هل يعاني “أطلس دْرن” من التمييز والإقصاء؟
لن ندخل في مضان السياسات العمومية ولب مخططاتها وتفاصيلها وبرامجها، لكي نقف على منظور الدولة إلى الجبل، وتحديدا إلى” أطلس درن” الذي دمره زلزال 8 شتنبر. ولكن، يكفي فقط، التمعن في تسميات الجهات التي يمتد مجالها الترابي ويضم مناطق عديدة من جبال الأطلس. لذلك سنقتصر على الجهات التي ضربها الزلزال، والأكثر تضررا.
نبدأ بجهة مراكش آسفي، لا تحمل في تسميتها أي إشارة أو دلالة إلى الاطلس الكبير، بالرغم من شساعة المساحة التي يغطيها نفوذ تراب الجهة في جبال الأطلس، والتي تضم ثلاثة أقاليم، وهي إقليم الصويرة، إقليم شيشاوة، وإقليم الحوز، وتغطي جهة مراكش آسفي، مساحات كبيرة وممتدة من الاطلس الكبير، من سواحل المحيط الأطلسي إلى منطقة تيزي نتيشكا في تخوم تلوات وحدود جماعة إمي نولاون، حيث يبدأ نفوذ تراب إقليم وارزازات، فهي مناطق شاسعة وتغطي مجال مهم في الأطلس الكبير وإن لم نقل المناطق الأكثر وعورة والأكثر برودة. ورغم ذلك، فلا تشم رائحة الأطلس في تسمية الجهة، ” مراكش- آسفي”.
ما المقصود من هذه التسمية؟ وما المراد منها؟
الذين وضعوها، يمكن أن تكون لهم مبررات ومعطيات أخرى، قد لا نراها نحن، ولكن، مؤكد أنهم كانوا يخططون ويفكرون ويبرمجون، بعد أن وضعوا الجبل خلفهم، وولوا له ظهورهم، وينظرون مباشرة إلى السهل، وعبره إلى البحر، بعد أن رسموا خطا مستقيما يبدأ من نقطة بداية مراكش وينتهي في نقطة نهاية آسفي… اذن من خلال هذه التسمية، أقول من خلال هذه التسمية، فجهة مراكش آسفي، لها نقطة الانطلاق هي مراكش ولها نقطة الوصول هي آسفي. وفي متابعتنا ومواكبتنا، إعلاميا وميدانيا سنوات قبل الزلزال، لتنمية المناطق الجبلية داخل الاقاليم الثلاثة، شيشاوة، الحوز، الصويرة، المنتمية لجهة مراكش- آسفي، وقفنا بالفعل وبالملموس، أن للتنمية والقرار التنموي والبرمجة التنموية من مشاريع وغيرها، هي الأخرى لها خط مستقيم يبدأ من مراكش وينتهي في آسفي، وتفرع منه خط ذاهب إلى بنگرير، وخط آخر ذاهب إلى الصويرة، المدينة وليس الإقليم، وهي خطوط كلها سهلية تسير مع السهل والمنبسط، ولت ظهرها للجبل كما فعل الذين وضعوا تسمية الجهة، فالتنمية قبل أن تكون قرار سياسي وتخطيط ترابي، فهي موقف، أو رؤية أو تصور، فموقف الذين وضعوا تسمية مراكش آسفي، لهم موقف راسخ من الجبل ومن الأطلس الكبير، مادام أنهم لم يدرجوا إشارة واحدة ترمز للجبل أو للاقاليم الثلاثة التي تضم أطرافا ممتدة من الاطلس في تسمية الجهة، وهو ( الموقف) أن الجبل ينتمي إلى الهامش، وإلى الهامشية( بالمفهوم السوسيولوجي) وإلى الأطراف (بالمفهوم التاريخي) وإلى الخلفية، (بالمفهوم الجغرافي)، فالتصور الجديد “للتنمية” الذي تبنته الدولة في السنوات الأخيرة، والمبني على سياسة الأقطاب الكبرى، يرتكز على “المدينة – الميناء” أي الصناعة والتصدير، لذلك نجد مخططات التسريع الصناعي تتماشى مع انشاء الموانئ الكبرى، وهذا تصور جديد قد يعطي نتائج هائلة ومهمة، كما هو حاصل في طنجة والقنيطرة، والناظور والداخلة ثم اگادير، غير أن اهتمامنا دائما، ينصب نحو الجبل وساكنة الجبال، فهذه السياسة التنموية والاقتصادية جعلت الجبال في الخلف والهامشية، رغم أن فضائلها على الاقتصاد الوطني كثيرة ومتنوعة ومهمة…
ومادام أن مناطق الاطلس الكبير التابعة لجهة مراكش آسفي تعاني من نقص كبير في البنيات التحتية الضرورية والولوجيات والمسالك، ونقص كبير في الخدمات العمومية والاجتماعية من تمدرس واستشفاء وتشغيل وتكوين، وانعدام فرص الترقي والارتقاء والتطور، وهي مشاكل واكراهات حقيقية كشفها الزلزال بشكل مؤلم، حيث شاهد العالم بأسره صعوبة كبيرة في إنقاذ ضحايا الزازال بسبب سوء حالة الطرق وانعدام المسالك وبعد المستشفيات وقلة البنيات وحرمان الساكنة من أبسط الحقوق، وقساوة العيش… كل هذه الأمور هي التي تعطينا مفهوم الإقصاء…
ننتقل إلى الضفة الأخرى للأطلس الذي ضربها الزلزال، السفوح الجنوبية لأطلس درن، التابعة لإقليم تارودانت والتابع هو الآخر لجهة سوس ماسة، فنفس الشيء، تسمية لا تحمل أية إشارة إلى هوية مجال أطلس درن، بالرغم من أنها تغطي هي الأخرى مجالات كبيرة شاسعة من الاطلس الكبير في إقليم أكادير اداوتنان، وإقليم تارودانت، بالرغم من أن هذا الأخير يضم جماعة تسمى توبقال، وهي أعلى قمة في المغرب وفي سلسلة الأطلس، وأعلى قمة جبلية في شمال إفريقيا، وبالرغم من كون قمة توبقال تنتمي إلى مجال تابع لأقليم الحوز في الحدود مع إقليم تارودانت، إلى أن هذه القمة لما لها من شهرة ومكانة عالمية، فلا هي حاضرة في تسمية جهة مراكش ولا هي في تسمية سوس…
تسمية سوس ماسة، اقتصرت على الأنهار وهي عادة تاريخية قديمة بتسمية جهات المغرب الأودية والانهار كما دأب الاخباريون المؤرخون والجغرافيون والرحالة على تقسم المغرب إلى جهات تحمل اسماء الأنهار الكبرى، لكن حاليا هذه التسميات تحتاج إلى إعادة تدقيق، فنهر سوس ينبع من أفلا واسيف بأطلس درن ناحية أولوز، فهو يحمل مياه عيون وثلوج أطلس درن، وواد ماست الذي كان يسمى أسيف نوالغاس فهو ينبع من الاطلس الصغير، فمياه الأطلس هي التي تجري في كل من واد سوس وواد ماسة، حسب الحتمية الجغرافية، التي تنقل المياه من العالية إلى السافلة، لكن إشارة جبال الأطلس وهويته لا تحضر في تسمية الجهة، وهذا معناه أن المخطط للتقطيع الترابي الذي يضفي هويات جديدة على الجهات لا يهتم بالجبل ويعتبره خلفية وهامش في مقابل السهل والحاضرة والمدينة الساحلية، فمنطق الجهوية الجديدة التي تسعى إلى “الجهوية الموسعة والمتقدمة” فهي تهتم بالمصب لا بالمنبع، تريد استغلال مياه الينابيع والثلوج في الجبال لتغدية بساتين وضيعات السهول، “جهوية” تسعى الى استنزاف موارد جبال الأطلس لتنمية مناطق المدن وتخومها السهلية الساحلية، “جهوية موسعة” أصبحت جهوية موزعة، توزع خيرات وموارد الجبال على المناطق البعيدة، دون أية مردودية تنموية في الجبال، التي هي المنبع والينبوع..
ليس المشكل هو تصدير فضة منجم زكندر نواحي أسكاون إقليم تارودانت، وليس هو تصدير ذهب منجم إيسكساون إقليم شيشاوة، في ميناء أگادير وليس هو تصدير نحاس جبال امزميز في ميناء آسفي… ولكن المشكل الكبير حين ترى ملامح الاقصاء والتفقير والتهميش في تلك المناطق الجبلية المجاورة لمناجم الأطلس…
ما قلناه في جهة مراكش آسفي وجهة سوس ماسة، في تهميش الأطلس الكبير داخل تسميات الجهات، ينطبق أيضا على جهة درعة تافيلالت وجهة بني ملال خنيفرة، بحكم وجود أقاليم وارزازات وأزيلال هي الأخرى متضررة من الزلزال…
قد يبدو للبعض اهتمامنا بالتسميات في تحليل ظاهرة “الإقصاء” التي يعاني منها ساكنة الجبال، (المتضررة من الزلزال) موضوع غير ذي جدوى، ولكننا نحن نعطي للتسميات كل المعاني التي تستحقها، فهي بمثابة العتبات التي توصلنا إلى السراديب المظلمة…
مناضل أمازيغي وإعلامي وكاتب وباحث في التاريخ
المخزن العروبي الذي يتكون من بقايا الموريسكيون الهاربون و احفادهم ، يرى و يعرف ان كل شبر من المغرب أمازيغي ادن عدو . لذا يعتمد على المحور الثلاثي المستعرب .الدار البيضاء ، الرباط وفاس ثم طنجة اخيرا. في العقود الأخيرة يركب عل السلطة اىقمعية ، الإعلام التعريبي و الدين العربي لكي يعرب ويسلب بقية البلاد .الزلازل و الكوارث هي فرصة للتسلل إلى مناطق منسية لتغيير بنيتها اللسانية و تشتيت اواصرها ليسهل لتعريبها على الأمازيغ ان يستفؤقوا من نومهم ويحا بوا الاستعمار العربي الصهيوني .