من يقف وراء إفشال ورش تدريس اللغة الأمازيغية؟
لازال ملف تدريس اللغة الأمازيغية يعاني الأمرين داخل المدرسة المغربية وإجهازات بالجملة على مكتسبات وحقوق هذه الفئة التي تنهال عليها مخططات الإفشال من كل صوب وحدب, حتى صار الدخول المدرسي بالنسبة لأستاذ اللغة الأمازيغية كحرب معلنة مسبقا, من طرف الوزارة والأكاديمية والمديرية الإقليمية وصولا إلى إدارة المؤسسة التي بدورها تعرقل ما استطاعت عرقلته في حدود صلاحياتها, إن هذا الحصار الذي تعيشه الامازيغية لهو تمهيد مكشوف نحو إفشال وإقبار هذا المشروع الذي ولد أجوفا يتيما بدون أن تعطي له الدولة أبسط شروط عيشه داخل منظومة التعليم من غير المذكرات الوزارية والبلاغات التي تبقى حبرا على ورق, فرغم كل الجهود المبذولة من طرف أساتذة هذه المادة وتضحياتهم في سبيل إنعاشها وإعلاء ساقها داخل المدرسة إلا ان الجهات المعنية لها رأي آخر, والمتتبع للدخول المدرسي هذا الموسم 2020/2021 سيعي حجم ما يقدمه أساتذة اللغة الأمازيغية كل من موقعه, ولعل آخرها هو الرفض والصد التام لما جاءت به مديرية المناهج في شأن التدبير الزمني لمادة اللغة الأمازيغية, ففي الوقت الذي ينادي فيه الأساتذة المتخصصين بتقليص عدد الأفواج , أضافت المديرية 6 ساعات بمعدل 9 أفواج و 30 ساعة عمل أسبوعيا, هذا التدبير الذي يتنافى كليا مع المذكرة الوزارية 130 الصادرة سنة 2006.
أما على مستوى المديريات الإقليمية فكل مديرية ترقص على حبلها الناعم دون مراعاة أدنى متطلبات هذا الملف الذي ظل يجر أذيال خيبته منذ ميلاده في شتنبر 2003, فلم تكترث ولو مديرية واحدة لسماع صوت أستاذ اللغة الأمازيغية الذي يبقى وحيدا وسط هذا الركام من اللغط والعشوائية دون موجه ولا مفتش ولا منتدب ولا حتى قانون تنظيمي واضح يخرجه إلى بر الأمان.
فمديرية الحسيمة مثلا كانت أسرع مديرية على المستوى الوطني بادرت في إخراج مراسلة تنظم فيها زمن مادة اللغة الامازيغية الذي حددته في 30 ساعة, فهي بدل ان تعيد النظر في التعيينات التي منحتها لأساتذة اللغة الامازيغية في مجال قروي (شقران_ والرواضي) دون مراعاة ما جاءت به مذكرة الوزير السابق محمد الوفا 14368 الصادرة في 10 شتنبر 2013 والتي تقر بتعيين اساتذة اللغة الامازيغية في المدارس التطبيقية والفروع التابعة للمراكز الجهوية, لأن تعيينات اساتذة اللغة الامازيغية لا يشكل أي ضرر على الخارطة التربوية حيث ان كل المدارس فيها خصاص, فلا يوجد أي معنى بتاتا ان تعين أستاذة في أعلى قمة بسلاسل جبال الريف وتترك خصاصا مهولا في المدارس القريبة من المركز الجهوي ضاربا كل المذكرات والإتفاقيات مع المعد الملكي عرض الحائط.
إن العقلية التهجمية على مكتسبات أستاذ اللغة الامازيغية كانت حاضرة حتى في مديرية الشاون وهذه المرة مع مديرة مدرسة تجبر بكل ما أتيت من قوة أستاذة اللغة الامازيغية على إعداد جدول زمني يشمل 30 ساعة بدل 24 .
أما على مستوى العرائش ووزان والفحص انجرة فحدث ولا حرج عن تعيينات ظالمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى, حيث تعدى الأمر إلى تعيين أستاذة في فرعية قروية بعيدة داخل تراب الفحص أنجرة, وداخل تراب العرائش ووزان أجبر أساتذة بالتنقل على الفرعيات.
الأمور لم تقف إلى هذا الحد بل زادت تعقيدا عندما أصدرت مديرية طنجة أصيلة مراسلة تدبير الزمن المدرسي في صيغة التعلم بالتناوب, حيث غيبت فيها تماما مادة اللغة الأمازيغية واعتبرتها ضمن أنشطة الدعم التي سيدرسها التلميذ بمفرده بالمنزل ضمن التعلم الذاتي.
أما على مستوى التدريس عن بعد او بالتناوب فقد وقع شرخ كبير في مادة اللغة الامازيغية إذ تم تغييب الفرع اللغوي الخاص ب (تاريفيت) من على كل منصات التعلم عن بعد والقنوات التلفزية.
كل هذا يحدث في غياب مؤطرين منتدبين على مادة اللغة الأمازيغية, وغياب تفعيل لجن التتبع وخلايا اليقظة التي لم تفعل منذ ميلاد مشروع التدريس،لذا من حقنا أن نتساءل عن من يقف وراء بعثرة أوراق هذا الورش ومحاولة إفشاله وإلصاق دواعي الفشل في الأستاذ الذي لا حول له ولا قوة.
تبقى هذه الكلمات مجرد بوح صغير لمشاكل معقدة أخرى، وأعتقد في نظري أن جزء من حلها سيكون في إخراج مناصب تفتيش خاصة بمادة اللغة الأمازيغية والرفع من سقف المناصب الهزيلة التي تعطى لتخصص الأمازيغية في مباريات الولوج للمراكز.
عبد العزيز التوزاني