حميش ..الحقد الأسود الذي بيننا


ها هي الحضارة الامازيغية تنبعث من جديد وبهدوء تام من تحت الرماد من تحت النار من تحت الجمر. مقالة حميش الوزير السابق بحزب الاتحاد الاشتراكي… يعتصر فيها حقدا ويتقطر حسدا وينطق فيها هراء..ينفث سمومه الحاقدة تجاه الأمازيغية كلغة وثقافة وحضارة وتاريخ…وهو دليل كاف على أنها في طريق الانعتاق والانبعاث ….

بدون سياق شن حربا مسمومة على احمد عصيد، فقط لأنه ناشط امازيغي ومثقف علماني فرض نفسه على الصحافة ووسائل الاعلام والتواصل التي تتهافت على تصريحاته وافكاره وتنقل محاضراته… حميش هجم أيضا على المرحوم المفكر والمؤرخ الجزائري الذي ترك وصية لكي يدفن في المغرب الذي رأى قيد حياته أنه وطن يستحق أن يدفن تحت ترابه مفكر عالمي مزعج بنظرياته العلمية والمعرفة الرصينة، من طينة أركون. لو كان هذا الأخير حيا وقرأ ماكتبه حميش لما كان يختار أن يدفن هنا. ويجب أن يعلم الجميع أن حقد حميش على أركون ليس مرده هو النقاش العلمي والمعرفي حول النظريات التي ألفها وطرحها أركون في الاسلاميات التطبيقية، وإنما راجع إلى ما هو شخصي وتصفية الحسابات، لأن حميش كان قد تقدم بطلب انجاز اطروحة دكتوراه في جامعة السربون للأستاذ أركون للإشراف عليه، وبعد أن قرأ المرحوم أركون مشروع بحث الطالب حميش، أرجعه إليه ورفض الإشراف عليه لأن مشروعه لا يستحق ذلك، ولا يرقى لكي يكون موضوع انجاز اطروحة علمية في المستوى الذي يشرف عليه ويؤطره المفكر أركون. وبسبب ذلك يكن حميش حقدا كبيرا للمرحوم أركون، وبعد موت هذا الأخير خرج حميش يكتب عنه بعض الخزعبلات، وهو ما أجابت عنه أرملة أركون بقولها لحميش ” لوكانت لكم ذرة عقل وضمير لكتبتم عن أركون أثناء حياته لكي يستطيع الرد عنكم أما الآن وهو تحت التراب فقل ما شئت…”.

حميش اختار الهجوم على الأمازيغية في لحظة دقيقة جدا، بل اختار بسيادية لا نظير لها أن يستهدف حرف تيفناغ بمكر وخبت يبين حدود الأسى والجنون الذي أصاب آخر قلاع القومية العربية بالمغرب. لحظة خروج حميش بشكل اضطراري ومرتبك هي ما يعيشه المغرب وعموم شعوب شمال افريقيا من لحظة استيقاظ ولحظة نهوض وعي بالذات الثقافية وبالشخصية المغاربية وبالهوية الأنا الشمال افريقي، نتيجة الصدمة التي وقعت أثناء اختيار السعودية التصويت لصالح أمريكا لتنظيم كأس العالم سنة 2026.. وتحمسها الزائد والمبالغ فيه وصرف أموال بيترودولار دعما لأمريكا وضدا على المغرب المسكين .. وما أفرزه هذا الدعم السعودي من نقاشات صاخبة وردود فعل بين شعوب شمال افريقيا والسعودية ومن تبعها من العرب.. بسرعة استفاق المغاربة من وهم العروبة وخطاب الاخوة العربية الزائف والقومية والوطن الواحد والانتماء العربي المشترك…الخ. واكتشف المغاربة ذواتهم الحقيقية وانتمائهم الافريقي ذات الخصوصية القائمة الذات عن الشرق في الثقافة والتاريخ والحضارة… دون أن ننسى ما يتكبده الجيش العربي في ليبيا من خسائر أمام صعود امازيغ ليبيا وتخالفهم مع حكومة الوفاق.

إن ما يزعج حميش هو هذه العودة ..عودة المغاربة الذين يتحدثون العربية العامية أو غير الناطقين بالامازيغية… عودة هؤلاء الى اكتشاف ذواتهم واعلان استقلاليتهم وتبعيتهم الثقافية للمشرق.

هكذا خرج حميش ويقول بأن الامازيغ يأكلون الغلة ويسبون الملة… كيف تجرأ وزير سابق يأكل من دم المغاربة ولحمهم معاش ضخم وتقاعد ضخم بالملايين فقط لانه كان ذات يوم وزير يضع كرافطة ويتجول في السفريات ويرافق الجميلات ويشرب من كل الكؤوس ويستمتع بأموال الشعب بدون حسيب ولا رقيب… يتجرأ ويتهم مناضلين ومثقفين ومفكرين يدافعون عن الامازيغية وفرضوا أنفسهم على وسائل الاعلام والتواصل وفي المشهد الثقافي والفكري… الذي كان محتكرا على أمثال حميش.. الذين اصبحت كتاباتهم ورواياتهم لا تستهوي أحدا… إذا كان أكبر واحد يصدق عليه شعار أكل الغلة وسب المله هو الوزير حميش… (ونحن نعرف جيدا من هو وزير حميش وكيف مرت فترته الوزارية بوزارة الثقافة ).

حميش يعاني من أزمة عزلة قاتلة… بارت ثقافته وكسدت تجارة كتبه لم يعد أحد يشتري رواياته ولا أحد يقرأ ويتتبع ما يكتبه… نزلت أسهمه في السوق الفكرية والثقافية إلى الحضيض… وبدأ يسب الامازيغية ويدعو بكتابتها بالحرف العربي الارامي وينهي عن الاهتمام بالثقافة الامازيغية.. ويشتم في الذين يناصرونها ويدافعون عنها …

لم ندعو قط إلى التفرقة بين المغاربة ولم يسجل علينا التاريخ يوما أن ندافع عن الامازيغية بخلفية عنصرية اقصائية. ولكن لن نترك أحدا يواجهنا بالعنصرية كفزاعة كلما حاولنا ابراز وصيانة او الاهتمام باللغة والهوية الامازيغية…

الامازيغية هي نداء لجميع المغاربة من أجل العيش المشترك…من أجل شخصية مغربية مغاربية افريقية بالاولوية.

هجوم الوزير حميش على المؤرخ محمد أركون لا مبرر له..وسيسجل التاريخ بمداد أسود مملوء بالحقد والكراهية هذا الهجوم المفضوح… ربما بسبب التجاوز. لأن مؤرخ ومفكر من قيمة أركون الذي خلف أبحاث وكتب ونظريات مشهود لها في العالم بالجدية والرصانة والقيمة العلمية العالية لن يصل حميش حتى إلى مستوى فهمها وادراكها… وما بالك تجاوزها..

غباء حميش وصل إلى حد منعنا من الافتخار بالقديس الامازيغي سانت اوكيستين باعتباره اوروبيا وليس أمازيغيا ….قمة الغباء والمكر…كأنه يريد أن يقول لنا أن الامازيغية لن تستطيع انجاب مفكرين خالدين في التاريخ مثل اوكيستين وابن خلدون وابن رشد …فما الامازيغ الا شعب من البربر بدو ورحل يسكنون الكهوف …

حميش …عليه أن يعلم أن الحضارة الامازيغية عظيمة أكبر بكثير من خربشاته واحقاده الدفينة ….وأن زمن الهريف الثقافي والوهم العروبي قد ولى بدون رجعة.


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments