تدريس الأمازيغية.. “التّمييز المُؤسّس”
الأمازيغية في التعليم الخاص: من الإلزامية إلى الاختيارية
يبدو أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في ظل الحكومة الحالية، ماضية بلا هوادة في التلاعب بالدستور وبمشاعر المواطنين في الاستهزاء والمسرحَة بموضوع حساس جدًا، وهو تدريس اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية للدولة ومِلكًا مشتركًا للمغاربة قاطبة، واللغة الأم لأغلبية المواطنين، واللغة الوطنية الأكثر قِدَمًا وعراقة وانتشارًا في المغرب.
هل تلعب وزارة التربية بالنار؟
هل تدري ما تقرره وتصدره من مذكرات كثيرة لا تُسمن ولا تُغني من جوع في ورش تدريس اللغة الأمازيغية؟ الورش السياسي والاستراتيجي الهام الذي لا يقبل اقتراف مزيد من الأخطاء.
أغرب مذكرة وزارية في موضوع تدريس اللغة الأمازيغية هي الموجهة إلى المدارس الخصوصية، تحت رقم 200/24 الموسومة بعنوان: “في شأن تدريس اللغة الأمازيغية بسلك التعليم الابتدائي بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي برسم الموسم الدراسي 2024/2025″، والتي تم إصدارها يوم 5 يوليوز 2024، حيث لم تُلزِم الوزارة أرباب المدارس الخاصة بتدريس الأمازيغية، واعتبرتها مجرد لغة “اختيارية”، في ضرب تام لمضامين الدستور والقانون التنظيمي 16/26. حيث جاء في نفس المذكرة: “تنخرط مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي بصفة اختيارية في تدريس اللغة الأمازيغية بسلك التعليم الابتدائي انطلاقًا من الموسم الدراسي 2024/2025”. يا له من قرار!!!
هذا معناه أن المغاربة من حقهم أن يطالبوا بعدم تدريس اللغة العربية لأبنائهم في المدارس الخصوصية باعتبارها لغة رسمية إلى جانب اللغة الأمازيغية. كما يمكن للمغاربة أيضًا أن يطالبوا بعدم تدريس اللغة الفرنسية، بنفس منطق الوزارة “الاختياري”، فلا يُعقل أن تتملص الوزارة من الحق الدستوري للأمازيغية في أن تكون لغة مدرسة ولغة تدريس في المدارس الخصوصية باعتبارها لغة رسمية. فهذا قرار تمييزي يخالف الدستور ويورط المغرب الذي وقع على اتفاقيات أممية كثيرة تناهض كل أشكال التمييز العنصري، على رأسها “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” والتي وقع عليها المغرب في شتنبر 1967 وصادق عليها في دجنبر 1970 وتم نشرها في الجريدة الرسمية خلال نفس السنة.
ومادام أن الوزارة تفرض تدريس اللغة العربية، الرسمية في الدستور، واللغة الفرنسية غير الرسمية في الدستور، وتعتبر تدريسها إجباريًا في دفاتر تحملات التي توقعها مع المدارس الخصوصية التي تستفيد من تحفيزات وامتيازات، فبأي وجه حق تعتبر الوزارة تدريس لغة الأرض ولغة المجتمع ولغة الهوية الأصلية للمغرب مسألة اختيارية؟
فماذا يقول القانون التنظيمي رقم 26.16 “المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية”؟ رغم أن القانون التنظيمي وضع مسألة التعليم ضمن الأولويات من خلال التسمية التي أقرها الدستور في فصله الخامس، إلا أن الحكومة لها رأي آخر وتصور آخر مخالف تمامًا لما هو منصوص عليه في الدستور والقانون. فهل يجوز اعتبار تدريس اللغة الأمازيغية في التعليم الخصوصي شأنًا اختياريًا؟
تقول المادة الرابعة من الباب الثاني من القانون التنظيمي رقم 16.26 في الفقرة الأولى منها ما يلي:
“تعمل السلطة الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين والتعليم العالي بتنسيق مع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على اتخاذ التدابير الكفيلة بإدماج اللغة الأمازيغية بكيفية تدريجية في منظومة التربية والتكوين بالقطاعين العام والخاص”.
إذن، القانون هنا واضح، يتحدث عن إدماج اللغة الأمازيغية بكيفية تدريجية في التعليم بالقطاعين العام والخاص، ولم يقل بصفة اختيارية في القطاع الخاص، لأن الفقرة بدأت بكلمة “تعمل السلطة الحكومية… على اتخاذ التدابير الكفيلة بإدماج اللغة الأمازيغية…” وتفيد في لغة القانون معنى الإلزامية، وليس اختيارية، رغم أن القانون قيد هذه الإلزامية بالتدرج في حديثه عن “بكيفية تدريجية” حتى يتسنى إعداد الحوامل البيداغوجية والديداكتيكية وتكوين الموارد البشرية ذات التخصص في مادة اللغة الأمازيغية، علمًا بأن هذه اللغة عانت من الإقبار والإقصاء من قبل الدولة منذ الاستقلال بقرارات سياسية مجحفة وأخطاء أيديولوجية قاتلة، كادت أن تؤدي إلى وأد اللغة الأم للمغاربة.
غير أن فهم هذه الفقرة من المادة الرابعة يقتضي بالدرجة الأولى ربطها بالمادة التي سبقتها وهي المادة الثالثة، التي تتحدث عن تعليم اللغة الأمازيغية باعتبارها حقًا لجميع المغاربة، وتقول المادة 3 حرفيًا ما يلي:
“يُعَدُّ تعليم اللغة الأمازيغية حقًّا لجميع المغاربة بدون استثناء”.
فهل تعمل الحكومة ووزارتها في التربية الوطنية على هضم هذا الحق الذي يكفله القانون لجميع المغاربة، وتؤكده نصوص تشريعية كثيرة وخطابات ملكية وغيرها من الالتزامات الدولية والأممية للحكومة المغربية التي وقعت على الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية في هذا الشأن.
فاعتبار تدريس اللغة الأمازيغية في التعليم الخصوصي “مسألة اختيارية”، فيه تمييز واضح وفاضح تجاه لغة رسمية للدولة المغربية.
الأمازيغية في التعليم الأولي: قتل اللغة الأم من المهد
قامت الحكومة الحالية بإضافة التعليم الأولي للمرة الأولى في تسمية وزارة التربية الوطنية التي كانت تتخذ تسميات ووظائف متعددة في تاريخ الحكومات المغربية. وبالفعل، عملت الوزارة على إدماج بنيات التعليم الأولي في الخريطة المدرسية بمجموع مناطق المغرب، وتعتقد الوزارة أن التعليم الأولي يعد مدخلًا أساسيًا في إصلاح منظومة التعليم والارتقاء بجودته، لكنها للأسف سلكت مسلكًا خاطئًا بعدم إدراج اللغة الأمازيغية ضمن مواد التدريس والأنشطة التربوية في التعليم الأولي، حيث تساهم بذلك في قتل ملكات الإبداع وقدرات التلقي لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، لأن الطفل أو التلميذ في هذه الفترة في حاجة إلى اللغة الأم، التي ستساعده على الانفتاح على اللغات والثقافات الأخرى، فتدريس اللغة أو الحديث مع الأطفال في التعليم الأولي بلغة أجنبية عن محيطه الأسري والثقافي يعد عملية قاسية جدًا، وفيها تعذيب نفسي للطفل، وقد عشنا مرارة هذا التعذيب في السنوات الأولى من حياتنا المدرسية، فهو بمثابة عنف رمزي تمارسه المدرسة المغربية على حد قول العالم السوسيولوجي “بيير بورديو” في دراساته حول العنف الرمزي داخل المدرسة.
إقصاء اللغة الأمازيغية من التعليم الأولي، يعد قرارًا مجحفًا في حق الأطفال والتلاميذ، وهو قرار غير قانوني، ولا يستند إلى أي سند علمي ولا بيداغوجي ولا ديداكتيكي، بل له هدف واحد هو محاربة اللغة الأمازيغية في مهدها وفي امتدادها المجتمعي، لتسهيل عملية التعريب، وهي حتمًا سياسة فاشلة وستعطي نتائج عكسية، لأن مهندسيها في الوزارة يحتكمون إلى الأيديولوجيا والديماغوجيا وليست لهم دراية بالبيداغوجيا ولا بعلوم التربية، لأنه لو كانت لهم معرفة بسيطة بذلك، سيدركون بعلم اليقين أهمية اللغة الأم في عملية التدريس، وفي العملية التربوية. وبعيدًا عن هذا وذاك، فتدريس الطفل المغربي بلغته الأم الأمازيغية هو حق مكفول.
نعود إلى القانون التنظيمي، وإلى الفقرة الموالية من المادة الرابعة، التي تقول:
“ولهذا الغرض، تُدَرَّس اللغة الأمازيغية، بكيفية تدريجية، في جميع مستويات التعليم الأولي والابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي والتكوين المهني”.
مرة أخرى، القانون ينص ويؤكد ويلح ويلزم… لكن للأسف الشديد، الحكومة ووزارتها يتهربون ويتملصون ويتنكرون، إلى متى؟ ولماذا القوانين والدستور ينص على شيء والممارسات والسياسات الحكومية والعمومية تنجز وتنفذ أشياء أخرى، كلما تعلق الأمر بحقوق الأمازيغية. هل هذا معناه أن هذه القوانين غير ملزمة؟ أم أن ترسيم اللغة الأمازيغية هو مجرد حبر على ورق…
الفقرة الثانية من المادة الرابعة التي أشرنا إليها أعلاه، تنص صراحة على ضرورة تدريس اللغة الأمازيغية في التعليم الأولي، لكن إلى حد الآن الوزارة لا تنوي تدريسها لا بشكل تدريجي ولا بشكل سريع ولا حتى بشكل بطيء…
تعميم تدريس اللغة الأمازيغية: أكذوبة مضحكة
خلال نهاية أو بداية كل موسم دراسي، عادة ما تخرج وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في ندوات صحفية، أو بمذكرات وزارية، تتحدث فيها عن تعميم تدريس اللغة الأمازيغية وتعطي أرقامًا بشأن ذلك، وتكون في الغالب بعيدة عن الواقع، كما صرح الوزير الوصي على القطاع بداية هذا الموسم الدراسي، أن نسبة تغطية تدريس اللغة الأمازيغية وصلت ما يقارب 44%، فهذا الرقم يحتاج إلى تدقيق لأن الوزارة لا تقوم بتحيين المعطيات والمعلومات، وتدرج مدارس تم تعيين فيها أستاذ أو أستاذة مدرسة للغة الأمازيغية في سنة 2008 أو 2015 ولكن انتقل فيما بعد إلى مؤسسة أخرى دون تعويض منصبه بأستاذ آخر، وفي بنك معلومات الوزارة تدرج تلك المدرسة كأن الأمازيغية لا تزال تُدرَّس بها. كما أن عدد المدرسين والمدرسات المتخصصين في تدريس اللغة الأمازيغية الموجود حاليًا لا نعتقد أنه سيصل إلى تغطية 44% من مجموع المدارس المغربية.
لفهم منطق الوزارة فيما تسميه “التوسيع التدريجي لتدريس اللغة الأمازيغية” الذي جاء في خارطة الطريق 2022/2026 التي أعدتها الوزارة، لاسيما في الهدف السابع ضمن الالتزام الثاني بهذه الخارطة، لا بد من الاطلاع على:
– المذكرة الوزارية رقم 028/23 الصادرة يوم 23 ماي 2023 حول موضوع: “في شأن التعميم التدريجي لتدريس اللغة الأمازيغية في سلك التعليم الابتدائي”;
– المذكرة الوزارية تحت رقم 24/152، الصادرة يوم 19 أبريل 2024 حول موضوع: “في شأن تنفيذ مخطط التعميم التدريجي لتدريس اللغة الأمازيغية بسلك التعليم الابتدائي برسم السنتين الدراسيتين 2024/2025 و2025/2026”.
ومن أهداف هذا المخطط الوزاري (أما المخطط الحكومي لتفعيل الأمازيغية فلم يعد أحد يتحدث عنه أو يهتم به) هي تحقيق نسبة تغطية 50% من المؤسسات التعليمية بسلك التعليم الابتدائي خلال الموسم الدراسي 2025/2026، كما ينص المخطط على توفير كل الشروط والمتطلبات الكفيلة لبلوغ هذه النسبة، منها الشروط التربوية وتكوين الأطر وغيرها. وهو ما لم يظهر في الواقع، حيث لا زال الأستاذ/ة اللغة الأمازيغية بدون قاعة أو حجرة للتدريس، فلا بد له من التنقل بين القاعات وينتظر من أساتذة المزدوج منحه القاعة والحيز الزمني لتدريس الأمازيغية.
فقد جاء هذا المخطط بتكوين 600 أستاذ في تدريس اللغة الأمازيغية والتعليم المزدوج كل سنة دراسية، لكن للأسف قام بإلغاء الأستاذ المتخصص في تدريس اللغة الأمازيغية، مما يجعل تنزيل هذا المخطط يعاني من إكراهات بنيوية كثيرة، تناقض بالأساس أهدافه الاستراتيجية، خاصة حين يتم تكليف الأساتذة المتخرجين ضمن 600 أستاذ وأستاذة، الذين من المفروض أن يدرسوا الأمازيغية فقط، بتدريس التعليم المزدوج. وهذا ما يؤكده العديد من الأساتذة مدرسي اللغة الأمازيغية في بداية كل موسم دراسي، حيث يواجهون إكراهات كثيرة تعيق ممارسة عملهم في شروط تربوية سليمة.
هذه المذكرات الوزارية تتحدث عن الهدف الأسمى، وهو تحقيق التعميم التام والكامل لتدريس اللغة الأمازيغية في جميع المؤسسات التعليمية بسلك التعليم الابتدائي بالقطاع العام، خلال سنة 2030. فهل هذا يتوافق مع مضامين القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؟
تقول المادة الرابعة:
“تعمل السلطة الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين والتعليم العالي بتنسيق مع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على اتخاذ التدابير الكفيلة بإدماج اللغة الأمازيغية بكيفية تدريجية في منظومة التربية والتكوين بالقطاعين العام والخاص.
ولهذا الغرض، تُدَرَّس اللغة الأمازيغية، بكيفية تدريجية، في جميع مستويات التعليم الأولي والابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي والتكوين المهني”.
لكن القانون قيد ووضع الآجال ومراحل زمنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ولم يترك هذا التدرج إلى ما لا نهاية، ومنها ما تنص عليه المادة رقم 31 من القانون التنظيمي، حيث تعتبر الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها أعلاه: “ولهذا الغرض…” “يجب أن يتم تنفيذ مضمونها داخل أجل خمس سنوات على الأكثر ابتداءً من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية”. (المادة 31 الفقرة الأولى).
وحسب منطوق هذه المادة، فإنه يتوجب على الوزارة والحكومة أن تقوم بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في جميع مؤسسات التعليم الأولي والابتدائي في كل مناطق المغرب في مدة زمنية لا تزيد عن خمس سنوات عن إصدار القانون التنظيمي، الذي صدر سنة 2019، وبالتالي من المفروض أن تكون الأمازيغية معممة بشكل كامل وتام في كل المدارس المغربية مع نهاية سنة 2024، وهذا ما لم يحصل باعتراف الوزارة، التي تطمح للوصول إلى 50% فقط سنة 2026، كما أنها تنعدم كليًا في مؤسسات التعليم الأولي.
وحسب المادة 31 دائمًا، فإنه يتوجب خلال الخمس سنوات الأولى بعد إصدار القانون التنظيمي أن تبدأ عملية إدماج اللغة الأمازيغية في السلك الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، وهو ما لم يحصل بعد، حيث ترفض الوزارة إلى حد الآن بدء مسلسل إدماج تدريس اللغة الأمازيغية في السلكين الإعدادي والثانوي، ويظهر أنها لا رغبة لها في ذلك، ما لم تبدأ بعدُ في تكوين الأطر التربوية المخصصة لذلك.
ويُحدد القانون التنظيمي من خلال الفقرة الثانية من المادة 31، آجال تعميم الأمازيغية في السلك الإعدادي والثانوي، في 10 سنوات بعد إصدار القانون، أي في سنة 2029، وهذا ما نراه مستحيلًا، لأن الوزارة لم تبدأ بعد في تدريس الأمازيغية في الإعدادي والثانوي، وهو ما يجعلنا نتساءل عن دور هذا القانون الذي لا تلتزم به الوزارة في شيء. وتقول الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القانون التنظيمي 26.16 ما يلي:
“كما يتعين أن يتم تعميمها بنفس الكيفية في مستويات التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي”.
لكن، للأسف الشديد، القانون يتحدث عن تعميم الأمازيغية في الإعدادي والثانوي، في متم سنة 2029، والوزارة تتحدث في مذكراتها عن تعميمها في السلك الابتدائي في متم 2030، وهو ما نراه صعبًا بالنظر إلى سياسة الحكومة ومخطط الوزارة والواقع الملموس، الذي يضع إحصائيات وأرقام الوزارة على ميزان الحقيقة. أما تعميمها في الإعدادي والثانوي فهو أمر مستحيل في ظل الوضع الحالي.
إن ما يزكي تخوفنا من مخططات الوزارة التمييزية هو إقصاء تدريس الأمازيغية في مشروع “المدرسة الرائدة” التي تعتمد روائزها على اللغة العربية والفرنسية والرياضيات، دون إدراج الأمازيغية. ومشروع مدرسة الريادة تبنته الحكومة الحالية كمشروع إصلاحي للمنظومة التربوية، هدفه كما تقول الوزارة هو الارتقاء بجودة التعلُّمات في المواد الثلاث المذكورة، عن طريق اجتياز التلاميذ في بداية كل موسم دراسي لروائز تقيم مستوى التلاميذ في المواد المذكورة، قصد تفييئهم، وإعطائهم دروسًا في الدعم والتقوية لتحسين مستواهم في المواد الثلاثة: العربية، والفرنسية، والرياضيات.
إقصاء الأمازيغية في مدرسة الريادة، يكشف لنا عن الموقف الصريح للوزارة والحكومة من الأمازيغية، مادام لم يتم إدراجها في مشروع إصلاحي كبير صُرفت من أجله ميزانيات طائلة، في اعتماد الرقمنة والوسائل الإلكترونية لإنجاحه، لكن للأسف لم يعتمد على اللغة الأم وهي الأمازيغية، مما يجعل هذا الإصلاح يعاني من اختلالات بيداغوجية وديداكتيكية وتربوية منذ النشأة، فهو لا يعدو أن يكون مثل باقي البرامج الإصلاحية التي عرفتها المدرسة المغربية في تاريخها، تنتهي حتمًا بالفشل الذريع وتعطي نتائج عكسية، والسبب هو تغييب اللغة الأم تامزيغت، من الفلسفة العامة للإصلاح، فمنذ اعتماد التعريب الشامل في المدرسة العمومية المغربية في بداية عقد الثمانينيات، فإن منظومة التعليم تعاني من اختلالات بنيوية، لأنها تحتكم إلى الأيديولوجيا وليس إلى العقل والمنطق، فالمدرسة التي لا تشبه محيطها الثقافي ولا تنسجم مع محيطها اللغوي، فإنها تتموقع في المكان الخطأ.
فكان على بنموسى أن يرجع المدرسة المغربية إلى موقعها الصحيح، لكي ينطلق قطار الإصلاح من المحطة التي يجب أن ينطلق منها، على سكة متينة للعبور إلى المحطات المقبلة في أمان، أما أن يركب على سفينة بدأت في الغرق منذ زمن طويل، ويسعى إلى إصلاحها، بنفس الأدوات التي تم تجريبها في إصلاح الأعطاب السابقة، فإنه حتمًا لن يصل إلى النتائج المنتظرة.
مجمل القول، فإن وزارة التربية الوطنية مطالبة، على الأقل، بتنفيذ ما جاء في القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وأن تكف عن إصدار مذكرة تلو مذكرة، وخارطة تلو خارطة، ومخطط بعد مخطط، وقرار بعد قرار، لتضييع المزيد من الوقت في اللامعنى واللاجدوى… فالأمازيغية تطالبكم فقط بتنفيذ ما تضمنه القانون التنظيمي…
لذلك، نقول إن الأمازيغية مدخل أساسي وإجباري لأي إصلاح للتعليم في المغرب…
مناضل أمازيغي وإعلامي وكاتب وباحث في التاريخ
وزير التعريب بن موسى ، فيما يخص الأقوال لصالح الأمازيغية فهو يقوم بمسرحيات للاستهلاك الفوري ، يفرغ الكلام المعسول والشعارات الفارغة في القاعات و عبر الإعلام لكن أفعاله توثق نواياه الحقيقية و تعطي الدليل على حقده تجاه الامازيغية و بالتالي تجاه الأمازيغ . يخاف من الأمازيغية لذا يتحدى الدستور ويدنس مصداقيته كوزير ويخيب ثقة كل من يريد المصالحة مع الذات ، الأمن والاستقرار والحقيقة التاريخية من الشعب . يتعامل مع ام القضايا بالمغرب على أنها مسألة شخصية مزاجية . منذ سبعين عام و المغاربة يعيشون على أوهام العروبة و ينتظرون أن تصنع لهم المملكة السعيدة ، الواقع أن نار العروبة… Lire la suite »