“أرشيف المغرب” يحتفي بمسار إبراهيم أخياط من أجل صون الهوية الأمازيغية


“مسار نضالي من أجل الهوية الأمازيغية” يحتفي به “أرشيف المغرب” الذي افتتَح رواقُه بالرباط معرضا جديدا يهتم بعطاء ووعي الفاعل المدني والشاعر إبراهيم أخياط، الذي كان من رموز “القضية الأمازيغية” الذين مهّدوا الطريق لإعادتها إلى الفضاء العمومي والتعليمي والرسمي، والاعتراف بها دستوريا.

هذا العلَم الراحل عن دنيا الناس سنة 2018 يحضر في المعرضِ وعيُه المبكر بضرورة صيانة الثقافة الأمازيغية ولسانها وحرفها، موروثا مغربيا وشمال إفريقيّ، ودعوة لدفع الاستلاب، ويحضر تراكم عمله في الدفاع عنها عبر عقود، إلى جانب أعلام آخرين، ويحضر تصوره الذي عبّر عنه في تكريم له: “القضية الأمازيغية لم نطرحها أو نخض فيها لتكون سببا في التشتت الوطني أو مع نزعة أيا كانت لِسنية أو عرقية، ولكن هي من أجل تثبيت هوية المغاربة، وتحرير هذه الهوية من كل استيلاب فكري أو ثقافي أو سياسي”.

ويحضر في المعرض أخياط “الإنسان والمناضل الملتزم”، و”رائد الحركة الثقافية الأمازيغية”، و”رئيس الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي”، التي تعد أقدم جمعية تعنى بالثقافة الأمازيغية، بعدما أسست سنة 1967، كما تحضر محطات تدويل القضية، والنقاش الوطني حولها، وأثره في دسترتها لغة رسمية، وإدماجها في التعليم والإعلام العمومي، وصولا إلى اعتماد رأس السنة الأمازيغية “عطلة وطنية” في السنة الراهنة 2023.

ويرسم المعرض مسار نصف قرن من العمل الذي يضع عينه على المقصد ولو طالت الطريق، بيانات، ومحاضرات، ومنشورات، وتكوينا للأطفال والشباب، وحملات إنسانية، ونقاشات مع مسؤولين سياسيين ومدنيين وفاعلين مغاربيين وأجانب، وتشجيعا ومتابعة لحضورها في المسرح والسينما، ورصدا لواقع الثقافة واللغة من زمن “الميز” إلى زمن “الاعتراف”.

ومن بين ما يوثّقه المعرض دعوة “الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” التي ترأسها المحتفى بتجربته إلى “دستور ديمقراطي” سنة 2002، قائلة: “لا ينبغي من وجهة نظرنا أن يكون اختلاف المشارب والمرجعيات الفكرية وتباين التوجهات السياسية والإيديولوجية وتميز مجال الاهتمامات الخاصة بهذا الطرف أو ذاك عائقا أمام التواصل لبلورة مجال الاتفاق الذي يتعين تعزيزه واستثماره لبناء مجتمع ديمقراطي حداثي”.

وانتقدت الجمعية آنذاك التصور الذي “يتجاهل العمق الأمازيغي للهوية الوطنية كما الحقوق الدستورية المرتبطة بها، وهذا التصور المغلوط والموروث من الحركة الوطنية، هو ما عكسته مختلف النصوص الدستورية”، قبل بسط تصور “الدستور الديمقراطي المنشود” الذي “لا بد أن يتضمن مقتضيات واضحة يتم من خلالها إعادة تحديد الهوية الوطنية، وإعادة طرح الإشكال اللغوي بشكل جديد يأخذ بعين الاعتبار حقيقة تاريخنا وواقع مجتمعنا ويراعي المطالب المشروعة للحركة الثقافية الأمازيغية”؛ مما يقتضي النّصّ على “العمق الأمازيغي للهوية الوطنية، وعلى المساواة بين اللغتين الأمازيغية والعربية رفعا لسياسة الميز اللغوي السائدة في بلادنا”.

ويحضر الراحل إبراهيم أخياط في المعرض مكرما جمعويّا ورسميا، بعدما كان، وفق عرض خاليد عيش في دليل المعرض “من أوائل المطالبين بالالتفات إلى الثقافة الأمازيغية وإدماج مكنوناتها في الفضاء الثقافي المغربي، في فترة سياسية كان يصعب معها طرح مثل هذه القضايا”، وبعدما تشرب بيئته الأمازيغية، حتى كانت “أول فيوضاته الروحية شعرية أمازيغية خالصة، دونها بالحرف العربي وجمعها في ديوانه “تابرات”. وذلك ما ألهم لديه فكرة إحياء الحرف الأمازيغي لتدوين التراث المحلي وما يزخر به من حمولة ثقافية”.

ويرى تقديم المعرض أن “المسار النضالي لإبراهيم أخياط” يمكن اعتباره “اختزالا لتاريخ الحركة الأمازيغية”، التي كانت بمختلف هيئاتها وتقديراتها “حركة ضاغطة لإعادة تقويم الذاكرة الهوياتية الوطنية من أجل مغرب متعدد الثقافات ومتنوع المشارب الطبيعية والإثنية”.

 وائل بورشاشن


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments