المتحولون الجنسيون في المغرب


تقديم وتوضيح:

كلمة “جنس” و”جنسي”، وكما هي مستخدمة في هذا المقال، لا علاقة لها بمعناها المستحدث في العربية لترجمة “Sexe”, “sexuel”, “sexualité”. بل تستعمل، وفي علاقتها بالهوية التي هي موضوع هذه المناقشة، بمدلولها الأصلي في اللغة العربية، والذي يعني الصنف البشري الذي ينتمي إليه هذا الشخص أو ذاك، أي القوم، والشعب، والهوية الوطنية، كما في مفهوم “جنسية” Nationalité، الذي يعني الانتماء الهوياتي والقومي لشخص ما، كأن يكون ذا جنسية مغربية أو إيرانية أو ألمانية… إلخ. وبهذا المعنى نفسه استعملنا، في مناقشات سابقة، عبارة “الشذوذ الجنسي”، التي قصدنا بها الشذوذ الهوياتي الذي لا علاقة له بالشذوذ الجنسي الأخلاقي. اللفظ العربي “جنس” يفيدنا إذن في استعمال تعبيري “الشذوذ الجنسي” و”التحول الجنسي”، لكن بدلالتيهما الأصليتين اللتين تخصّان الهوية والانتماء القومي الجماعي.

“المتحولون الجنسيون” و”التحول الجنسي” تعبيران يقابلهما بالفرنسية”Transsexuels”, “Transsexualité”, “Transsexualisme”. أما عندما يتعلق الأمر بالهوية، كما هو شأن هذا الموضوع، فسيكون مقابلاهما بالفرنسية هما: “Transidentitaires”, “Transidentité”. وما يجمع النوعين من التحول الجنسي هو الانتقال والعبور (وهو ما تعنيه كلمة trans) من جنس أصلي طبيعي إلى جنس آخر مكتسب. ففي حالة الأفراد المتحولين جنسيا، هناك انتقال وعبور من جنس الذكر إلى جنس الأنثى، وهي الحالة الغالبة عكس العبور من جنس الأنثى إلى جنس الذكر التي هي ظاهرة أقل انتشارا. أما عندما يتعلق الأمر بالهوية، وهو موضوع هذا المقال، فالتحول الجنسي هو انتقال وعبور من الجنس القومي الأصلي (جنس عربي، أمازيغي، تركي، فرنسي…) إلى جنس قومي آخر. وفي الحالة المغربية التي تعنينا، المتحولون الجنسيون هم الذين انتقلوا وعبروا من جنسهم الأمازيغي الإفريقي إلى جنس عربي أسيوي.

التحول الجنسي للأمازيغيين كأفراد:

ظاهرة التحول الجنسي بالمغرب، دائما بالمعنى الذي شرحناه والذي لا علاقة له بمفهوم “Sexe”، قديمة، بدأت مع انتشار خرافة “النسب الشريف”، بكل ما يرتبط بها من امتيازات، سياسية ودينية واجتماعية، كانت سببا لهذا الانتشار. هذه الخرافة العنصرية، التي خلقت واقعا غير خرافي، بل حقيقيا له تداعيات اجتماعية وسياسية واقعية وحقيقية، ستكون عاملا قويا لـ”عبور” الكثير من الأمازيغيين من جنسهم الأمازيغي إلى الجنس العربي، ممثّلين النماذج الأولى للمتحولين الجنسيين. ذلك أن من لم ينجح في انتحال “نسب شريف”، يكتفي بانتحال نسب قريب منه، وشرط له، وهو النسب العربي. وفضلا عن خرافة “النسب الشريف” هذه، فقد كان الخلط ـ ولا يزال ـ، بين العروبة والإسلام، عاملا قويا آخر لانتشار ظاهرة التحول الجنسي لدى الأمازيغيين، نظرا أن كل أمازيغي مسلم يرغب أن يكون عربيا حتى يتحسّن ويترقّى إسلامه، بسبب، كما أشرنا، الخلط بين العروبة والإسلام، الذي نتج عنه أن المسلم الحقيقي الكامل هو العربي الكامل، أي المنحدر من أصول عربية. ومن جهة أخرى، كان انتحال النسب العربي يساعد على الوصول إلى السلطة، مهما كان مستواها، لأن النبي كان عربيا، وخلفاؤه عربا، ولأن «الأئمة من قريش»، كما جاء في الحديث الشريف (رواه الإمام أحمد ين حنبل في “المسند”).

كل هذه العوامل جعلت العديد من الأمازيغيين يهربون من جنسهم الأمازيغي ويهرولون إلى الجنس العربي، صانعين لأنفسهم “نسبا شريفا” وأصلا عرقيا عربيا، يُشهرونه لنيل الحظوة والاحترام لدى أبناء جنسهم الأصلي من الأمازيغيين، ممارسين على هؤلاء نفس التفوق العرقي والاستعلاء العنصري، اللذيْن كان العرب يمارسونهما على الأمازيغيين في شمال إفريقيا إبّان الحكم الأموي.

قد نفسّر هذا الانتحال للجنس العربي من طرف الأمازيغيين، لاكتساب تفوق عرقي مزعوم، بمقولة “المغلوب يقلّد الغالب”. لكن الغلبة العربية هنا، لم تكن سياسية ولا عسكرية، بعد أن لم يعد لها وجود بشمال إفريقيا، وبشكل لا رجعة فيه، منذ “معركة الأشراف” سنة 123 هجرية، التي وضعت حدّا نهائيا للوجود السياسي والعسكري للعرب بشمال إفريقيا. لهذا فالغلبة التي استمر وجودها وحضورها بشمال إفريقيا، وخصوصا بالمغرب، ليست غلبة مادية (سياسية وعسكرية)، وإنما هي غلبة إيديولوجية تتمثل في تجذر إيديولوجية العروبة العرقية التي أصبحت مرادفة للإسلام، بسبب الخلط بينها وبين الإسلام كما سبقت الإشارة. فالأمازيغي استمر يقلّد العربي في نسبه وعرقه وعنصريته، رغم أن الحكم، سياسيا وعسكريا، هو أمازيغي وليس عربيا، وذلك منذ 123 هجرية كما ذكرنا.

وحتى يكون التحول من الجنس الأمازيغي إلى الجنس العربي كاملا مكتملا، لا ريب فيه ولا تحفّظ عليه، كان على المتحولين الجنسيين الأمازيغ أن يتكلموا، ويستعملوا نفس اللغة التي يتحدث بها العرب الحقيقيون حتى يظهروا، هم أيضا، كعرب حقيقيين. وهكذا خلق هؤلاء المتحولون الجنسيون الأمازيغ لغة “عربية” وهي الدارجة المغربية، التي استمروا من خلالها في التحدث بلغتهم الأمازيغية لكن بمعجم عربي. ولا تزال هذه الدارجة، ببنيتها ونحوها وصرفها وتعابيرها ومعانيها، تفضح الانتماء الأمازيغي الأصلي لهؤلاء المتحولين الجنسيين الناطقين بالدارجة (انظر موضوع: “من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟”).

رغم انتشار ظاهرة التحول الجنسي هذه، وإقبال الكثير من الأمازيغيين، للأسباب التي ذكرنا، على تغيير جنسهم الأمازيغي بجنس عربي، وتنكرهم لهويتهم الأمازيغية، وانتحالهم لانتماء عربي مزعوم، إلا أن ذلك ظل محصورا في الأفراد بصفتهم الشخصية، مهما كان عددهم، ولم يمسّ أبدا الهوية الجماعية للشعب الأمازيغي، ولا للدول التي تعاقبت على حكم شعوب شمال إفريقيا منذ نهاية الغزو العربي. ولهذا لم يكن لهذا التحول الجنسي، ذي الطابع الفردي، أي تأثير على هذه الهوية الجماعية للشعوب والدول الشمال إفريقية قبل 1912. فقد ظلت الهوية الجماعية لشعوب شمال إفريقيا، ولشعب المغرب الأقصى خاصة، وحتى بعد انتشار ظاهرة التحول الجنسي الفردي، هوية أمازيغية تبعا للهوية الأمازيغية لشمال إفريقيا. كما أن الدول، التي حكمت المغرب الأقصى، ظلت دولا بهوية أمازيغية مطابقة لهوية موطنها الأمازيغي بشمال إفريقيا. ولا يوجد أي نص مكتوب أو وثيقة تاريخية يتحدثان، قبل 1912، عن المغرب كبلد عربي، ولا عن شعبه كشعب عربي، ولا عن دوله كدول عربية. وهذا التمييز بين الهوية الفردية للمتحولين الجنسيين، وبين الهوية الجماعية للشعب وللدولة كهوية مستقلة عما يفترضه الأفراد هوية لهم، كان أمرا ثابتا وقائما ومعترفا به حتى عندما يكون هناك اعتقاد، نتيجة لانتشار التحول الجنسي، أن حاكم الدولة (السلطان) هو “شريف” من أصول عربية. وهذا ما انتبه إليه ابن خلدون، بعبقريته الفذة، في ما يخص إدريس الأول كسلطان للدولة بايعه الأمازيغيون، عندما كتب يقول في المقدمة: «ثم انتقض برابرة المغرب الأقصى لأقرب العهود، على يد ميسرة المظغري أيام هشام بن عبد الملك، ولم يراجعوا أمر العرب بعدُ واستقلوا بأمر أنفسهم، وإن بايعوا لإدريس فلا تعدّ دولته فيهم عربية، لأن البرابر هم الذين تولوها، ولم يكن من العرب فيها كثير عدد» (ابن خلدون، “المقدمة”، طبع دار البيان (بدون تاريخ)، صفحة 370). فهناك إذن تمييز واضح بين الانتماء الفردي، الحقيقي أو المفترض، للسلطان، وبين الانتماء الجماعي للدولة وللشعب، الذي هو انتماء مستقل عن الانتماء الأول. ولهذا عُرفت المنطقة عند العرب “ببلاد إفريقية”، للدلالة على الانتماء الترابي الجغرافي، أو “بلاد البربر” للدلالة على الانتماء الهوياتي إلى نفس الانتماء الترابي الجغرافي. ومعروف أن عبارة “المغرب العربي”، كانتماء جماعي مزعوم ومفروض، لم تظهر إلا في أربعينيات القرن الماضي.

هذا التحول الجنسي للأمازيغيين كأفراد، لم يكن فيه إذن ضير كبير ما دام أن الهوية الجماعية للشعب وللدولة بقيت أمازيغية، تابعة لهوية موطنها بشمال إفريقيا، ولم يؤثر عليها هذا التحول الجنسي للأفراد ليغيّر الجنس (بمعنى الانتماء الهوياتي) الجماعي للشعب وللدولة.

التحول الجنسي للأمازيغيين كشعب وكدولة:

لكن مع 1912، سيتغير الوضع الهوياتي بالمغرب رأسا على عقب، وذلك بعد أن أصبح التحول الجنسي للأمازيغيين، بالشكل الذي شرحناه، لا يقتصر على الأفراد فقط كما كان الأمر قبل 1912، بل أصبح يخص الانتماء الجماعي للدولة أولا، ثم للدولة والشعب بعد الاستقلال. فالمعروف أن فرنسا احتلت المغرب كدولة “حامية”، هدفها حماية نخبة المتحولين الجنسيين، وليس كل الشعب المغربي. وحتى تكون هذه “الحماية” فعّالة وناجعة، قامت بالتحويل الجنسي للدولة المحمية، حتى تتطابق هويتها مع هوية المتحولين الجنسيين، التي جاءت لحمايتهم. وهكذا خلقت، لهؤلاء المتحولين الجنسيين، دولة على مقاسهم ومذاقهم، أي دولة متحولة هي أيضا جنسيا، بانتقالها من جنسها الأمازيغي إلى الجنس العربي، الشيء الذي جعل الهوية الجماعية للدولة المغربية هوية عربية، وذلك لأول مرة في التاريخ.

ولما غادرت فرنسا المغرب في 1956، سلّمت الدولةَ العربية الجديدة، التي حوّلتها جنسيا، إلى المتحولين جنسيا الذين جعلوا منها دولة لهم، أي دولة عربية، بمعنى أنها دولة المتحولين الجنسيين. وهؤلاء سيستغلون إمكانات الدولة، المالية والقانونية والمؤسساتية، لنشر التحول الجنسي على نطاق جماعي واسع يشمل كل الشعب. وهكذا أصبح التحول الجنسي سياسة للدولة تنفق عليه الملايين لإنجاحه وتعميمه وفرضه على جميع الشعب. هذه السياسة هي التي تسمى بسياسة التعريب، أي تحويل الجنس الأمازيغي الإفريقي للمغاربة إلى جنس عربي. فكانت النتيجة أن ساد الاعتقاد أن الهوية الجماعية لهذا الشعب هي أيضا هوية عربية مثل هوية الدولة العربية، التي أنشأتها فرنسا “الحامية” للمتحولين الجنسيين.

وبدل أن يعي المتحولون الجنسيون شذوذهم الجنسي، ويعلنوا رفضه ومحاربته، ويجهروا بالتمسك بجنسهم الأصلي الأمازيغي، استمروا سادرين في تحولهم الجنسي، مستقوين بالدولة كدولة متحولة جنسيا، أي كدولة عربية، مرددين، كنتيجة لذلك، أن المغرب عربي وأن شعبه عربي.

التحول الجنسي: من عاهة فردية إلى آفة جماعية:

أوضحت الدكتورة “سيلفي سوزي ليجي” (Sylvie SESÉ-LÉGER)، وهي اختصاصية في التحليل النفسي، «أن النرجسية هي الميزة الغالبة لدى هؤلاء (أي المتحولين جنسيا) إلى درجة تسمح لنا بحصر حالتهم في أنها مرض النرجسية»(Sylvie SESÉ-LÉGER, “Transsexualisme”, Encyclopædia Universalis. URL : http://www.universalis.fr/encyclopedie/transsexualisme/),. وإذا كانت مظاهر النرجسية، لدى المتحول جنسيا، تتجلى في حبه الشديد لذاته إلى درجة أنه يريدها أن تكون أنثى تجتذب الرجال ويعشقونها ويتغزلون بها، فكذلك المتحولون من الجنس الأمازيغي إلى الجنس العربي نرجسيون بهذا المعنى، أي يحبون ذواتهم إلى درجة أنهم يتوهمون أنها ذات “نسب شريف”، وأنها تتحدث لغة أهل الجنة. وبذلك يحظون بالتفوق العرقي واللغوي، ويحصلون على شواهد الميز العنصري.

كما عرّفت نفس الدكتورة “سيلفي” التحولَ الجنسي على «أنه اضطراب عميق للشخصية والهوية الجنسية، والذي هو موضوع للطب النفسي والتحليل النفسي» (Ibid). ومثلما أن هذا الاضطراب، في الهوية الجنسية، يتجلى في كون الشخص المعني ليس أنثى حقيقية ولم يبق ذكرا حقيقيا، فكذلك المتحولون من جنسهم الأمازيغي إلى الجنس العربي، يعانون من نفس الاضطراب، لأنهم لم يبقُوا أمازيغيين حقيقيين كما أنهم ليسوا عربا حقيقيين. ومما يضاعف من معاناتهم واضطرابهم هو أن العرب الحقيقيين ببلدان الخليج، لا يعترفون بهم كعرب، بل يعتبرونهم دائما “بربرا”، كما كانت تعرف شعوب شمال إفريقيا في كتب التاريخ العربية. ولذلك لم تنجح مساحيق التعريب في إخفاء انتمائهم الأمازيغي، الذي يكشف حقيقتهم ويفضح زيفهم، مثلما لم تنجح مساحيق التجميل الأنثوية في إخفاء المناكب ذات الشكل الرجولي للمتحول جنسيا. وكما أن هذا الأخير ليس امرأة إلا في شكله الظاهر، فكذلك المتحولون من جنسهم الأمازيغي إلى الجنس العربي بالمغرب، ليسوا عربا إلا في الظاهر، أما حقيقتهم الكامنة تحت مساحيق التعريب، فهي أنهم أمازيغيون. وهذا ما سبق أن انتبه إليه الأنتروبولوجي الأميريكي دافيد هارت” (David. M. Hart) عندما كتب يقول: «قشّر مغربيا تجد أمازيغيا» (مذكور في بحث نشره ضمن كتابه “القبيلة والمجتمع في بوادي المغرب” (Tribe and Society in Rural Morocco).

فالتحول الجنسي، سواء كنرجسية أو كاضطراب في الشخصية كما شرحت الدكتورة “سيلفي”، هو إذن هو عاهة مرضية تصيب هذا الفرد أو ذاك.

ولهذا ما كان للتحول الجنسي بالمغرب أن يشكّل آفة جماعية، لو بقي مجرد عاهة، أي محصورا في المستوى الفردي للمتحولين الجنسيين، كما كان قبل 1912، ولم يصبح سياسة عمومية للدولة تكلّفها الملايين من أجل تحويل الشعب المغربي إلى شعب عربي. وتلك آفة جماعية وطنية حقيقية. فإذا كان التحول الجنسي للذكور إلى إناث لا يشكّل، كعاهة فردية، أي خطر على الدولة والمجتمع في المجتمعات الغربية، فذلك لأنه اختيار شخصي يدخل في إطار الحريات الفردية. لكنه لو أضحى ظاهرة جماعية وعامة يتحول معها جميع الرجال إلى نساء، فهنا سيصبح خطرا حقيقيا وآفة جماعية، لأنه سيهدد بانقطاع النسل البشري وانقراض الإنسان، لأن المتحول جنسيا لا ينجب بعد أن لم يعد رجلا يقوم بدوره الإنجابي، كما أنه لا يتوفر على أعضاء الإنجاب الخاصة بالمرأة التي تحول جنسيا إليها. وهكذا سيؤذن تعميم التحول الجنسي بنهاية الإنسان. ونفس الشيء يصدق على المتحولين من الجنس الأمازيغي إلى الجنس العربي: فعندما كانوا، كما سبقت الإشارة، مجرد أفراد ينتحلون النسب العربي نتيجة تعرّضهم لعاهة التحول الجنسي، لم يكن تحولهم الجنسي هذا يشكّل آفة جماعية فيها خطر على الجنس الأمازيغي برمّته. أما بعد 1912، لما تبنّت الدولة التحول الجنسي كإيديولوجية وكنظام لتسيير شؤون الدولة، يرمي، من خلال سياسة التعريب الإجرامية، إلى جعل كل الشعب المغربي متحولا جنسيا، فقد بات التحول الجنسي خطرا حقيقيا وآفة جماعية بأبعاد وطنية، لأنه ينذر بانقراض الجنس الأمازيغي إذا أصبح كل الشعب المغربي جنسا عربيا، كما تقضي بذلك سياسة التعريب، أي سياسة التحول الجنسي. وهذا ما تحاربه وترفضه الحركة الأمازيغية، أي تحارب وترفض التحول الجنسي، كآفة جماعية، أي كسياسة للدولة تهدد بانقراض الجنس الأمازيغي. أما في إطار الهوية الأمازيغية الجماعية للدولة المغربية وللشعب المغربي بجنسيهما الأمازيغيين، فلا أحد ينكر، كما في المجتمعات الغربية، حق الفرد ـ وليس الدولة وكل الشعب ـ في أن يختار التحول الجنسي، وينتحل النسب العربي “الشريف”، لكن مع اعترافه، هو كذلك، أنه أمازيغي هوياتيا وإن كانت أصوله عربية كما يريدها أو يتوهمها.

فعلى الحركة الأمازيغية أن تغير نظرتها إلى هؤلاء المتحولين الجنسيين، وتتعامل معهم كأمازيغيين كاملين في انتمائهم الأمازيغي. والدليل القاطع على امازيغيتهم هو أنهم ينحدرون من نفس الأصل المشترك الذي ينحدر منه كل الأمازيغيين، والذي هو الأرض الأمازيغية بشمال إفريقيا. بل يجب عليها أن تعتبرهم ضحايا لعملية تحول جنسي، وتعمل على علاجهم من هذه العاهة بتوعيتهم بجنسهم الحقيقي، الذي يحدده موطنهم بشمال إفريقيا.

أما المسؤول الأول عن هذه العاهة، فهي الدولة التي حولتها من عاهة فردية إلى آفة جماعية عندما نهجت سياسة التعريب، أي سياسة التحويل الجنسي الجماعي للشعب المغربي.


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments