رأس السنة الأمازيغية 2974 : سنحتفل…لكن


بدأت تتقاطر الإعلانات هنا وهناك معلنة الاستعداد لتنظيم تظاهرات علمية وفنية احتفالا بدخول السنة الأمازيغية الجديدة 2974. كل المؤشرات تؤكد أن احتفالات هذه السنة ستكون استثنائية، خاصة وأنها تنظم لأول مرة بعد القرار الملكي ليوم 3 ماي 2023 القاضي بجعل رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة مؤدى عنه، ثم حددت الحكومة يوم 14 يناير، باعتباره فاتح السنة الأمازيغية ثم خرج بعد ذلك في الجريدة الرسمية بوصفه من الأعياد. وهذا ما يعطي لاحتفالات هذه السنة نكهة خاصة، لأنها تنظم في ظل الاعتراف، بعدما كانت السنوات السابقة تستثمر للمطالبة.

ليس غريبا إذن أن تتسابق الجمعيات والجماعات الترابية والمؤسسات الحكومية، والأحزاب السياسية، وحتى المؤسسات الخاصة والأفراد لإعلان احتفالهم بهذه المناسبة، بعدما كان ذلك، قبل 20 سنة، خاصا بالجمعيات التاريخية الأمازيغية. هي إذن مدة كافية لكي تتبنى الدولة المغربية أحد آخر المطالب التي سطرها الجيل المؤسس للحركة الأمازيغية في المغرب، بعدما تحقق مطلب الاعتراف الدستوري منذ 2011.

لا أحد ينكر ما تحقق في هذا الموضوع خلال العقدين الأخيرين، ومن أهمها توفير الترسانة القانونية (الدستور والقانون التنظيمي) والأسس العلمية (تهيئة اللغة مؤسساتيا)، ثم ازدياد الاحتضان الشعبي للموضوع، من أجل تحقيق الإقلاع المنشود للغة الأمازيغية.

لكن هذه المكتسبات على أهميتها، والمرفوقة بعدة مثبطات في عدة مجالات، وتماطل مس مستويات عدة، يجعل الاعتراف بالأمازيغية دستوريا شبه موقوف التنفيذ، لأن المعيار الوحيد لقياس تأثير المكتسبات على واقع الأمازيغية هو تزايد عدد الناطقين بها، ثم عدد الذين يكتبون ويقرؤون بها. وما دامت كل المؤشرات المجتمعية تؤكد العكس، وما دامت كل الإجراءات المتخذة لم تؤثر بعد لتخلق في الواقع المجتمعي الظروف الطبيعية لنقل الأمازيغية بين الأجيال، أفقيا و عموديا، فلا يمكن الاطمئنان لمستقبل هذه اللغة، المهددة بالانقراض حسب تقارير المنظمات الدولية المتخصصة.

وحتى الميزانية المعلنة عنها، على أهميتها، وجهت أساسا للجانب الرقمي، من أجل خلق مواقع إلكترونية مكتوبة بالأمازيغية مع العلم أن غياب قراء متمكنين من الحروف الأمازيغية، يجعل هذا الإجراء في السياق الحالي بدون تأثير مباشر على تطور هذه اللغة. وهذا ما يعني أن الأولوية في صرف هذه الميزانية يجب أن تعطى للأنشطة المساهمة في الحفاظ على اللغة الأمازيغية ونقلها بين الأجيال، ومنها التعليم باعتباره أولى الأوليات، ثم الإعلام المرئي والمسموع، فدعم الإنتاج الفني والأدبي في كل الميادين، والرسوم المتحركة والأنشطة الترفيهية الموجهة للأطفال…

إن قرار الاعتراف برأس السنة الأمازيغية يوم عطلة يستحق أن يحتفل به في أبهى صورة، لكن لا يجب أن ينسينا واقعا مريرا وهو استمرار غياب الشروط العامة لنقل الأمازيعية من جيل لآخر، ومن مظاهره عدم تزايد عدد الناطقين بالأمازيغية، وبالتالي استمرار تراجعهم، وهو ما قد تؤكده النتائج المنتظرة من الإحصاء العام للسكان المزمع تنظيمه خلال سنة 2024 .

الحسين بويعقوبي


1 Commentaire
Inline Feedbacks
View all comments
سوس .م .د

مبروك السنة الأمازيغية الجديدة على المغاربة و كل سكان شمال أفريقيا ، رغم أن كثير من الأمازيغ المستعربين يرون ذاتهم و تاريخهم بأعين العرب حتى ظنوا انهم عرب أكثر من العرب أنفسهم . العرب اليوم يبحثون كيف يقصرون الفرق بينهم و بين الشعوب المتقدمة رغم الموروث الثقافي الخرافي الجاهلي الثقيل الذي ترسخ في ذهنهم . بينما الأمازيغ المستعربين يقومون بالحارس الوفي والمدافع الشرس عن القومية العربية .