الجزائريون يُحيون “يناير” وسط تشبُّثهم بالهوية الأمازيغية


أطلق الجزائريون العنان للاحتفالات الرسمية بالعام الأمازيغي الجديد 2971 بعد عامين من ترسيم “يناير” عطلة وطنية مدفوعة الأجر، في ظروف استثنائية، جراء تفشي وباء كورونا في البلاد.

وانطلقت الاحتفالات الرسمية من ولاية باتنة في قمم الأوراس، تحت شعار “أصالة وحدة وافتخار”، وبإشراف المحافظة السامية للأمازيغية بالتنسيق مع وزارة السياحة.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية،عن الهاشمي عصاد، الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، قوله إن “الاحتفال في يناير 2971، يأتي تحت شعار احترام الإجراءات الوقائية ضد كورونا”.

وأضاف عصاد: “نظرا لحظر التجمعات بسبب كورونا، فالاحتفال بيناير يتم على المستوى العائلي بالمنازل والفضاءات العامة مع احترام تدابير الوقاية من الفيروس”.

وتشهد أرجاء الجزائر احتفالات شعبية ورسمية بفاتح السنة الأمازيعية الجديدة، من خلال إعداد أكلات تقليدية مثل “الشخشوخة” و”الكسكسي” و”الرشتة” و”البغرير” وغيرها، إضافة إلى برمجة معارض وحفلات للغناء وصالون للكتاب وورشة مخصصة للسينما ومعارض للصناعات التقليدية والطبخ الأمازيغي.

ولازالت العائلات المنتمية للأعراش القاطنة على مستوى جبال سلسلة الأطلس البليدي، ولاية البليدة الجزائرية، محافظة على عادات وتقاليد تعود إلى آلاف السنين حسبما أوضح، لوكالة الأنباء الجزائرية مهتم بالتراث الأمازيغي بالمنطقة، معمر بن سونة.

وأضاف السيد بن سونة أن جميع الأعراش القاطنين على مستوى سلسلة الأطلس البليدي على غرار السماتة (غرب الولاية) وبني صالح (جنوب غرب) وبني مسعود (جبال الحمدانية) وعرش غلاي القاطنين بطريق الشريعة وبني ميصرة المتمركزين بمنطقة حمام ملوان (شرقا)، لازالوا محافظين إلى غاية الآن، على عادات وتقاليد أسلافهم في الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، والتي تشكل جزءا من هويتهم الأمازيغية.

وحسب المتحدث، فإن الاحتفال بحلول يناير الذي يورَّث من الأب إلى الابن ومن جيل إلى آخر، له نكهة ومكانة خاصة عند سكان هذه المنطقة بالنظر إلى رمزيته التي ترتبط بالانتماء إلى أرض الأجداد، لافتا إلى أن مظاهر الاحتفالات وعلى عكس باقي ولايات الوطن، تنطلق ابتداء من اليوم العاشر من جانفي، وتستمر على مدار ثلاثة أيام. فالاحتفال بحلول يناير تسبقه تحضيرات عديدة، منها إعادة طلاء المنازل، واقتناء أوان فخارية جديدة، بالإضافة إلى تغيير أحجار ”الكانون” الذي يُستعمل في طهي أطباق يناير، وفقا لنفس المصدر، هذا إلى جانب توجه النسوة نحو البساتين والغابات المجاورة، لجمع الأعشاب التي تُستعمل في طهي عدد من الأطباق التقليدية المحلية.

وعملا بمقولة ”نهار حشيش ونهار عيش ونهار ريش”، تقوم ربات البيوت في اليوم العاشر من يناير، بتحضير الأطباق المكونة من أعشاب غابية وخضروات، على غرار طبق ”الحشلاف” المطهو بأعشاب الجبل، وطبق ”قطّع وارمي” و”التبيخة” المكوَّنين من جميع أنواع الخضر، و”بطاطا فليو” الطبق المفضَّل عند البليديين.

وفي اليوم الثاني ـ يضيف ذات المصدر ـ يتم تحضير مختلف الوصفات المصنوعة من العجائن، على غرار”البغرير” و”الخفاف” و”المعارك”؛ تيمنا بسنة حلوة، وكذا طبق ”الكسكس” و”البركوكس”، فيما يجتمع أفراد العائلة كبيرا وصغيرا، في اليوم الثالث، على مائدة العشاء لتناول الطبق الرئيس المحضَّر من لحم الدجاج والعجائن؛ إذ تفضّل أغلب العائلات البليدية تحضير طبقي ”الفطاير” و”الرشتة”.

ومن بين التقاليد التي تنفرد بها هذه المنطقة، تخصيصُ نصيب أفراد العائلة الغائبين بعد انتهاء العشاء، لعابري السبيل أو المحتاجين، يضيف بن سونة، وحتى الحيوانات يخصَّص لها نصيبها؛ في صورة تعكس أسمى صور الرحمة والتآزر والتلاحم.

وتجسيدا لهذه القيم الإنسانية، يضيف بن سونة، يحرص الجيران والأقارب على تبادل الأطباق المحضَّرة بهذه المناسبة، التي لا تحلو بدون ”الدراز”، المكوَّن من مختلف أنواع المكسرات والحلويات والفواكه، التي تُسكب فوق رأس الطفل الأصغر بالعائلة بعد وضعه داخل ”قصعة” (طبق كبير)؛ تيمنا بسنة مليئة بالخير، ليتكفل بعدها أكبر أفراد العائلة بمنح كل واحد نصيبه بالتساوي.


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments