اتحاد كتاب المغرب: الوجه الثقافي للقومية العربية بالمغرب


كان المثقف اليساري القومي والماركسي في المغرب يطالب بكل قواه في كتاباته ومحاضراته وتجمعاته.. بحقوق الانسان ( حرية التعبير، حرية المعتقد، حقوق المرأة، حقوق الطفل، حقوق الحيوان..) فما أن يصل هذا المثقف إلى الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية حتى ينقلب مباشرة على عقبيه ليصبح يمينيا متقاطعا مع التيارات الدينية السياسية، والتي لا تومن بحقوق الانسان، في معاداة الأمازيغية.

سنأخذ كمثال اتحاد كتاب المغرب، الذي كان من المفروض عليه الالتزام أولا بالهوية المغربية، ثم ثانيا الالتزام بحقوق الانسان كاملة وليس مجزأة يختار منها ما يريد لهواه الايديولوجي، ثالثا الالتزام بالفكر التقدمي كفكر انساني وليس كفكر ايديولوجي يلبسه اللبوس الذي تريده ايديولوجيته.

فقبل أن يفرض الوضع السياسي والحقوقي المغربي على هذا الاتحاد تغيير موقفه السلبي من الحقوق اللغوية والثقافية ابتداء من الالفية الثالثة، اي بعد انتشار الفكر الديموقراطي والتقدمي للحركة ثقافية الامازيغية وبعد خطاب اجدير التاريخي 2001، كان اتحاد كتاب المغرب منسجما مع هدفه الثقافي الذي خطه منذ الستينات قبل أن يغير اسمه من ” اتحاد كتاب المغرب العربي” الذي أسسه محمد عزيز الحبابي الى ” اتحاد كتاب المغرب” ، وكان هدفه الاساسي مع هيمنة التيار القومي فيه هو “”خلق ونشر ثقافة عربية ديموقراطية ” كما ورد في قانونه الاساسي الى أن تم تغييره سنة 2012، أي جعل الاتحاد أداة ثقافية وأدبية لنشر الفكر القومي العربي بالمغرب، ليكون الواجهة الثقافية للتيار السياسي اليساري القومي المهيمن آنذاك منذ 1968 سنة الاطاحة بمحمد عزيز الحبابي من رئاسة اتحاد كتاب المغرب من طرف تحالف مثقفي وكتاب حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية واسندت فيه الرئاسة الى الاستقلالي عبد الكريم غلاب، ثم انقلاب مثقفي وكتاب اليسار القومي على حلفائهم الاستقلاليين في مؤتمر اتحاد كتاب المغرب لسنة 1976 ليستحوذ اليسار القومي على اتحاد كتاب المغرب برئاسة محمد برادة.

في مؤتمره سنة 1998 طالب مناضلو الحركة الثقافية الامازيغية المنتسبون الى اتحاد كتاب المغرب ( المستاوي، اد بلقاسم، الدغيرني، عصيد..) بتغيير هذا البند من القانون الاساسي الذي يقصي الثقافة واللغة الامازيغيتين في وطنها ( وهو إقصاء عنصري) فرفض اقتراحهم من طرف الاغلبية على أساس ايديولوجي، لذلك انسحبوا من المؤتمر لكنه بعد مفاوضات تم إقناعهم بالعودة الى المؤتمر ( لأنه ستكون بمثابة فضيحة للاتحاد الذي يدعي التقدمية واليسارية) على أساس أن يتم تغيير ذلك البند.

وسيتم تعديل هذا البند أي “خلق ونشر ثقافة عربية ديموقراطية ” في المؤتمر15 المنعقد بالرباط يوم الاحد 11 نونبر 2001 ليصبح البند في القانون الاساسي للاتحاد كما يلي: “يهدف الاتحاد الى المساهمة الفعالة في خلق ونشر ثقافة عربية ديموقراطية منفتحة على تنوعها اللغوي وأبعادها المتعددة” ( المرجع مجلة آفاق العدد 67، أبريل 2002). حيث أضيف الى بند “خلق ونشر ثقافة عربية ديموقراطية” تعبير: ” منفتحة على تنوعها اللغوي وأبعادها المتعددة”، وهذا التغيير صادق عليه المؤتمر 15 لسنة 2001 بعد الاعتراف الرسمي بالأمازيغية في خطاب أجدير التاريخي يوم 17 اكتوبر 2001، وقوة الخطاب الديموقراطي للحركة الامازيغية بعد ان وجد الاتحاد نفسه اتحادا متخلفا عن الركب الديموقراطي والوطني..

إذن، هدف اتحاد كتاب المغرب أصلا منذ الستينات هو نشر الثقافة العربية بالمغرب، وسيضيف اليه بهار “المنفتحة على تنوعها اللغوي” سنة 2001 ، ولم يغير الاتحاد هذا البند ليعترف صراحة بالأمازيغية الا سنة 2012 أي بعد ترسيمها، حين وجد نفسه قد تجاوزه الركب الديموقراطي والوطني كثيرا، بعد أن سقطت أوهام القومية العربية بسقوط انظمتها الديكتانورية.

أما بيان المثقفين “التقدميين” جدا ( اسماء مشهورة في ميدان الفكر والادب المغربي المكتوب بالعربية )والذين أعمت ايديولوجية القومية العربية بصائرهم فسينشرون سنة 2011 بيانهم المسمى ” البيان الديموقراطي” وضمنوه مقترحاتهم أثناء التهييء لدستور 2011، يعارضون فيه بدون حياء ديموقراطي ووطني ترسيم اللغة الامازيغية، لغة وطنهم واجدادهم بسبب انسلاخهم الثقافي والايديولوجي عن ثقافة وطنهم رغم الشعارات الرنانة التي يتوهمون انهم يحملونها مثل الديموقراطية والتقدمية واليساروية وهي نفس الشعارات التي حملتها الأنظمة القومية العسكرية في الشرق الاوسط ومصر وليبيا والجزائر..


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments