تمغرابيت و تمازيغت أية علاقة ؟


كثر الحديث مؤخرا في وسائل الإعلام بالخصوص و في بعض الأوساط الجمعوية على مصطلح تمغرابيت. و كأنه اكتشاف جديد لم يعرف من قبل. فهرول كالعادة من عادته الهرولة، و انطلق من كان ينتظر الإشارة دون تردد أو أدنى تساؤل.

فماذا تعني تمغرابيت ؟ و ما علاقتها بتمازيغت؟

انطلاقا من بنية الكلمة يظهر أن من صمّمها قد تعمد وضعها في قالب أمازيغي و في هذا إشارة مهمة و رسالة واضحة و غاية مقصودة. فالمعني الأول قبل غيره و المُخاطَب المقصود أكثر من سواه هو الناطق بالأمازيغية. فالخطاب المبعوث إليه عبارة عن صورة. صورةُ كلمة في شكل أمازيغي تشعر المتلقي بأن الأمر يتعلق بالأمازيغية بالرغم من أن تمغرابيت لا تعني بالضرورة الأمازيغية. فقط رسمها و ما قد تحدثه من إحساس لدى المستقبِل هو الذي يرتبط بالأمازيغية.

تمغرابيت من الجانب الدلالي تعني المَغربة و هي إحدى المبادئ الأربعة التي وضعتها “الحركة الوطنية ” في ثلاثينيات القرن الماضي إلى جانب التعريب و التوحيد و التعميم في مجال التعليم لإرساء نظام تربوي مغربي وفق نظرتها الخاصة . الحركة التي ظهرت وثائقها و انكشفت أسرارها و اتضح أنها كانت تشتغل سرا على إبادة الأمازيغية بالإضافة إلى التعريب الذي كانت تصرح به علانية و أرست سياسة من أجل تنفيذه.

هل يعني أن تمغرابيت هي إحياء لمبدإ يشكل جزأ من مشروع كان يستهدف الأمازيغية؟

قد يصعب الجواب بالنفي أو بالإيجاب عن هذا السؤال. لكنه من الجانب اللغوي، كما سبقت الإشارة إليه، فإن المصطلح يعني المَغْربة و أن ما تم القيام به بتمزيغه هوتغيير صورته دون تغيير مدلوله.

فهل انتبه النشطاء الأمازيغ إلى الخدعة، أم أن البنية – الصورة الأمازيغية للكلمة حجبت عنهم مدلولها و أنستهم مشاريع مهندسيها؟

هل يعني هذا أننا في يوم من الأيام سنسمع من يتحدث عن تبربريت عوض الأمازيغية و سنرى من يقرأ اللطيف بالأمازيغية ؟

استعجل البعضُ الأمر دون مداولة و استجاب بسهولة و اقتنع دون حجة. وانخرط في تمغرابيت دون تكلف و دون تحمل. و أصبحنا نرى(البعض) من يحسب نفسه على الحركة الأمازيغية، و هو في اعتباره الخاص لم و لن يتراجع يوما عن حمايتها أو عن النضال من أجلها، يتحرك بنفس حماس دفاعه عن قضيته التي يعتبرها من الأولويات، يستعد و يجتهد في استعداده لمناصرة تمغرابيت.

هل ارتخت الحركة الأمازيغية و نسيت النقد و التاريخ و ما كانت تروي ظمأها منه من مصادر و مبادئ؟

لماذا يتم تدوين التاريخ؟

لماذا يتم تدريسه و تعليمه للنشء؟

ما الجدوى منه إذا كان اجترارا لوقائع زائلة في زمن ماض تخص أمواتا منذ عقود أو قرون؟

أو ليس في معرفة الماضي بعض عناصر فهم الحاضر؟

بكل تأكيد و دون أدنى شك، ، المغرب وطن المغاربة يسع لهم جميعا من يوجد منهم بداخله و من كتبت له الأقدار أن يتواجد خارج أراضيه، كل المغاربة يحملون المغرب بداخلهم، وطنهم الذي سالت دماء أجدادهم دفاعا عنه و حماية له و ارتوت بها أرضه و سار الوطن في عروقهم و انتشر في ذواتهم.

نعم كل المغاربة جنسيتهم مغربية مهما تنوعت مناطقهم و اختلفت تضاريسها، و مهما تعددت دياناتهم و اختلفت عقائدهم. الوطن وطنهم و هم بناته و أبناؤه.

لكن، هل نريد فعلا ايجاد مشترك يجمع بين المغاربة كلهم ؟

هل الهدف الذي نرمي إليه هو ادماج المغاربة بمكوناتهم المتعددة في كلٍّ يسع للجميع؟

هل الغاية التي نصبو إليها هي الإخاء و العيش المشترك في وحدة غنية و قوية بعناصرها المتنوعة؟

إذا كان الجواب على هذه التساؤلات بالإيجاب، فالدستور المغربي يقدم في فصله الخامس تسوية قانونية للوضعية بقوله: ” تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لكل المغاربة بدون استثناء.”
إن الرصيد المشترك الذي لا يستثني أحدا من المغاربة مهما كان دينه، و لا يبعد أحدا مهما كانت لغته و لا يقصي أيا كان، بشرط أن يكون مغربيا، بقوة القانون الأسمى للبلاد، هو الأمازيغية.

فلماذا يتم إبعادها و اللجوء إلى غيرها؟

و لماذا التحايل و التمويه؟

هل من بين المغاربة من لا يزال يحمل الحقد و الضغينة للأمازيغية؟


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments