حوار مع الباحث الأمازيغي عبد الله حتوس حول التحاق “الجبهة الأمازيغية” بحزب “الأحرار”


حوار مع الباحث الأمازيغي، عبد الله حتوس حول اختيار  جبهة العمل السياسي الأمازيغي الإلتحاق بحزب التجمع الوطني للأحرار.

 نص الحوار:

أستاذ حتوس، أسدل الستار يوم الثلاثاء الماضي على شوط مهم من مسلسل المفاوضات بين جبهة العمل السياسي الأمازيغي وأربعة أحزاب سياسية، باختيار الأغلبية الساحقة من مناضلي الجبهة، الإلتحاق بالتجمع الوطني للأحرار. ما هو تعليقكم على الحدث كباحث في الشأن الأمازيغي ومتتبع لعمل الجبهة؟

لا يمكن لي كمواطن وكفاعل حقوقي وناشط أمازيغي، إلا أن أنوه بنجاح جبهة العمل السياسي الأمازيغي في الوصول إلى هذه المحطة، على درب سعي مناضليها للمساهمة في النضال من داخل المؤسسات لإنصاف الأمازيغية بكل أبعادها.

أتمنى كل التوفيق لنشطاء الجبهة، سواء من اختار منهم الإندماج في التجمع الوطني للأحرار أو الذين ما زالوا يبحثون عن آفاق حزبية أخرى تستجيب لتطلعاتهم وانتظاراتهم.

هل فاجأكم اختيار أغلبية مكونات الجبهة، الإندماج في التجمع الوطني للأحرار؟

رغم أن تفاصيل الإتفاق بين الطرفين وجزئيات العرض السياسي الذي قدمه الأحرار للجبهة، لم تخرج إلى العلن، وهذا أمر طبيعي، لأن تلك التفاصيل والجزئيات تهم التجمعيين، أولا وأخيرا، وضمنهم جموع الملتحقين. رغم ذلك، يمكن لي أن أقول، كمتتبع ومهتم بسير المفاوضات بين الجبهة والأحزاب السياسية الأربعة(الحركة الشعبية، التجمع الوطني للأحرار، حزب التقدم والإشتراكية وحزب البام)، بأن اختيار مناضلي الجبهة الإلتحاق بالتجمع الوطني للأحرار، لم يكن مفاجئا لأسبابثلاثة رئيسية:

أولا، الدينامية التي أبان عليها التجمع الوطني للأحرار منذ شهر أكتوبر من سنة 2016، مع تولي رجل الأعمال السيد عزيز أخنوش قيادة سفينة التجمع، واختياره لشعار مؤطر لعمل الحزب، ينهل من معين الثقافة الأمازيغية. فشعار “أغراس أغراس” لم يكن في اعتقادنا مجرد شعاربل عنوانا لمنظومة قيم،وهذا ما ركز عليه رئيس التجمع في تقديمه لكتاب “مسار الثقة” حيث قال” إنني أعتقد راسخا أنْ لا حياة سياسية بدون قيم، كما لا قيمة للقيم دون مشروع سياسي واضح المعالم”.

ثانيا، تواجد العديد من مناضلي الحركة الأمازيغية داخل الحزب، وتولي البعض منهم لمهام قيادية في المكتب السياسي والتنظيمات الموازية،والالتحاق الفرديلبعض أطر الحركة الأمازيعية بالتجمع الوطني للأحرار، في الشهور القليلة الماضية. يضاف إلى ذلك، الأهمية القصوى التي يوليها رئيس التجمع لمنتدى “AZA FORUM” المنذور للعمل الأمازيغي، وحرصه على تتبع أشغاله وحضور لقاءاته السنوية منذ سنة 2018.

ثالثا، وضعيىة الورش المفتوح (un chantier ouvert) التي يوجد فيها التجمع منذ 2016، وما تقدمه هذه الوضعية من فرص التموقع للوافدين الجدد، مقارنة مع الأحزاب الثلاثة الأخرى. فمنذ سنة 2017، تغيرت الكثير من الأمور في بيت الأحرار، واشتغل المصعد الحزبي بشكل جيد، وهذا في حد ذاته عامل محفز للإنخراط الفردي الطوعي، وقوة دعم لمجهود استقطاب الكفاءات.

هل في نظركم ستمر أجرأة هذا الإلتحاق بشكل جيد وسلس، أو على العكس من ذلك ستكون صعبة، بالنظر إلى أن الملتحقين سيجدون أنفسهم أمام إكراهات العمل الحزبي الذي يختلف عن العمل الجمعوي؟

أعتقد أن الوعي، بإكراهات الانتقال من العمل الجمعوي إلى العمل الحزبي، حاصل سواء لدى قيادة التجمع الوطني للأحرار أو لدى مكونات جبهة العمل السياسي الأمازيغي. كما أعتقد بأن تشكيل لجنة ثنائية (Bipartite)لتتبع مسار الإندماج وتيسير سبل الإندماج محليا، جهويا ووطنيا، نابع من الوعي بتلك الإكراهات.

أظن أن دعوة التنظيمات الموازية للتجمع وتنسيقياته محليا، جهويا ووطنيا للانفتاح على مكونات الجبهة وغيرها من الفعاليات الأمازيغية، وصدور هذه الدعوة من رئيس الحزب شخصيا، يعطي الكثير من الضمانات لتيسير هذه المهمة المحورية في اعتقادنا. كما أن حضور الأستاذ عبد الله غازي إلى جانب الأستاذ الطالبي العالمي في اللجنة كممثلين للتجمع، أمر مهم للغاية. فالأستاذ عبد الله غازي عضو في المكتب السياسي للتجمع وفي نفس الوقت مناضل في الحركة الأمازيغية ويعرف تضاريس المشهد الأمازيغي.

هل من نقط ارتكاز يمكن البناء عليها لتيسير عملية الإندماج تلك؟

في اعتقادي هناك العديد مننقط الإرتكاز يمكن البناء عليها لتيسير العملية، أهمها في نظري:

أولا، يمكن بناء هوية مشتركة للتجمع وفي صلبها الأمازيغية. فخلافا لما يعتقده البعض، يعود اهتمام التجمع الوطني للأحرار بالقضية الأمازيغية إلى السنوات الأولى من تأسيسه، فقد كان هناك نقاش مهم حول القضية الأمازيغية وتحرك على المستوى الحكومي في عهد حكومة “أحمد عصمان” التي نصبت شهر نونبر 1977. ورغم أن الكثير من المشاريع لفائدة الأمازيغية والتي طرحتها تلك الحكومة لم تر النور، إلا أنها كسرت الطابو بطرحها الأمازيغية على الطاولة الحكومية ولأول مرة في المغرب.

يقول عميد العمل الجمعوي الأمازيغي، المرحوم الأستاذ إبراهيم أخياط، في مذكراته ” النهضة الأمازيغية كما عشت ميلادها وتطورها”متحدثا عن علاقة التجمع الوطني للأحرار بالأمازيغية: “ورغم هذا التطور الملحوظ في الأوساط الحكومية في عهد أحمد عصمان إلا أن أية مشاريع من المشاريع السالفة الذكر لم تتحقق، ولم تر النور، والجواب على هذه الملاحظة كان من طرف الوزير الأول نفسه “أحمد عصمان” في الجلسة الي عقدناها معه سنة 1996  (…)إذ عبر لنا عن أسفه لكونه بدا في التمهيد لتحقيق تلك المشاريع السابقة الذكر، غير ان الاختلافات في المواقف بين الأحزابالمكونة للحكومة آنذاك حال دون تحقيق ذلك”.

ثانيا،تجربة الفعاليات المشكلة للجبهة وقدرتها،في اعتقادنا،على التعامل الذكي مع الزمن الحزبي المختلف عن الزمن الجمعوي ومع مسألة التموقع داخل التجمع (Le positionnement). فالعمل والإنجاز في الميدان سواء تعلق الامر بمعارك الترافع أو معارك الانتخابات، من الروافع التي ستيسر عملية الإندماج الكلي.

ثالثا، خصوصية التجمع الوطني للأحرار مقارنة بباقي الأحزاب الوطنية، فالتجمع ليس حزبا مغلقا. فكلمة التجمع لغة،تحيلإلى اتّحاد الجزئيّات البسيطة لتكوين جزئيّات أكبر وزنًا. فتوحيد جزئيات سياسية فسيفسائية كان وراء تأسيس التجمع بعد انتخابات 1976 -1977، لذلك لم يبلور الحزب إيديولوجية منغلقة على ذاتها، بل ظل منفتحا على الكثير من الكتل المجتمعية. في التجمع، يتعايش رجال الأعمال مع الأعيان وتتفاعل الأطر الإدارية مع المثقفين، ويلاحظ في السنوات الأربع الأخيرة التحاق فئات مجتمعية مختلفة بالتجمع، خصوصا مع تفعيل التنظيمات الموازية.

رابعا،توصل القيادة الحالية للتجمع،إلى بلورة تصور للمغرب الذي يريده الأحرار، والذي قدمته للعموم في شكل كتيب يحمل عنوان “مسار الثقة”، وضمنه مسألة إنصاف الأمازيغية.

خامسا، قدرة القيادة الحالية للأحرار، على فرض الانضباط والإلتزام الحزبي داخل التجمع، وفي تدبيرها لقوس “الحركة التصحيحية”، ما يعطي الضمانات للملتحقين الجدد على أن ما سيترتب عن لجنة التتبع من قرارات سيجد طريقه إلى التنفيذ.

ما هي أهم الرهانات المستقبلية على ضوء هذه التطورات في المشهد الأمازيغي؟

هناك العديد من الرهانات، لكن أهمها في اعتقادي، رهان النجاح في بلورة استراتيجية مندمجة للعمل الأمازيغي، تضمن إلتقائية المبادرات ذات الصلة بالشأن الأمازيغي (la convergence des initiatives) والتكامل بين العمل المدني الأمازيغي والعمل السياسي.

تانميرت الأستاذ عبد الله حتوس على قبولكم الإجابة على أسئلة “العالم الأمازيغي”.

تانميرت على الاستضافة.

العالم الامازيغي


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments