الأمازيغية والحرب في غزة
لوحظ أن للأمازيغية علاقة مباشرة مع القضية الفلسطينية مع أن المغرب وشمال إفريقيا عموما بعيد جدا عن مركز الصراع في الشرق الأوسط الذي هو فلسطين، ذلك لأن بعض الناس لا شغل لهم سوى العمل على ربط القضية الفلسطينية بالأمازيغ والأمازيغية رغم كل البعد الجغرافي والسياسي بين هذين الموضوعين.
يشاء البعض الهروع إلى الأمازيغية والأمازيغ كلما وقعت حرب بين إسرائيل والفلسطينيين ليحملوهم وزر ما يقع هناك، بل ويعمل هؤلاء على الربط بين القضيتين الأمازيغيية والفلسطينية رغم الإختلاف السياسي والأيديولوجي الكامن بينهما، وعوض تحميل الفلسطينيين أنفسهم مسؤولية ما يقع في بلدهم، أو إذا شئنا جدلا؛ تحميل العرب والمجتمع الدولي المسؤولية الأخلاقية والقانونية حول ما يقع هناك، لا يرى بعض الناس أمامهم سوى الأمازيغ ليصبوا جام غضبهم عليهم ويتهموهم بالعمالة والتصهين.
لقد لاحظت كيف تم شحن وسائل التواصل الإجتماعي بالمضامين والمحتويات التي تتهم الأمازيغ مباشرة والحركة الأمازيغية بالخيانة والعمالة لإسرائيل بسبب ما يقع من حرب في غزة في هذه الأيام، وهذه المحتويات بقدرما تهين الأمازيغ وتحملهم وزر أزمات لا ذنب لهم فيها وبعيدة عنهم كلية، بقدر ما تعمل على شحن نفوس البسطاء بالحقد والضغينة والكراهية تجاه الأمازيغ والأمازيغية، وذلك من خلال نشر الأباطيل والأكاذيب والإشاعات المغرضة التي لا تستند على دليل ولا منطق ولا حجة، بل تقوم على التهييج الأيديولوجي الأعمى والأرعن، وأستحضر هنا قولة للعميد محمد شفيق إذ قال ذات مرة :” التهييج أمر سهل، ولكن عواقبه خطيرة”، إذا لو كانت الحركة الأمازيغية حركة عميلة أو غوغائية لقامت بتأسيس خطابها على التهييج العاطفي والغوغائي عوض الخطاب العقلاني والمنطقي الذي تأسست عليه منذ البداية.
لا يخفى أن الأمازيغية بالمغرب كخطاب يقوم على مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا وعلى النسبية والعلمانية والعقلانية، لديها خصوم أيديولوجيين من الإسلاميين واليسار القومي العروبي، وهؤلاء عوض أن يعملوا على تقريب وجهات النظر ومناقشة الإختلافات بين ما يعتقدون أنه هو الصواب والحقيقة وبين ما يوجد لدى الغير ( الحركة الأمازيغية ) وذلك بناء على أرضية ديمقراطية تعتبر جميع الفرقاء السياسيين في البلد إخوة في المواطنة، يقومون بشيطنة الآخر المختلف أيديولوجيا واتهامه بالخيانة والتصهين والتطبيع مع الكيان الصهيوني من أجل نزع صفة الوطنية عنه وبالتالي تصفيته أيديولوجيا، وهذا الآخر في الحقيقة ليس أجنبيا بل هو مغربي يتقاسم معهم الأرض والوطن والحقوق والواجبات،ولا يجدون أية وسيلة أخرى أمام تطور خطاب الحركة الأمازيغية وانتشاره في الدولة والمجتمع عموديا وأفقيا سوى نشر الإشاعة المغرضة والأكاذيب والمغالطات، إنها رقصة المذبوح، فهتين الأيديولوجيتين غارقتان في الرومنسية والأحلام، بعيدتان كل البعد عن الواقع السياسي والإجتماعي لبلدهما المغرب، وعن واقع العرب والمسلمين الموسوم بالتبعية والتخلف العميق، ولا تستحضران الواقع الدولي الذي تهيمن فيه القوى العظمى على القرار السياسي والإقتصادي في العالم، ويظهر ذلك جليا من خلال الشعارات التي يرفعها أنصارهما في المظاهرات التي ينظمونها تضامنا مع غزة ومع فلسطين عموما، وكذلك في خطابهما الذي يعج بالتناقضات والمغالطات.
وكهذا فعوض توجيه أصابع الإتهام إلى الدولة مباشرة يقوم هؤلاء برمي الأمازيغ بالتطبيع مع إسرائيل متناسين أن الدولة المغربية هي التي وقعت اِتفاقيات ربط علاقات دبلوماسية واقتصادية مع دولة إسرائيل في إطار المنطق البراغماتي السياسي الذي ترى الدولة أنه هو المدخل لتسوية القضية الوطنية الأولى التي هي قضية الصحراء المغربية، مع ضرورة الإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي هو الذي وقع على هذه الإتفاقيات عندما كان يقود النسخة الثانية من حكومته مابين 2017 و2022.
ولعل الملاحظة الأساسية التي يمكن أن يلاحظها أي إنسان حتى ولو كان لا ينتمي إلى أية أيديولوجية أو أي تيار سياسي هي أن هؤلاء الإسلاميين واليساريين القوميين يغيب عندهم الحس الوطني، فتراهم لا يهتمون البتة بالقضايا الوطنية بل ويعتبرونها ثانوية أمام القضايا القومية مثل القضية الفلسطينية، وأبسط مثال على ذلك أنهم لم يتضامنوا مع إخوانهم المغاربة الأمازيغ سكان الأطلس الكبير ضحايا زلزال الحوز، ولم يعلنوا عن أي إجراء معنوي تجاههم، ولا سمعنا لهم أية بلاغ أو بيان تضامني معهم، أما فيما يخص القضية الوطنية التي هي قضية الصحراء المغربية فبعضهم لا يعبر عن أي موقف إيجابي منها، والبعض الآخر يتخذ من الغموض وسيلة للتعبير عن موقفه تجاهها وهو بذلك يرغب في إضعاف موقف الدولة أمام الشعب، وبعضهم الآخر يعبر عن موقف سريالي ويعتبر أن قضية الصحراء يمكن أن تحل بعيدا عن تدخل المجتمع الدولي والقوى العظمى، وهذا هراء وموقف أيديولوجي يدغدغ عواطف البسطاء من الأتباع وعموم الناس و لايستند إلى الواقع، كما لا يقوم بقراءة موضوعية للوقائع والأحداث والمعطيات الجيوسياسية والعلاقات الدولية.
لابد من الإشارة إلى أن موقف الحركة الأمازيغية من القضية الفلسطينية موقف واضح ولا يمكن لأي راغب في زرع الفتنة والبلبلة بين أبناء الوطن الواحد أن يزايد عليها في ذلك، وهو موقف معبر عنه في الوثائق الرسمية للحركة والأدبيات والبيانات المنشورة في الإنترنيت، هذا الموقف نابع من المبادئ الإنسانية العليا التي تعتبر جميع بني البشر متساوين في الحقوق والواجبات وبالأخص الحق في الحياة والعيش بكرامة، بغض النظر عن إنتمائهم العرقي أو اللغوي أو الطائفي أو الديني، والتضامن مع جميع الشعوب المظلومة والمقهورة في الأرض واجب إنساني مقدس، وبهذا فالتضامن مع فلسطين ومع سكان غزة الذين يتعرضون الآن للإبادة الجماعية من طرف الآلة العسكرية الإسرائيلية هو عدوان وظلم واضطهاد للإنسانية جمعاء، وجريمة حرب ضد شعب أعزال وضد المدنيين الأبرياء الذين تنص جميع العقائد والأديان والشرائع، وكذا جميع الإتفاقيات الدولية والقانون الدولي الإنساني على حمايتهم.
إن تناقض الإسلاميين واليساريين القوميين واضح وجلي، فتضامنهم مع الفلسطينيين ليس نابعا من الحس الإنساني السليم والبريئ بل هو تضامن أيديولوجي مصلحي ظرفي، فلماذ إذن لا يتضامنون مع شعب الروهينغا الذي يضطهد ويذبح من طرف الميليشيات البوذية الموالية للنظام في ميانمار؟ ولماذا لا يتضامنون مع شعب الإيغور الذي يضطهد ويذبح من طرف الدولة الصينية؟ ولماذا لم يخرجوا في مسيرات لنصرة هذين الشعبين المظلومين والمقهورين وكل الشعوب المظلومة والمقهورة؟
إن هؤلاء المؤدلجين من التيارات المذكورة يقفزون على الحقائق والوقائع السياسية والتاريخية ويغمضون أعينهم عنها، ولا يرغبون في الإعتراف بها، وهكذا فالتطبيع مع دولة إسرائيل ليس الأمازيغ من قاموا أو يقومون به، بل نلاحظ أن العرب و الدول العربية كانوا سباقين إليه، وصارت تربطهم علاقات اقتصادية وسياحية مع الإسرائيليين، وحتى فيما يخص وضع المغرب، فالعلاقات مع إسرائيل ليست وليدة اليوم ولا بسبب قضية الصحراء المغربية، بل ترجع إلى عقود خلت، وهناك شخصيات سياسية وثقافية وفنية واقتصادية من المجتمع المغربي من غير الأمازيغ تربطها علاقات وطيدة مع إسرائيل، لكن لا أحد يتحدث عنهم أو يشير إليهم، وتجدر الإشارة هنا أنه لايجوز الخلط بين اليهود المغاربة الذين لهم حق المواطنة وبين الصهيونية العالمية التي اغتصبت أرض شعب هو الشعب الفلسطيني، فهما أمران مختلفان كلية.
باحث في القانون والعلوم السياسية
مناضل وباحث في الثقافة الأمازيغية
عضو جمعية ازمزا بتارودانت و رئيس جمعية أريناس بتارودانت
بوق الجزيرة القطري النباحي و أمثالها من مكبرات ضجيج العروبة إلى جانب ببغاوات مستعربة لا تفكر لكنها وفية ، تعيش على الفتات داخل قفص العروبة وتكرر ما يقوله أسيادها ..يضحكون على البسطاء الأغبياء و يتلاعبون بعقولهم ومشاعرهم موظفين الدين والقداسات العربية الخرافية في حرب سياسية تاريخية. إعلامكم يركز على الخداع ، التضليل والتحريض . نعم تدعمون فلسطين بالعوى والدعاء. يجلسون على الكراسي الدافئة داخل الصالونات الفخمة و يضيفون قادة حماس في خمسة نجوم في قطر ثم يحرضون البسطاء على الإنتحار. الاطفال تموت بسبب طموحاتكم القومجية المتهورة . بطولة حماس إنتهت في فلم قصير مقزز ثم تختبئ بين الأطفال والنساء تحت… Lire la suite »