سجدة الداعية المغربي النهاري


من الهيجان المرضي فوق منبر أحد المساجد بالمغرب لتمتد شتائمه من المغرب إلى امريكا, إلى زيارته لأمريكا التي عولج فيها ثم مدحها كثيرا، إلى السجدة الأخيرة متوجها بسجدته إلى أنقرة ثالث القبلتين اليوم لدى بعض المغاربة ذوو النزعة الأممية الإسلامية الذين لا يومنون بالوطن قدر ايمانهم بالوطن الديني الذي سيحكمه أمير المسلمين من افغانستان الى المحيط.

وبما ان لكل مشروع ايديولوجي زعيم، فالزعيم الحالي اليوم هو السيد اردوگان ومشروعه لإحياء الإمبراطورية الإسلامية العثمانية، فلا غرو ان تجد بعض المغاربة من ذوي هذا الاتجاه الاممي الاسلامي فرحين فرحة عارمة لا تضاهيها اية فرحة بفوز السيد اردوگان فرحة لا نراها فيهم حين يتعلق الأمر بأمور وطنهم وانتصاراته.

لكن ما هو الوطن بالنسبة لذوي هذه الايديولوجية الأممية الاسلامية؟

لنعد إلى أحد الدكاترة المغاربة الذين تخلوا عن أرائهم المعتدلة السابقة وتبنوا فكرا يميل إلى السلفية بعد تولي حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحكومة بالمغرب، الدكتور هو إدريس الكنبوري؛ في تدوينة له على “الفايسبوك” ليوم تاسع يونيو 2020، يفسر لنا ما معنى الوطن:

«وللذاكرة والتاريخ هذه الفكرة قديمة جدا تعود إلى القرن 19. وكان القضاء على العثمانيين الهدف منه إنشاء دول متفرقة. وهذا ليس مشكلا في حد ذاته منطقيا فقد عاش المسلمون هكذا رغم الخلافة. لكن الجديد أن يكون لكل دولة تاريخها الخاص المسمى التاريخ الوطني، وعلمها الخاص وشعارها الخاص، فتم بعث النزعة الوطنية الضيقة التي صارت تدريجيا تحل محل الثقافة المشتركة والدين. ثم لأن هناك تاريخا وطنيا صار الناس يبحثون عن التاريخ الوطني القديم ما قبل الإسلام، فظهرت الفرعونية في مصر والفينيقية في لبنان وغيرهما. وهذه نسخة قديمة. والنسخة الجديدة المعدلة وراثيا كالطماطم السامة هي النزعة الأمازيغية العنصرية المقيتة». المصدر مقال للأستاذ محمد بودهان، 13يونيو 2030.

ما كتبه الكنبوري عن الوطن باعتباره نزعة ضيقة( نفس الفكرة كانت تبنتها القوميون سابقا) يشاركه فيه الكثير من المنسلخين عن ثقافتهم المغربية، فيعبرون عنها بصور غير مباشرة إما بالإشادة بزعيمهم في تركيا فيخصص له بعضهم هنا في المغرب سجدة شكر لانتصاره (لكن نسي هؤلاء ومنهم صاحب السجدة أن السيد اردوگان يقيم علاقات قوية مع اسرائيل)، كما فعل القوميون المغاربة سابقا بزعيمهم صدام أثناء غزوه للكويت في بداية التسعينات، وبلغ جنونهم مداه تأييدا له فهيجوا الشارع المغربي بالمظاهرات تأييدا لاحتلاله الكويت.

المنسلخون عن هوية وطنهم مهمتهم ” أد كاتن ألون ئ ئد سيديتسن غ ئمينگ”؛ ينتظرون كل عطسة من أسيادهم في الشرق لتشميتهم.

لكن ما نشاهده اليوم يسعدنا كثيرا، وهو ان الكثير والكثير من المغاربة بدأوا يعودون الى هويتهم المغربية ويفتخرون بتاريخهم وبثقافتهم (بصلبها وعمقها الامازيغي)، فهذا الوطن وهذا البلد صنع تاريخا وممالك وامبراطوريات ما قبل الميلاد وما زالت إلى اليوم ، وهو الأصل، وكفاه انه مكان أصل الانسان الحالي .


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments