كأس العرب: هل نتوجه نحو عنصرية مؤسسة؟


يتواصل عرس ابن آوى بمباركة من أعلى هيئة كروية عالمية. وعلى الرغم من ان الرياضة والروح الرياضية تأبى اي نزعة قومية، عرقية، اثنية، جنسية أو سياسية متطرفة، إلا أن المال والريع يبيح المحظور ويتخطى الاعراف والقوانين والقيم ليؤسس لأنظمة جديدة وسلوكيات انحرافية حول ثالوث الموجة الثالثة حسب تعبير عالم المستقبليات الفين توفلر، هذا الثالوث المتكون من المال والجنس والعنف، فإذا كان الدين هو أفيون الشعوب حسب كارل ماركس ، هاهي كرة القدم كظاهرة اجتماعية تعبر من خلالها الشعوب المضطهدة والتي ساءت أخلاقها وتعاني من الاحباط والملل التراكمي، هاهي تعبر عن مكبوتاتها، ألا تؤسس كرة القدم بهذا النحو للأفيونية القومية؟.

القوميات القاتلة

من الإعلان الإشهاري للحدث الكروي الذي أرادت منه قطر أن يكون تمرينا قبل المونديال لاستعراض منشاتها الرياضية وانجازاتها ذات الهندسة المستقبلية في صحراء قاحلة بعيدا عن كل نقاش حول العمالة والتشغيل الذي شابته العديد من الخروقات والاستغلال إلى النقاش حول الآثار البيئية الناجمة عن مثل هذه المنشآت، يقدم لنا البلد المنظم صورة عن المكانة المتردية التي يحظى بها العامل والبيئة في اجندات الدول والمنظمات العالمية. لندع قوانين العمل والبيئة جانبا، فالعرس متواصل والمعلقون والجماهير منتشون بالعروض الكروية القومية التي لا تغيب عنها النعرات والحزازات فلا بأس من استضافة كل المطبعين فالقومية الجديدة تبيح ماكان محظورا، مادام المطبع والضحية يرقصان على دفة ومزامير كرة القدم. لندع العرب في نشوتهم مادامت الجماهير تستمتع والحكام هانؤون، مرتاحون. إنه المخدر وهو أول درجة من درجات هذه الأفيونية القومية.

العرب والعجم والسلطان الاعظم

العرس متواصل والنشوة في تصاعد مستمر ، خاصة باقتراب النهائي وتصاعد الرهانات حول من سيفوز بكأس القومية المزعومة بين اعاجم شمال أفريقيا وعرب الخليج خاصة. لا مكان للاقليات هنا ولا للخصوصيات فالقومية الجديدة تلقي بظلالها على الكل، فلا مكان للكردي، ولا للنوبي، ولا للامازيغي ولا للشركسي ولا لغيرهم وهذا شرط من شروط الأفيونية القومية الجديدة، فالنشوة أصبحت لذة قوية هائجة وكأس العرب سوف تأخذ الكل إلى النرفانا القومية حيث المتعة والبذخ والجمال والمجنون المباح.

ماذا لو فاز بالكأس مطبع؟

ماذا لو فاز بالكأس عجم شمال افريقيا؟

ماذا لو فاز بالكأس من كان يظن نفسه قاءدا لجهة الصمود؟

هذه الأسئلة لا تعترف بها الافيونية القومية الجديدة، فمجرد التعاطي مع مثل هذه الأسئلة يعتبر نوعا من الهذيان.

لندع الشعوب تستمتع ونستسمح الحكام الأشاوس إن كان هناك ازعاج بمثل هذه التساؤلات، مادام العرس يغطي على الدار ويحفظ خلفية الدار من البروز وفضح القوم وعلية القوم.

صبرا جميلا يا نساء الهامش، صبرا جميلا يا شباب القوارب، صبرا جميلا ايها الريف البائس فلا التنمية ولا العلم هو حديث الساعة.

يتواصل العرس ويتواصل معه زحف الافيونية القومية الجديدة والوباء كذلك بلباسه الجديد.

بقلم: محند امقران عبدلي
باحث للدكتوراه و مهتم بشؤون التنمية – جامعة بربنيون فرنسا وخبير في مرافقة مشاريع التنمية


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments