الدولة المغربية في تأهيل حقيقي للأمازيغية في الفضاء العام، باعتبارها من اللغات المهددة بالانقراض بسبب تراجع المتحدثين بها”، وهو ما جعل حماية الثقافة من المدخل القضائي نقاشا حيويا في الوقت الحالي بين نشطاء الحركة الأمازيغية.
عبد الواحد درويش، فاعل أمازيغي منسق سابق لحزب “تامونت للحريات” ذي المرجعية الأمازيغية، قال إن “التفكير في التقاضي يعد الآن أمرا حيويا بالنسبة للمدافعين عن مكانة الأمازيغية، بعدما اتضح أن هناك تراجعا حقيقيا على مستوى الحقوق اللغوية والثقافية بالنسبة للأمازيغية رغم دسترتها وترسيمها، وأيضا رغم إصدار قانون تنظيمي تحت رقم 26.16 بتحديد مراحل تفعيل طابعها الرسمي”.
وأكد درويش، في تصريح ، أن “اللجوء إلى سلطة مستقلة كالقضاء في ظل دولة الحق والقانون، هو إصرار على إلزام المؤسسات باحترام الدستور واحترام القوانين التنظيمية”، مبرزا أن “نهج مسلك التقاضي يتعين أن يظل آلية مطروحة لحماية الأمازيغية من المزيد من التراجع، بما أن العديد من المؤسسات العمومية تسير وفق ما يتجاوز كل المكتسبات القانونية التي راكمتها الأمازيغية، وعلى رأسها التنصيص عليها كلغة رسمية في الدستور، الذي يعد أسمى قانون من حيث تراتبية القوانين”.
وأبرز المتحدث ذاته أن “ثمة تراجعا تدريجيا في الالتزامات المتعاقد عليها في دستور 2011 في ما يتعلق بالأمازيغية، ووصلنا داخل الحركة الأمازيغية إلى قناعة بأنه ليس هناك إرادة سياسة حقيقية لتفعيل الطابع الرسمي لهذه اللغة”، مؤكدا أن “هذا الوعي رفع من منسوب الرغبة في التقاضي، بعدما جرب إيمازيغن كل الآليات الممكنة، من ترافع واحتجاج ومراسلات ووقفات واتصالات مع الأحزاب والحكومات”، وزاد أن “القضاء لن يكون من وجهة النظر التي نراها سوى في صف الأمازيغية تبعا لعدالة هذه القضية”.
على غرار ما تقدم به درويش كفاعل أمازيغي، لم ينف عبد الله بادو، عضو المكتب التنفيذي للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة “أزطا أمازيغ”، “أهمية التفكير في اللجوء إلى القضاء كخيار بالنسبة للفعاليات الأمازيغية”، لكن “شرط أن يكون ذلك مدفوعا بآليات ملزمة وملموسة للمؤسسات العمومية وللحكومة أيضا، من قبيل مراسيم وقرارات وزارية ومذكرات واضحة يمكن أن تحاسب هذه المؤسسات على عدم احترامها”.
وشدد بادو، في تصريح ، على أن “التنظيمات المدنية المدافعة عن الأمازيغية لن تتردد في سلك التقاضي إذا لم تحترم الهيئات القوانين التنظيمية المعمول بها، التي لا تخلق الحد الأدنى من الاعتراف بالأمازيغية كما بينا مرارا، لكن القانون التنظيمي الصادر في سنة 2019 حدد مدة للتنزيل، ووفق هذا المعطى يمكن محاسبة المؤسسات التي لم تحترم الفترة المحددة قانونا حسب كل نقطة منصوص عليها فيه”.
وأوضح الفاعل الأمازيغي أن “التقاضي يجب أن ننظر إليه كمدخل لتحصين الحقوق، وليس كآلية للمزايدة، وبالتالي اعتماد الآليات القانونية لا بد أن يتم وفق ما تتيح الآليات ذاتها، بمعنى أن جر أي مؤسسة إلى القضاء يتعين أن يتم وفق ما يلزمها القانون باحترامه”، موضحا أن “حتى المراسلة بالأمازيغية ليست ملزمة بالنسبة للعديد من المؤسسات، لهذا الحاجة اليوم هي قائمة على تأهيل آليات أخرى تستطيع أن تمنح الفرصة للقضاء للدفاع عن الأمازيغية”.
علي بنهرار