عصيد: بعض دلالات التحالف بين البام والبيجيدي


يظهر التحالف بين حزبي “العدالة والتنمية” و”الأصالة والمعاصرة” معنى مقولة “الزمن دوار”، حيث يمكن أن تباغت الوقائع الناس بما لا ينتظرون، ويحمل هذا التحالف دلالات عديدة بالنسبة للحزبين معا، فمن جهة حزب المصباح يبدو أنه مشغول جدا بموقف السلطة العليا منه ومن أدائه وتواجده داخل المؤسسات، ولهذا فضل بعث رسالة من خلال التحالف مع الحزب الذي كان يُنعت إلى أجل قريب ـ أو ربما ما يزال ـ بأنه حزب السلطة، كما أنّ العوامل المستجدة جعلت الحزب الإخواني يفكر منذ الآن في تغيير حلفائه الذين لم يكونوا عند حسن ظنه، وخاصة حزب “التجمع الوطني للأحرار” الذي يبدو أنه فرض نفسه على “البيجيدي” في ظروف خاصة كانت فيها الغلبة للتوازنات التي أرادتها السلطة سنة 2016.

ولهذا يبدو أنّ “البيجيدي” يسعى إلى ضمان حليف يرتاح إليه نسبيا للخروج من الوضع الكاريكاتوري الحالي الذي يجعله يهاجم يوميا حزبا يشاركه في الحكومة، وهذا سيجعل “البيجيدي” يركز حملته الانتخابية على قصف حزب “الحمامة” بعدما كان بنكيران من قبل يركز على قصف “البام” باعتباره العدو الرئيسي الذي يستعمله في تعبئة أنصاره.

كما أنّ المشكل بالنسبة للحزب الإخواني في الظرف الراهن ليس هو إيجاد حليف قوي فقط بل هو الحفاظ على كتلته الناخبة في ظل وجود قاسم انتخابي جديد مع ظهور مؤشرات عديدة تشير إلى تذمر شعبي من أدائه الحكومي خلال الولايتين السابقتين، ومؤشرات أخرى لا يمكن تجاهلها تدلّ عدم رضا السلطات العليا عن بقائه في موقع رئاسة الحكومة. وفي حالة ما إذا اعتقد “البيجيدي” بأن “البام” قد يتولى قيادة الحكومة المقبلة ـ رغم فقدانه بدوره لتماسكه السابق ـ فقد يفسر ذلك رغبته في التحالف مع هذا الحزب من الآن حتى يضمن موقعا مشرفا في الحكومة القادمة، هذا إذا سلمنا بأن المعارضة موقع لا يمكن حتى التفكير فيه مهما كانت نتائج الاستحقاقات القادمة، بالنظر إلى رغبة “الإخوان” المحمومة في الحفاظ على مواقعهم داخل الدولة بأي ثمن.

لكن بالمقابل لعل أهم دلالات هذا التحالف الهجين هو تدهور الحياة السياسية، وتراجع الأداء التنظيمي، وفقدان البوصلة وثقة المواطنين، وضمور الفكر السياسي والإيديولوجيا الحزبية، وغلبة السلطوية.


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments