بين اكسيل وعقبة… بين انتماء واستيلاب: تداعيات اختيار الزفزافي اسم اكسيل لابن اخيه


متابعي صفحتي القدماء يعرفون حتما نصوصي التي كتبتها حول عقبة بن نافع، لا اخفي اطلاقا مطالبتي كلما سنحت الفرصة في الكف من اعتباره مجاهدا مقدسا وعظيما وسيدا فوق رؤوسنا. انه مجرم حرب و عليك فعلا ان تكون مصابا بخلل ما لتعتبره قديسا وجليلا و هاديا الى الله ونبراسا منيرا، ومخرجك من الكفر الى الايمان!!!…وهلم جرا لباقي الاصنام البشرية المقدسة ظلما وبهتانا.

كنت قد شاركت ذات لقاء في ذات سنة بالدارالبيضاء في ندوة ثقافية ذكرت فيها عقبة بن نافع بصفة مجرم حرب.
كان الجو ثقيلا من شدة الصمت الذي حل في قاعة الندوة. عيون الناس تنظر متسائلة، لكنها لم تسال شيئا، فهي لم تعتد ان تسمع مثل هذا الكلام. لما انتهت الندوة قال لي احد المثقفين الامازيغيين بانه لا يجب ان نصدم الناس!.

لكني اعرف ان صدمة من حين لاخر تحرك العقول، تسرع من حركتها وتدفعها للتفكير والتساؤل…لكن ليس الجميع يحب الرياضة الذهنية، وتحريك عضلة الدماغ صعبة ومستحيلة على ما يبدو.

منذ زمن وعقبة اهتز عرشه من عقولنا ومن وجداننا. ولا اعرف منذ متى بدا زمن الاهتزاز هذا بالنسبة للكثيرين، اما بالنسبة لي لم يكن قط في عقلي ولا وجداني، لهذا لم يحتج الى اهتزاز لانه اصلا لم يكن له مكان حتى يهتز.

تعرفت على عقبة كغيري من التلاميذ الصغار في الإبتدائية، حفظنا اسمه كفاتح عظيم للمغرب، وقائد المجاهدين!!!!!.

وحفظنا كلمته الغرائبية التي تشبه نهايات قصص الخيال العلمي في الافلام الامريكية ..”يا رب، لولا هذا البحر، لمضيت في البلاد مجاهدا في سبيلك، انشر دينك المبين”.
باي طريقة ينشر دينه المبين!…بالسيف؟!..ذهب مع جنود وعاد مع جنود، عاد عقبة من الشاطىء الاطلسي مع 300 جندي عربي، فتلاقهم الملك اكسيل وقتلهم جميعا.

قال لنا المعلم ولن انسى نبرة صوته، كان المعلم راضيا بنهاية عقبة، قال لنا : “لقد هرب عقبة، لكن كسيلة تبعه وادركه في جسر، فقتله”. وانا كنت اتخيل ذاك المشهد واود لو اجعله في فيلم تاريخي عالمي.

كنت صغيرة وعشقت اكسيل، زعيمنا الذي قاتل الغزاة بكل استماتة ملك وفي لارضه. يجب ان يكون هؤلاء السلفيون مصابون بخلل نفسي وعقلي ليحقدوا على الملك اكسيل.

ابتسمت وانا صغيرة في خاطري، لان جدنا الملك دافع عن ارضه. ولم اكن ولا في اية لحظة اجد لهذا المشهد اي معنى سوى معنى الدفاع الجليل عن ارضنا امام الغازي تحت اي اسم سمى به غزوته، وتحت اي اسم برر به استيلاءه على اراضي الشعوب. لماذا لا تنطلي على بعضنا التبريرات مهما كانت تتوشح بالمقدس، بينما تنطلي على اخرين منا.!!!.

عقبة ليس له مكان عندنا، اننا لا نتذكره، وان قرانا عنه في غير المقررات الدراسية ففي مصادفات عبر مواقع الكترونية وادبيات اسلامية وقومية شرقية. ذاك شانهم. اما شاننا فنحن راضين كل الرضى بنهايته المستحقة.

اسمه وجد له مكان بالقوة السياسية التي فرضته على مؤسساتنا، لكن الناس وكما مع اي شىء يفرض عليها ولا تملك معه حيلة، تقابله بلا مبالاة. الا انه وقبل اسابيع، نشرت مواقع اخبارية عن احتقان بين سلفيين ونشطاء امازيغيين بسبب اسم اكسيل!!!!!.

والقصة، ان المناضل الزفزافي قام بتسمية ابن اخيه حديث الولادة باكسيل، فغضب السلفيون الاسلامويون، رافضين ان يتم تسمية طفل مغربي باسم الملك الامازيغي اكسيل قاتل عقبة بن نافع!. انهم يتدخلون حتى في اختيارات الاباء والامهات في تسمية أبنائهم!..كيف سيكون هذا البلد تحت سلطتهم!…ارجو من الاطباء النفسانيين ان يتدخلوا لتشخيص هذه الحالة!.

هل السلفيون يرضون ان يسمي احد المواطنين ابنه بعقبة!!!!؟..لماذا لم يتساءلوا لم لا تجد مغربيا ابدا يحمل هذا الاسم، لانه اسم غريب جدا، منفر، قريشي جدا، استعماري جدا، لا يحبه احد. ولا يعونه بتاتا، كشبح لا وجه له ولا شكل، سوى شكل غازي قديم يبدو كخرافة.

حتى السلفيون لا يجرؤون ان يسموا ابناءهم بعقبة. فهم بذلك سيعطون لهذا الابن مستقبلا مريضا بالعقد النفسية!…وسينتهي ابنهم هذا منتحرا في غابة او في بحر. لان الشعب سيتعامل معه باستهجان وتجاهل وبرود.
عقبة قاتل الامازيغ، شبع فيهم تنكيلا وتعذيبا، بائع المغربيات في سوق الجواري والنخاسة في بغداد ودمشق..عقبة مذل الرجال، متعطش الدماء البربرية، عقبة الدموي بشهادة المؤرخين العرب، عقبة السفاح، يراه السلفيون نور الاسلام في شمال افريقيا. وما اكثر الاوثان في ديانة السلفيين الذين يقدمون لنا الها لا نعرفه ولا نجد له اثرا في القران.

السلفيون لا هوية لهم. ويعتبرون ان الههم يطلب منهم ان يكرهوا ارضهم حتى تتكلم العربية حينئذ يرضوا عنها. السلفيون البارحة كانوا يفجرون انفسهم في فنادق الدارالبيضاء(16 ماي بفندق فرح)واليوم بارت تجارتهم ضد الحكومة فتوجهوا الى تجارة اخرى ضد الامازيغية!.
السلفيون ذووا الاقنعة المائة والجهل العنيد.

السلفيون طالبوا الحكومة بمنع اسم اكسيل. انه اسم يخيف السلفيين ومن على دربهم، غريب..كيف لاسم لا تذكره المدارس ان يزعجهم ويخيفهم!…وعقبة، الاسم المفروض فرضا في المقررات الدراسية وفي اسماء الشوارع والمؤسسات التعليمية لم ينجح في حجب مكانة اكسيل ولا ان يمحو ذكرى اكسيل…هذه تساؤلات لم يتساءلها هؤلاء السلفيون، لان رياضة العقل والذهن صعبة.

اكسيل بالرغم من كل الإبعاد الذي تعرض له الا انه حي في كل مكان، وعقبة بالرغم من كل الاستثمارات المالية لترسيخ اسمه..الا ان الارض والهواء تلفظانه….فهو ميت، جد ميت.

شتان بين الاثنان…اكسيل ملك وزعيم هذا الشعب وهذه الارض، تعرفه الانهار والجذور، تعرفه الجبال والسهول…اما عقبة فغريب غازي.

سموا ابناءكم اكسيل. فكل القوانين السماوية والارضية بجانبكم. وقبل كل شىء الملك اكسيل سيكون فخورا. فالاموات لا يموتون..ان ارواحهم تبقى. اعرف انكم تشعرون به في كل مكان.

شتان بين ملك نبيل مخلص لشعبه وارضه، وبين جندي اجنبي غريب غازي. انه الفرق بين جبال الاطلس وصحراء الربع الخالي.

*تمثال الزعيم اكسيل في ولاية بجاية بالجزائر.

0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments