إرهاصات القضية الأمازيغية في أغاني الرايس محمد الدمسيري
محمد الدمسيري “ألبنسير” من أكبر الروايس المخضرمين، ولد في سنة 1937 بتامسولت، بمنطقة البنسيرن (الأطلس الكبير الغربي)،دائرة إمي ن تانوت، إقليم شيشاوة من الناحية الإدارية، مشى في مسار شاب أما زيغي بسيط ينحدر من جنوب المغرب، وعلى اختلاف أغلب الروايس المعاصرين فقد تخرج الدمسيري من المدرسة القرآنية، الشئ الذي أكسبه ثقافة دينية لابأس بها أهلته لمعرفة العديد من الأشياء خاصة القراءة والكتابة التي يفتقر إليهما العديد من الروايس من أبناء جيله، وحتى من بعض الروايس المعاصرين كما أسلفت، ويبين لنا أنه تعلم القرآن الكريم واستطاع أن يحفظ إلى قوله تعالى: “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن”. وقد أشار إلى ذلك في بعض أغانيه بقوله:
Ula lqran nfta gis niwrrid
Ar wal tujadil ahl alktab
Aghtent nffugh nftu dagh s imurig
إلى جانب ذلك كان البنسير يرعى أغنام العائلة عندما يتفرغ من دروسه بالمدرسة القرآنية كما هو متعارف عليه في البادية المغربية، وقد سحر مبكرا بعالم القصيدة والموسيقى، فصار يشارك في مناسبات أحواش بموهبة شعرية خارقة، ويترأس حفلات أسايس في دواره، كما يترأس أسايس في مختلف الدواوير المجاورة، حيث يلتقي كبار”انضامن”، مدفوعا بهذه التجربة، التحق سنة 1958 بفرق الروايس، أمنتاك وأهروش، وهكذا انكب على إتقان الآلة الأمازيغية العتيقة “الرباب” التي تميز تقاليد أغنية الروايس.
بعد بضع سنوات بالمنفى بألمانيا (1961ـ1964)، عاد إلى المغرب، ليصبح فنانا “رايسا” محترفا. ومنذ سنة 1965، ابتدأ في تسجيل ألبوماته الأولى، وفي سنة 1969 تعرض لحادثة سير مروعة، أقعدته على كرسي متحرك، بحيث فقد قدرته على المشي بصفة نهائية،, وأصبح مقعدا، استقر إذن بالدار البيضاء بالقرب من أكبر المجموعات الأمازيغية المهاجرة، انتزع اعترافا من طرف شريحة عريضة من عشاق فن الروايس، ومن طرف المستمعين لقسم تاشلحيت بإذاعة اللهجات، بالإذاعة الوطنية.
يتطرق في أشعاره وأغانيه إلى المواضيع الاجتماعية والسياسية، التي يعبر من خلالها عن رفضه لسياسة التهميش والإقصاء التي مورست وتمارس ضد الامازيغ وثقافتهم.
اكتسى شعره طابعا تراجيديا ونضاليا، غنى في بداية مشواره عن انتصار الملكية والأمة المغربية في معركة الاستقلال، لكن تجاهل الجهات المسئولة عن الثقافة آنذاك لهذا الفنان وعطاءاته وحبه لوطنه، والجحود الذي قوبل به في العديد من المناسبات، أيقظ الوعي لديه بالوضع الهامشي السائد للامازيغ ولثقافتهم في وطنهم، ولوضعه الخاص وثقافته الأمازيغية التي يعبر عنها ويعتبر قطبا من أقطابها، في مقابل الاستهجان الذي قوبل به فنه، البنسير لم يستسلم بل انتقل إلى وضع المحتج، الذي يعبر عن احتجاجه بأسلوب واضح ينهل من ثقافة أصيلة، ممتنعة على الترويض، تشبه إلى حد ما الطبيعة الجبلية القاسية والنائية للمناطق الأمازيغية، وهكذا انخرط بشكل واضح وبدون تردد في سنوات الستينيات من القرن الماضي في تسجيل الأغاني ذات المنحى السياسي والاجتماعي بنبرة الاحتجاج والتمرد، بدون أن يخلف ذلك بالنسبة له أي عقدة أو خوف، بحيث يقول في قصيدة اتخذت وبشكل واضح وبدون أي نوع من أنواع الترميز، الأمازيغ موضوعا لها، بحيث ركز على معاناتهم، وأكد أنه يدافع عنهم من منطلق دفاعه عن ذاته وفنه الذي يحس أنه مهمش بشكل مقصود وسافر، وبواسطة آليات إقصاء اجتماعية وسياسية، ارتأى أن ينبري لفضحها، والتشهير بها حتى يعلم الجميع بأمرها، وأنه حتى وإن مات في سبيل قضيته فإنه سيموت وهو قرير العين لأنه، مات في سبيل إعزاز الامازيغ، وفي سبيل نيلهم لحقوقهم وكرامتهم في بلدهم الأصلي وهو يقول:
Rbbi zaid iuggug ichlhyn
Akullu sun igigilen aman
Adur afen imhsaden kra ran
Asmkkard imurig n tchlhit
Arasen skaren ddid awr ilin
Ayan ihsaden madak tiwit
Rbbi gighten d umazzal f l3in
Nttan ayran ayyid ifk aman
Ahan ur gi tagudi igh mmutegh
Ayak nflad l3iz ichlhyn
Aynna zrigh yak ndemgh fellasen
Urak nksud kra adagh sul ingh
Adufagh nit anud nkchem sersen
Aghar takat agisen illan
Awalaynni del iggut fellagh
Adufagh nit lbadel s tit inu
Ammenk radagh ig ad fissagh
Ayak nflad l3z ichlhyn
غير أن أهم القصائد التي تناول فيها هذا الموضوع بإسهاب ووضوح في الرؤية والمنهج والأسلوب أيضا، وفي فترة اتسمت بمصادرة أبسط حقوق المواطنة، ناهيك عن الرغبة في الاحتجاج على الوضع القائم، وكانت إحدى أهم أغانيه التي عبر فيها عن رفضه واحتجاجه على سلطة لا تعترف بوجوده، تلك التي تحمل مطلع:
Rzmeghd iwullinu s luda gh ujddig
Arigh tlkemt alukt ira tent nsug
بالنسبة إليه السلطة ليست فقط، وببساطة، متجاهلة بل ومنحازة أيضا، بحيث لا تعترف بالأغنية الأمازيغية التي يعبر عنها، في مقابل اهتمامها بالأغنية المؤداة بالعربية سواء من طرف الوطنيين أو الأجانب كالمصريين مثلا، وبالأخص فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، وأم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، هذه الوضعية أحيت لديه الشعور الحارق والأليم بالدونية والتهميش، الدولة تغني، لكن لا تعترف بالمغنين الأمازيغ، الذين يعتبر ناطقهم الرسمي، يعبر عن وضعهم الذي لا يرضى به من خلال الاحتجاج، ذلك التهميش الصامت والقاتل، والذي يعيشه معظم الامازيغ في الجبال والهوامش، هو الذي فجر في نفسيته ذلك الحزن الأليم والكئيب عبر عنه في بعض أغانيه على شكل يعتبر من أخس أنواع التحقير والازدراء الذي مورس ويمارس في حق ثقافته الأمازيغية، بكونه لو مات فلن يحتفي به أحد، كأن قطا من القطط التي تترعرع في الأزقة توفي في مزبلة:
Mra is nmmut knnin mara nssiwid
Azund amuc igh itwaffa gh umdduz
حذرا من الانسياق وراء غوغائية الحركة الاجتماعية غير المنضبطة، جل الأغاني المسجلة من طرف هذا الرايس العملاق، هي بالخصوص تلك التي تنتقد الوضع السياسي، في بعض الأحيان تتخذ أبعادا رمزية، وتتخفى في شكل رموز مبهمة لا يحل طلاسمها اللغوية والبلاغية إلا المتضلعون في فن القصيدة الأمازيغية ذات التقليد الشفوي، وبالاخص المتذوقون الاستثنائيون لشعر انضامن الكبار والروايس المتميزين أمثال البنسير، وفي سنة 1982، سجن لمدة أسبوع بسبب أغنيته التي تحمل عنوان :
Agurn
أي الدقيق ،”فارينا ” والتي مطلعها:
Urjjud na3qel serbis ayili f ugern
هذه الأغنية تضمنت نقدا لاذعا للحكومة جراء أزمة الخبز التي مرت بها البلاد في تلك الفترة (بسبب الجفاف الرهيب الذي ضرب البلاد في سنة 1981 )، وأغنية أخرى حول مسجد الحسن الثاني المشيد بالدار البيضاء، بحيث انتقد الرايس الطريقة التي تم بها تدبير جمع التبرعات من طرف ممثلي السلطات المحلية، الذين لم يعملوا على تطبيق وصايا الملك الراحل فيما يخص جمع التبرعات، بحيث أمرهم بالا يشتطوا على الناس، وبكون التبرعات تبدأ من درهم واحد فقط ، وبشكل طوعي، الشئ الذي لم يقم به أولئك الذين اشتطوا على الناس كثيرا، وغرموهم بشكل تعسفي لمرات عديدة .
فكيف تتجلى إرهاصات القضية الأمازيغية في أغاني الدمسيري؟ وما هي أهم الأغاني التي تطرق فيها إلى هذا الموضوع؟
هذا ما سوف أحاول الإجابة عليه من خلال شرح مضامين القصيدة التي بين أيدينا والتي تعنينا كثيرا في هذا الموضوع، تلك التي مطلعها:
Rzmeghd ewullinu s luda gh ujddig
Aright tlkemt alukt iratent nsug
تعتبر هذه القصيدة من أشهر القصائد والاغاني التي عبر فيها بمرارة عن التهميش والاحتقار الذي يواجهه الامازيغ ولغتهم وثقافتهم، بحيث يؤكد أن لا قيمة لما ينظمه من شعر، ويغنيه من أغانٍ بالمقارنة مع القيمة التي يحظى بها أولئك الذين يغنون بالعربية، خاصة فريد الأطرش وأم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وهؤلاء وإن كانوا أجانب، أي مشارقة فاإن فنهم يلقى رواجا وتشجيعا سواء على المستوى الرسمي والشعبي، في إشارة إلى الإديولوجية المشرقية التي سيطرت على عقول الناس في الستينيات، يقول:
Ghar iska nsber lligh yad nga ghikad
Lqima ntchlhit ider gh imurig
Lqima willi ddar tlla gh imurig
Farid d keltum nttad abdewahhab
وهو يرغب في توضيح هذه الفكرة بشكل جيد، مدعما إياها بمثال حي، الا وهو موت عبد الحليم حافظ الذي صار خبره منتشرا في كل أرجاء الدنيا، بحيث تنقل نبأ وفاته الإذاعات بدون توقف وكأن خطبا جللا قد حل بالناس، وموازاة مع ذلك فإن البرقيات لا تتوقف ليل نهار بين المعزين والمتحسرين على وفاته، ناهيك عن التلفزيون الذي لايتوقف عن التذكير بنبأ وفاته وبث أغانيه، يقول:
Yak abdlhalim meskin hra yafoud
Akulci lkhbarnes is kkan lgherb
Akaygat lgens art addern iwiyyad
Arradio ntta kasa sul itkhtab
Tiligramt ngint azal ula yid
Yili gh lida3a talfaza id ar id
لكن بالمقارنة مع ذلك يحاول البنسير بسط الواقع الذي يعيشه الأمازيغ وثقافتهم في موطنهم، من خلال هذا المقطع الحزين، ما معناه أن موته هو كفنان أمازيغي لا يعدو أن يكون عبارة عن موت إحدى القطط المتشردة في مزبلة، لن يتلفت لموتها أحد، والذي أشرنا إليه سابقا بقوله:
Mra is ummut nkkin maran nssiwid
Azund amuc igh itwaffa gh umdduz
ويذكرنا بكون الحاج بلعيد، يعتبر من رواد الأغنية الأمازيغية، وبكونه لو عاش إلى أيامنا هذه، فلن يتمكن من شراء علبة مسحوق الصابون لغسل ملابسه، وبعبارة أخرى فالمقطع يريد أن يعطي المزيد من الأدلة على الاحتقار الذي تواجهه الثقافة الأمازيغية في بلدها الأصلي الذي هوالمغرب، في مقابل الاحتفاء بالأجانب المشارقة وإعطائهم المكانة المرموقة في غير بلدهم.
Lhaj bel3id iga chaf kullu n imurig
Mra ukan isul aflan ar azmzad
Ullah ard iggummi ghar masa saghen tid
هذه الوضعية تشبه إلى حدما، وبشكل رمزي ومجازي أيضا، وضعية مخلوق، وضعت الأصفاد في يديه ورجليه، تمنعه عن التحرر والانعتاق، هذا المخلوق بالنسبة لالبنسير هو “ايموريك”، الأغنية الأمازيغية، غير أن المهانة التي تعانيها هذه الأغنية تمتد لتطال الرايس- الشاعر، الذي شبه الأغنية الأمازيغية ونفسه باليتيم، متمنيا لها ولنفسه الانعتاق من الأغلال التي تشلهما عن التحرر، وهو يقول:
Ak ifsi rbbi gh uskerf ayimurig
Imam tgit igigil gagh nkki wayyad
غير أن وضعية التهميش التي تعاني منها الثقافة الأمازيغية، هي أيضا من إنتاج أبنائها، بحيث يساهمون وبدون وعي منهم في تحقيرها، والانتقاص من قدر ثقافتهم وذلك بالانتقاص من قدر الفنانين الذين هم بمثابة رسل هذه الثقافة، وهكذا فجل الروايس المرموقين يتعرضون للتجريح من طرف عينة من الأمازيغ متدنية الذوق، لا يعترفون لهم بخدماتهم الجليلة التي ما فتئوا يقدمونها في سبيل المضي قدما بثقافتهم، فقاموا بهجو المهدي بن مبارك، وأهروش، وجامع الحميدي، وبونصير الرايس المشهور بإتقانه لآلة الرباب، وسعيد أشتوك، وبيهتي الذي بالرغم من اغتراب هذا الأخير في بلاد المهجر، أو فرنسا، فإنه لم يسلم من النقد والهجاء والتجريح في شخصه، يقول:
Kuyan d mkenna gisen ittini d l3ib
Ak ifsi rbbi gh uskerf ayimurig
Igh atsllan ilmhdi nanas isemg
Igh atsllan iwahruc ar itmjjad
Akaygat tamazirt nnanas izeld
Igh atsellan ijam3 ukan lhamid
Nnans ghar rrih as yakkan imurig
Igh atsllan ibunsir ighy rribab
Nnanas ur ittaf lksut ula amgerd
Igh atsllan iwachtuk said ibid
Nnanas han illa gitsen cciki d lgherd
Ayak bihtti llan ghammas n bariz
Urak ghid ihader ginasak l3ib
هذه الوضعية التي لم يكن البنيسير ليرضى بها، حد التنذر، هي بالنسبة له من مخلفات الأدلجة التي تعاني منها الثقافة الأمازيغية، بحيث إن الشعاع قد سرق منها لصالح ثقافة أخرى، هي الثقافة المشرقية أو المصرية بالخصوص، هذا الوضع انعكس على آلة الرباب التي قامت آلة العود بسرقة قيمتها الفنية والرمزية في موطنها الأصلي، يقول:
Ak ifsi rbbi gh uskerf ayimrig
Imam lhimma lli dark illan iterzad
Kiyind rribab ikkisawntent l3ud
ومربط الفرس أن أصل الداء معروف، يكمن في غياب العدالة الاجتماعية، والمساواة، والتضامن بين أبناء الوطن الواحد، مهما اختلفت أصولهم اللغوية والثقافية، بحيث قد استأثرت فئة قليلة بالنفوذ والسلطة والثروة وتركت بقية الشعب في براثن الفقر والحاجة والتهميش، ويصور لنا البنسير هذه الوضعية بإجراء مقارنة بسيطة وواضحة في نفس الآن، بين المواطن الذي ينتمي إلى الطبقة الارستقراطية بالمغرب، والفقير الذي ينتمي لعموم الشعب الجاهل والفقير، بكون الأول يستمتع بكل الملذات المتوفرة من أكل فاخر، وملبس باهر، ومسكن واسع، ومركب فاره، ويقوم الخدم على تلبية كل طلباته، كأنه يحتفل بالعيد في كل يوم، بحيث لا يشرب الشاي إذا لم تكن ثمار اللوز حاضرة، كناية على الفخامة والعيش الارستقراطي الرغيد والهنيء، في حين يستمرئ الآخر خضرة الجزر، وبشكل متواصل، زاهدا في تلك الملذات، إلا من حساء، يحتسيه ثم ينهض بعد ذلك لذكر ربه،
Ghilli ghd itrza uskay isent lbaz
Illa kra ar iqers izemer zud l3id
Tili twayya mad isrusen tawitid
Urad sun atay ighd ur iters lluz
Yili kra ntta ghar khizzu kagh iferd
Igh iswa askkif ityaqqen s lwahid
هذه الوضعية الشاذة بالنسبة للشاعر- الرايس، لماذا بقيت مستفحلة؟ يتساءل الرايس، ألا يوجد الأمازيغ في المناصب الرفيعة؟ ألا يحتلون المراتب المشرفة؟
وما سبب التهميش الذي يعانون منه؟ بالنسبة له الأمازيغ هم مواطنون مغاربة يجب أن يتمتعوا بنفس الحقوق ونفس الواجبات، ويجري بهذا الصدد مقارنة بين وضع الأمازيغ الذين هم وطنيون، والأجانب خاصة النصارى واليهود، ليخلص إلى حقيقة مفادها أن هؤلاء أكثر حظوة من الأمازيغ، بحيث نشاهد إبداعاتهم الفنية والموسيقية في التلفزيون كل مساء، أما الامازيغ فلا نكاد نشاهدهم إلا مرة واحدة فقط بمرور شهر من الزمن أو شهرين، يقول:
Makh is kullu lah ichlhyen gh lgherb؟
Allighd ak nffugh ayda nnagh iwiyyad؟
Ahasbat irumin akhuti d lahud
Ayak nutiten lan fellatengh atig
Attalfaza llan gisent id ar id
Imam chluh ayyur wadan negh kuz.
وهكذا سجل البنسير مايقارب 100 شريط صوتي، وتوفي في سن 53 عاما بالدار البيضاء في 11 نوفمبر 1989، تاركا للأمازيغ مشوارا لا يزال طويلا من أجل إعادة الاعتبار إلى وضعهم السياسي والاجتماعي، والى هويتهم ولغتهم وثقافتهم.
فإذا لم تقم أية جهة سواء رسمية أو غير رسمية بإعادة الاعتبار لهذا الرايس العملاق، فلا أقل من مجرد التفاتة بسيطة إلى ثراثة الغنائي والشعري، النضالي، وذلك في الذكرى أل 21 لوفاته. وأود لهذه المناسبة أن أوجه نداء إلى كل من وزارة الثقافة، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والخزانة الوطنية، وقناة تمزيغت، والقناتين الأولى و الثانية، والنقابة الوطنية للموسيقيين، وللمهرجانات الوطنية، وأخص هنا مهرجان تيميتار الذي ينظم بجهة سوس ماسة درعة، وسائر الجهات والأفراد الغيورين والمؤسسات والجمعيات الجادة عبر مختلف التراب الوطني، قصد القيام بالواجب واللازم تجاه هذا العملاق الامازيغي الذي كرس حياته للدفاع عن قضايا أمته وشعبه، وهو معاق لا يقوى على الوقوف والمشي، ثم رحل في صمت بدون أن يلتفت إليه أحد، وذلك بتنظيم مهرجانات تحمل اسم دورة البنسير، وتسجيل أشرطته على الأقراص المدمجة لتكون في متناول الراغبين في الاستماع إلى روائعه، ومحاربة القرصنة في حق أعماله، ودعم أسرته، والاهتمام بمنطقته التي ولد وترعرع فيها ثقافيا وتنمويا والقيام بزيارتها، وطبع ديوان يضم كل أشعاره، وأود هنا أن انوه بمبادرة الأستاذ محمد متساوي الذي قام بجمع بعض أشعار البنسير في كتاب بعنوان: “شعر الدمسيري” مشكورا، وتشجيع البحث الجامعي حول شعره، وتدريسه في الجامعات والمدارس للأجيال الناشئة، وكذا تسمية الشوارع والمؤسسات العمومية باسمه، وتنظيم ملتقيات فكرية وندوات تعرف به وبشعره، وذلك على غرار ماتقوم به بعض الجمعيات الثقافية في إحيائها لتراث الحاج بلعيد، بتنظيمها لدورات وجوائز تحمل اسمه.
بقلم: محمد أيت بود