وهبي: من الجوارب الى تاسلحيت
لطالما تأسفنا لفلكلرة الفعل السياسي وإغراقه بالشعبوية التي لا تليق بمؤسسات الوطن ومسؤوليه، وكم نبهنا إلى خطورة مثل هذه الخرجات البهلوانيات التي طفت الى السطح خصوصا بعد 2011 مع الزعيم الأممي الذي آثر غير ما مرة إضحاك المغاربة بأشكال فرجوية مقيتة عوض إسعادهم بسياسات عمومية تنتصر لمصلحة بسطاء المواطنين.
اعتقدنا مخطئين أن مشهدنا السياسي قد يلتئم جرحه بأفول نجم “بطل إجهاض التغيير المنشود”، إلا أن الصادم في الأمر أن بركة “الحلقة” – مع الاحترام الواجب والكامل لفن الحلقة ولرواده الذين أبدعوا ولايزالون، يرسمون الايتسامة على الوجوه الكئيبة بكل تلقائية وعفوية – قد مست “زعيما” آخر قذفت به أمواج الحظ الى ساحل المسؤولية.
السيد عبد اللطيف وهبي وزير العدل، الذي أبان عن وصولية مقيتة وانتهازية مردودة بعد تصريحات عدوانية تجاه غريمه –آنذاك- عزيز أخنوش، أبى إلا أن يقاسم بل يقتسم معه “كعكة” المسؤولية الحكومية، لقد أنسته رغبته الجامحة في الاستوزار وتقلد منصب سام يمكنه من الانتصار لأناه المتضخمة كل ما جاء على عظمة لسانه. السيد الوزير، كثرت أخطاؤه التي لم تعد لا زلات ولا هفوات بقدر ما هي مؤشر قوي على عجز بين عن تقدير الوضع الاعتباري الذي ينعم به وفيه.
صحيح أننا نعيش في مجتمع يعاني من نقص حاد في التواصل الإيجابي، إلا أن هذا الاضطراب لا يعقل ولا يستقيم أن نجده في حدوده القصوى لدى وزير في العدل، فالواضح أن السيد “وهبي” لا يفقه في المبادئ الأساسية للتواصل، فتجده في مواقف عدّة يلجأ إلى “آليات تواصل” عدوانية وبليدة أقرب إلى تعبيرات مسرحية، تدمع العين وتكح القلب.
السيد “وهبي”، الوزير يعكس ما انتهينا إليه في ممارستنا للسياسة، فهو يجمع بين التسرع والكسل وانعدام الكياسة، وهو الذي لم يستوعب الدرس ولن يستوعبه أبدا لأنه ببساطة متباه مختال ، قد لا نبالغ إن قلنا إنه سيجد نفسه يوما خارج “مربع العمليات” خصوصا أنه لا يلتقط الإشارات ويعيش في شرود قاتل. الأخطاء درجات، وليس من المقبول من وزير – وبالأحرى من وزير للعدل- أن يغرق في مستنقع التفاهة والسفاهة لأنه بكل بساطة لم يعد يمثل نفسه أو حزبه فحسب، بل يمثل منظومة حساسة يفترض أن تكون لها هالة وتقدير في البلاد.
ليس من حق السيد “وهبي” أن يتحدث عن جوارب المدير الإقليمي لوزارة الثقافة، ضحية عنجهية وفظاظة الوزير، ليس من حقه أن يهينه أو يتجرأ عليه مستضعفا محتقرا، ولو كان تحت سلطته في وزارة العدل، لكن “جنون العظمة” نال من وزيرنا وجعله أضحوكة من شاهد أو عاين المشهد.من جانب آخر، ليس من حق وزيرنا “الحلايقي” أن يكشف عورته الايديولوجية في مبنى البرلمان، ويمتطي دابة الجهل المركب في تفاعله مع نواب الأمة، لقد سئمنا من النقاشات الجانبية والقهقهات المزعجة سابقا، وأملنا أن تكفوا عن صراع الديكة هذا.
السيد الوزير، نحن نعلم سياق وخلفية السؤال الفخ والجواب الفظ والتعقيب المستفز وما بعده من تفاهات، أنتم مخطئون إذا اعتقدتم أننا نستهلك مسرحيتكم، لكن نثير انتباهكم السيد الوزير المحترم نحن لا نهتم بأصولكم ولا فروعكم، لأننا ببساطة مغاربة التعايش والتسامح نعيش في دولة المؤسسات، ولن نسمح لكم بتعكير صفو اختلافاتنا وتنوعنا انتصارا لأناكم السياسوية.
مؤسف حقا السيد “وهبي” أنكم لم تتعلم من أبيكم السوسي تواضع أبناء سوس العالمة وهم أهل العلم والجاه، ولم تتعلموا من أمكم الريفية حزم وصدق أبناء الريف الأبي، ولم تتعلموا –بعد- من عقيلتكم الفاسية الحلم والأدب ورقة الكلم التي يشهد بها المغاربة لأهل فاس.
السيد الوزير، اعلموا أنكم لم تعودوا زعيم حزبكم فحسب، فكفوا عن العنتريات التي نلت بها استوزاركم، وعوا أنكم وزير العدل في دولة عظيمة بتاريخها وحاضرها إسمها المغرب.
أستاذ متخصص في اللغة الامازيغية ورئيس المنتدى الامازيغي للصحافة والاعلام والكاتب العام الوطني لكنفدرالية جمعيات مدرسي اللغة الامازيغية بالمغرب