1991 – 2001 : عشرية كل التحولات في مسار الراحل أمغار أحمد الدغرني


مرت سنتان على وفاة الأخ والصديق العزيز أحمد الدغرني، ووفاء لذكراه لا أملك إلا أن أترحم على روحه الطاهرة، وأن أعيد نشر مقال عن عشرية من حياة فقيدنا؛ عشرية كان فيها المرحوم وراء العديد من المبادرات والأعمال في سبيل الأمازيغية والتنمية الديمقراطية بالمغرب…هذا المقال سبق وأن نشر في كتاب “أحمد الدغرني مسارات متقاطعة”، صُدِرَعن منشورات مركز أكلو للبحث والتوثيق.

عشرية كل التحولات

حينما دعاني الأستاذ جامع بنيدير للمساهمة في كتاب جماعي عن الراحل أحمد الدغرني، رحبت بالدعوة خصوصا وأنني تقاسمت مع الراحل الكثير من المحطات النضالية طيلة عقدين ونصف من الزمن ؛ فالأمر كان يبدو لي مجرد تمرين ذهني ونبش في الذكريات ليس إلا. لكن عندما بدأت في الكتابة، ظهر لي أن الأمر في غاية الصعوبة، فالمسالة أكبر من أن تكون مجرد نبش في الذكريات، فما اعتبرته تمرينا ذهنيا أصبح موضوعا شائكا، خصوصا وأن حياة الراحل كانت متتالية (une série) من التمرد على السائد، والخروج عن النص كلما ظهر له بأنه لن يكون سوى مجرد أكسسوار في مسرح الأحداث.

فمن هو الدغرني إذن؟ قبل أن يسألني الأستاذ جامع بنيدير عنه، كنت أعرفه، لكن بعد أن طلب مني الكتابة عن الراحل، وجدت الأمر صعبا، كما لوكنت لا أعرفه[1]. ولأن الكتابة عن الراحل أمر صعب، فقد ارتأيت الإقتصار على عشرية 1991 – 2001 من حياته، لأسباب ذاتية وموضوعية، أهمها اشتغالي إلى جانب الفقيد في كل المحطات التي ميزت تلك العشرية.

فهذه المرحلة من التاريخ النضالي للأستاذ الدغرني، كانت في اعتقادنا عشرية كل التحولات في مسار الراحل، فبعد مساهمته الفعالة في تدويل القضية الأمازيغية، قاد اللجنة الجماعية لتسيير المجلس الوطني للتنسيق الأمازيغي[2] وساهم في تأسيس الفضاء الجمعوي بالمغرب[3]، قبل أن ينخرط في دينامية بيان الإعتراف بأمازيغية المغرب، ليتمرد على مخرجاتها وينذر نفسه للعمل السياسي الحزبي الأمازيغي، الذي شغله حتى وهو يقاوم المرض الذي نال منه يوم  19 أكتوبر 2020.

هل الدغرني من مؤسسي الحركة الأمازيغية أو أن الأمر يتعلق بتأثير منديلا؟

تعتبر الأغلبية الساحقة من نشطاء الحركة الأمازيغية، سواء من كانوا مع  المرحوم الدغرني على وئام أو من كانوا يختلفون معه في تقدير بعض القضايا ذات الصلة بالأمازيغية، أن الأستاذ الدغرني من مؤسسي الحركة الأمازيغية[4]، كما أن أغلب المتتبعين للشأن الأمازيغي يعتقدون نفس الشيء. ليس وحده الأستاذ الدغرني من رفع إلى مراتب المؤسسين، فالراحل محمد منيب[5]، أُعْتُبر من أهم مؤسسي جمعية الجامعة الصيفية[6]، أقوى الجمعيات تأثيرا في مسار الحركة الأمازيغية بالمغرب، والحال أنه لم يلتحق بها إلا بعد أزيد من عشر سنوات على تأسيسها.

في الواقع لم يبرز اسم الراحل الدغرني في ساحة النضال الأمازيغي إلا مع نهاية ثمانينات القرن الماضي، كما لم يكن له الثقل الكبير داخل الحركة الأمازيغية إلا مع بروز اسمه داخل الجمعية الجديدة للثقافة والفنون الشعبية[7] (تاماينوت حاليا) وتحمله مسؤولية قيادة مجلس النسيق الوطني الأمازيغي باسمها يوم 29 أكتوبر 1995. فما السر وراء شبه إجماع النشطاء والمتتبعين على كون الراحل واحد من المؤسسين للحركة الأمازيغية، بل هناك من يعتبره مؤسسا بصيغة المفرد، رغم أن الراحل لم يسبق له أن أشار إلى ذلك في كتاباته الغزيرة حول الشأن الأمازيغي.

في اعتقادنا هناك تفسيرين لما نحن بصدد الحديث عنه، أولهما يجد أصوله في ما يسمى بتأثير مانديلا (effet Mandela) ، ويحيل مصطلح “تأثير مانديلا” إلى ذكرى خاطئة بشأن وفاة الزعيم الإفريقي قاهر الأبارتايد.  إذ يتذكر الآلاف من الناس بأن نيلسون مانديلا توفي في سجنه في ثمانينيات القرن الماضي، والحال أن الزعيم الجنوب الإفريقي لن يفارق الحياة إلا يوم 5 دجنبر 2013. وبدل الإقتناع بأن الأمر مجرد ذكرى، يصر المعنيون المتأثرون، وبشكل مطلق، على أن مانديلا توفي فعلا في ثمانينيات القرن الماضي، وهم اليوم في نوع من الكون الموازي[8].  

التفسير الثاني يتعلق بالزخم النضالي الذي راكمه الراحل أحمد الدغيرني خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي (1991 – 2001)، عشرية بصمها بالعمل الميداني والحضور الوازن في كل المحطات التي عرفتها الساحة الأمازيغية خلال تلك العشرية. فبالإضافة إلى ثقله داخل جمعية تاماينوت، تميزت رئاسته للجنة التنسيق الجماعية[9] ،المكلفة بتدبير التنسيق الوطني الأمازيغي، بالكثير من الحركية والتدافع إن في علاقة مكونات  التنسيق الأمازيغي  يبعضها أو في علاقتها بالخصوم “العروبيين[10] ” و”الإسلاميين[11]“، يضاف إلى ذلك أسلوبه ومنهاجه في الحياة والذي جعله قريبا جدا من شباب الحركة مقارنة بباقي القيادات الأمازيغية.

  معنى الإلتزام في مسيرة الأستاذ الدغيرني

مكنني القرب[12] من الأستاذ الدغرني خلال تلك العشرية من الوقوف عند مفهوم الإلتزام لديه، فقد كان من المناضلين الذين فهموا مبكرا بأن القيادي الذي يريد الحفاظ على القيادة (Leadership)  مطالب بتدمير كل أبراجه العاجية، والإستعداد للإنصات إلى النشطاء بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية. من أجل ذلك جعل من مكتب المحامات الذي يشغله قرب محطة القطار-المدينة بالرباط، محجا لكل فئات المناضلين والمناضلات، وملاذا للطلبة والبسطاء من المناضلين الذين انقطعت بهم السبل في الرباط وكانوا في حاجة إلى المساعدة، أو كانوا فقط في حاجة إلى الوقوف على مستجدات القضية الأمازيغية.

فالإلترام عند الراحل كان يعني النزول إلى الميدان والإستعداد للتضحية، لذلك كان يعتبر بأن الكثير من قيادات الحركة الأمازيغية غير ملتزمة قياسا بمعايير الإلتزام لديه، و بأنها تكتفي بالحد الأدنى من العمل الميداني. لقد كانت تذكرني انتقاداته للكثير من قيادات الحركة الأمازيغية، بالجدل الحاد بين الفيلسوف الفرنسي المناضل ضد النازية فلاديمير يانكلفيتش[13] (Vladimir Jankélévitch)  والفيلسوف الفرنسي جُونْ بُولْ سَارْتْر[14]. فالإختلاف حول معنى الإلتزام الفعلي وتحمل المسؤولية فيما يحدث، كانا في صلب الخلاف بين فيلسوفين ومفكرين فرنسيين كبيرين، “جون بول سارتر” و “فلاديمير يانكلفيتش”، كما كان الأمر بشأن الخلاف بين الراحل الدغيرني وقيادات أمازيغية أخرى، خلال فترة توليه مهام التنسيق الوطني.

فإن عبر “يانكلفيتش” عن خلافه مع سَارْتْرْ بالقول ” Au lieu de s’engager à écrire qu’il faut s’engager, il vaut mieux s’engager “، فإن الراحل الدغرني عبر عن خلافه مع بعض القيادات الأمازيغية  من خلال فرض أسلوبه الخاص في تدبير شؤون التنسيق الوطني الأمازيغي ؛ فقد كان دائما يقول بأنه لا يمكن أن يشتغل ليجني أولئك الذين اختاروا هدوء مكاتبهم ثمار عمل الملتزمين في الميدان. وقد كان من نتائج هذا الخلاف، دخول مجلس التنسيق الوطني في حالة استقطاب شديد، كاد أن يعصف ببعض المبادرات التاريخية التي نجح التنسيق الوطني في إنجازها، لعل أهمها على الإطلاق ندوة دسترة الأمازيغية في شهر يونيو من سنة 1996 والرسالة الموجهة إلى الديوان الملكي بعد هذه الندوة، بشأن مشروع دستور 1996[15]

لقد ساهمت حالة الإستقطاب الشديد التي كانت سائدة داخل مجلس التنسيق الوطني إبان تولي الراحل أحمد الدغرني رئاسة اللجنة الجماعية للتنسيق، في إقبار ورش كبير كان من شأن نجاحه تغيير بوصلة النضال الأمازيغي. فقد كان الأمل معقودا على ندوة استراتيجية التنسيق[16]، التي كان مقررا تنظيمها بالرباط يومي 29 و30 مارس 1997 ،لإخراج التنسيق الوطني من أزمته والبحث عن بدائل تنظيمية في مستوى التحديات الكبيرة التي كانت تواجه الحركة الأمازيغية في ذلك الوقت. لم تكن ندوة استراتيجية التنسيق وحدها ضحية الإستقطاب الحاد داخل مجلس التنسيق، بل المجلس بنفسه سقط ضحية هذا الإستقطاب، إذ سرعان ما دخل في حالة احتضار، ليموت بعد ذلك بأشهر قليلة بين يدي الأستاذ علي حرش الراس، الذي آل ملف التنسيق إلى جمعية “تيللي[17]” التي يرأسها.

من الصعب الحكم على حصيلة رئاسة الراحل للجنة الجماعية للتنسيق الأمازيغي، فهناك من جهة الدينامية

التي ارتبطب بمعنى الإلتزام لديه والتي كان من ثمارها توسيع قاعدة العمل الجمعوي الأمازيغي، ومن جهة ثانية هناك حالة الإستقطاب الحاد التي كانت من الأعراض الجانبية لتلك الدينامية. ويمكن القول بأن تجربة الأستاذ الدغرني في المجلس الوطني للتنسيق أثرت كثيرا في مسار الراحل وفي طبيعة علاقته بالكثير من قيادات الحركة الأمازيغية.

مساهمة الأستاذ الدغرني في تأسيس الفضاء الجمعوي

لعب الأستاذ احمد الدغرني[18] دورا كبيرا في خروج الفضاء الجمعوي إلى حيز الوجود، فقد كانت مساهمته بناءة وإيجابية، خصوصا وأنه يعرف جيدا الأطراف المبادرة إلى طرح فكرة تأسيس فضاء للتنمية الديمقراطية[19]. وقد لعب الراحل دورا أساسيا في التوافق حول التصور العام للفضاء الجمعوي وعلى قانونه الأساسي، كما كان له دور كبير في الإعداد للجمع العام التأسيسي.

لقد أثر العمل التمهيدي الذي قام به الأستاذ الدغرني إيجابا على نتائج الجمع العام للفضاء الجمعوي، فقد عرف الجمع العام انتخاب أربعة مناضلين من الحركة الأمازيغية لعضوية المجلس الإداري للفضاء، وهم على التوالي: الأستاذ أحمد الدغيرني، الأستاذ أحمد أوعاس، الأستاذ الحسين أخياط والأستاذ عبد الله حتوس. لقد كان الجمع العام التأسيس للفضاء الجمعوي الذي جرت أشغاله بالرباط يوم 26 دحنبر 1996 ، عرسا جمعويا بامتياز مكن من تأسيس فضاء لجمعيات التنمية الديمقراطية، عرس مكن الحركة الأمازيغية من عقد تحالفات استراتيجية مع العديد من الجمعيات خصوصا تلك التي يقودها مناضلون من اليسار[20].

لم تقتصر مساهمة الراحل على لحظة الجمع العام التأسيسي، بل بصم تاريخ الفضاء الجمعوي لسنوات، كما يعود له الفضل في اقتراح العديد من المبادرات الجريئة سواء تعلق الأمر بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية أو بالتنمية الديموقراطية بشكل عام. فاسم الراحل ما زال منقوشا على لائحة الأعضاء الذاتيين المؤسسين، كما هي معروضة في مقر الفضاء الجمعوي بالرباط [21].

مرحلة ما بعد مجلس التنسيق وتحديات بيان الإعتراف بأمازيغية المغرب[22]

بمكن القول بأن شهادة وفاة مجلس التنسيق الوطني الأمازيغي وشهادة فشل  ندوة استراتيجية التنسيق قد تم التوقيع عليهما في نفس اليوم والمكان ؛ ففشل التحضير للندوة عصف بكل أمل في تدليل العقبات أمام مجلس التنسيق. لكن وجب التأكيد على أن وفاة المجلس لم توقف مسار الحركة الأمازيغية، فمكوناته التي كانت على طرفي حبل الإستقطاب لم تتأثر كثيرا بانفراط عقد التنسيق، فقد استمر كل طرف في العمل وفق أجندته الخاصة.

انكبت الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي على تنزيل برنامج عمل طموح، كان له الأثر الكبير على إشعاع القضية الأمازيغية، وقد رسمت المناظرة الوطنية[23] “الأمازيغية الآن” التي نظمتها “أمريك” معالم الطريق لمرحلة ما بعد التنسيق الوطني الأمازيغي. هذه المناظرة التي نظمت أيام 22 و23 دجنبر 1998، كشفت  وبجلاء نجاح استراتيجية اختراق المجتمع المدني والمجتمع السياسي، حيث عرفت حضورا كبيرا لم يتسع له فضاء قاعة المحاضرات باحنيني بوزارة الثقافة، حضور استمتع بمداخلات نخبة من المثقفين والسياسيين يمثلون كل الحساسيات السياسية والفكرية بالمغرب ؛ فقد حضر اليمين واليسار والإسلاميون، للتناظر حول الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية ومآلات النضال المطلبي الأمازيغي.

أما الراحل أحمد الدغرني الذي كان من أهم الغائبين عن هذه المناظرة بسبب الشرخ العميق الذي أحدثه فشل ندوة استراتيجية التنسيق الأمازيغي من جراح في نفوس الكثيرين ومن بينهم على الخصوص الراحل إبراهيم اخياط[24]، فقد بدأ تدريجيا في أخد بعض المسافة من جمعية تاماينوت ومن اجتماعات مكتبها التنفيذي. فلم يعد الراحل عضوا في أجهزتها مند المزتمر الوطني السابع سنة 1999، ولم يعد يواكب العمل الدولي لتاماينوت الذي ساهم في وضعه على السكة الصحيحة، مند مشاركته إلى جانت الأستاذ إدبلقاسم في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بفيينا شهر يونيو من سنة 1993. لكن وجب القول بأنه رغم ابتعاده عن أول إطار أمازيغي أحتضنه، فالراحل لم يفك ارتباطه الوجداني بتاماينوت وبمناضليها حتى آخر أيامه.  

بعد تجربته على رأس اللجنة الجماعية للتنسيق الأمازيغي، تفرغ الأستاذ احمد الدغرني لمشاريعه النضالية الخاصة، بدأها بالتأسيس لأول عمل صحفي مهني أمازيغي. كان لجريدة “تامازيغت” أسلوبها الخاص في التعاطي مع الشأن الأمازيغي، وهي وإن كانت استمرارية لتجارب إعلامية أمازيغية[25] أخرى إلا أنها تميزت بخط تحريري تشتم منه رائحة الإعداد لتنظيم سياسي أمازيغي. وقد كانت الدينامية التي أطلقها بيان بشان الإعتراف بأمازيغية المغرب سنة  2000  منعرجا حاسما في مسيرة الأستاذ الدغيرني، حيث خرج عن النص مرة أخرى واختلف مع  الأستاذ محمد شفيق وأعضاء الفريق المشرف على دينامية البيان، حول مآلات ومخرجات الدينامية.   

لقد كان الراحل عضوا محوريا في اللجنة المصغرة التي أسها العميد محمد شفيق للعمل على تحقيق الإشعاع الضروري لبيان الإعتراف بأمازيغية المغرب. غير أنه ومنذ الاسابيع الأولى من عملها ظهر اختلاف كبير وجوهري بين الأستاذ الدغرني من جهة وباقي أعضاء تلك اللجنة من جهة اخرى. ففي الوقت الذي فضل فيه الأستاذ محمد شفيق الاقتصار على مراسلة الوزير الأول الراحل عبد الرحمان اليوسفي بشان البيان، اعتبر الراحل الدغيرني بأنه وجب مراسلة الملك مباشرة ودونما وسطاء[26].

لقد كان للأستاذ الدغرني تقديره الخاص للمرحلة، حيث اعتبر أنه آن الأوان للمرور إلى السرعة القصوى واستثمار دينامية بيان الإعتراف بأمازيغية المغرب للتأسيس لقطب سياسي أمازيغي من أجل مواكبة تحولات العهد الجديد[27].

على سبيل الختم

كان الراحل أحمد الدغرني مقتنعا بأن العهد الجديد يمكن أن يؤسس لتحول في سياسة القصر اتجاه الملف الأمازيغي، وقد حصل لديه ذاك الاقتناع حتى قبل بيان الإعتراف بأمازيغية المغرب. لأجل ذلك حاول مد الجسور الضرورية، كما ازداد قناعة مع انضمامه إلى اللجنة المصغرة لبيان الإعتراف بأمازيغية المغرب. غير أن طموحه في مواكبة هذا التحول من قمرة القيادة، اصطدم بالمنحى السلبي الذي أخذته علاقته بالأستاذ محمد شفيق وبباقي النشطاء المؤثرين في دينامية بيان الإعتراف بأمازيغية المغرب.

تحولت، إذن، سياسة القصر اتجاه الملف الأمازيغي، وأُسسَ المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وعُينَ كل من كانوا مع الراحل في لجنة البيان المصغرة أعضاء في المجلس الإداري للمعهد…أما أمغار احمد الدغرني فقد عاد إلى قواعده مسلحا بإصراره على تأسيس حزب سياسي أمازيغي[28]، ومواجهة ما اعتبره احتواء للقضية الأمازيغية من طرف المخزن.


الهوامش : 

[1]غالبا ما يجد المرء صعوبات جمة في شرح ما يظنه بديهيا وفي متناوله كما هو الحال في سؤال الإحاطة بماهية الزمان، فالقديس أوغسطين نفسه حَارَ وهويحاول الإجابة عن ذاك السؤال الذي يبدو بديهيا حتى للعامة من الناس. فقد ورد في اعترافات القديس أوغسطين “ما الزمان؟ إذا لم يسألني أي شخص عنه، فأنا أعرفه،  لكن لو قدر لي أن أسأل عن معناه، وأنا راغب في شرحه، فلن أعرف عنه شيئا”.

[2]  مجلس التنسيق بين الجمعيات الأمازيغية، تنظيم عرفي تم تاسيسه يوم 19 فبراير 1994.

أنظر: إبراهيم أخياط، النهضة الأمازيغية كما عشت ميلادها وتطورها، منشورات الجمعية المغربية للبجث والتبادل الثقافي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2012، ص. 214 .

[3] الفضاء الجمعوي هو شبكة من جمعيات التنمية الديمقراطية بالمغرب، أسسته مجموعة من الفعاليات اليسارية والأمازيغية يوم 26 دجنبر 1996.

[4]  خرجت الحركة الأمازيغية إلى الوجود سنة 1967 مع تأسيس جمعية البحث والتبادل الثقافي، وتحيل على مجموع الفعاليات التي تساهم اعتمادا على وعي عصري، وبكيفية فردية أو جماعية وبشكل مباشر أو غير مباشر في الدفاع عن الأمازيغية أو إنماء إحدى مكوناتها من لغة وثقافة وهوية مع الدفع بكافة مكونات المجتمع لتنخرط بدورها في تلك العملية الإنمائية.

للمزيد حول ظروف ميلاد الحركة الأمازيغية، أنظر:

الحسين وعزي، نشأة الحركة الأمازيغية بالمغرب، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2000.

[5]  يعتبر الراحل محمد منيب (1934 – 2017) من أهم رموز الحركة الأمازيغية في المغرب منذ يداية التسعينات من القرن الماضي إلى يوم وفاته، وكان من أهم المناضلين الذين تصدوا لأكذوبة “الظهير البربري”، فقد كان يلقب بمحرر الأمازيغ من الظهير البربري.

أنظر: محمد منيب، الظهير “البربري” أكبر أكذوبة سياسية في المغرب المعاصر، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2002.

[6] أسست جمعية الجامعة الصيفية بأكادير يوم 16 دجنبر 1997، وقد كانت مختبرا حقيقيا للإنتاج المعرفي حول الأمازيغية. عقدت الجامعة الصيفية أولى دوراتها صيف 1980.

[7] أسست الجمعية الجديدة للثقافة والفنون الشعبية يوم 16 أكتوبر من ستة 1978، وتم تغيير اسمها إلى جمعية تاماينوت في مؤتمرها السادس في ربيع 1996. وتعتبر تاماينوت مدرسة قائمة الذات في النضال، تخرج منها العديد من المناضلين/ت ساهموا في تأسيس عشرات الجمعيات الأمازيغية وفي تشبيك العمل الأمازيغي.

[8] سُمي هذا السيناريو باسم “تأثير مانديلا” من قِبل الخبيرة الاستشارية فيونا بروم، وهي كاتبة وباحثة أخصائية في الظواهر الغريبة، والتي اكتشفت أن أشخاصاً آخرين شاركوها في ذاكرتها الزائفة حول موت زعيم الحقوق المدنية في جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا في السجن في ثمانينيات القرن الماضي.

[9]  لجنة التنسيق الجماعية أحدثت بمقتضي نظام مجلس التنسيق بين الجمعيات الثقافية الأمازيغية، الذي تمت المصادقة عليه يوم 29 أكتوبر 1995.

أنطر: إبراهيم أخياط ، مرجع سابق، ص. 238.

[10] يحيل مصطلح العُرُوبي (أسطرعلى ضم العين حتى نميزه عن العْروبي الذي يحيل إلى المغاربة الناطقين بإحدى تعبيرات الدارجة المغربية و الساكنين في سهول وسط المغرب) إلى كل من يناصر القومية العربية ويدافع عن فكرها القومي ومشروع الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، الرامي إلى إقصاء لغات وثقافات السكان الأصليين في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

[11] نقصد بالإسلاميين أساسا، أعضاء مجموعات تعتمد فكر ومنهاج حركة الإخوان المسلمين، وهذه المجموعات اندمجت يوم 31 غشت 1996 لتؤسس حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي بالمغرب. كما نقصد بالإسلاميين جماعة العدل والإحسان التي دخل مرشدها، الراحل عبد السلام ياسين، في معارك فكرية مع الحركة الأمازيغية طيلة تسعينيات القرن الماضي.

[12]  حينما كان الأستاذ أحمد الدغيرني مكلفا برئاسة اللجنة الجماعية للتنسيق الأمازيغي باسم تاماينوت، كنت مكلفا من طرف ذات الجمعية بتتبع ملف التنسيق وحضور اجتماعاته باسمها، وذلك من سنة 1996 إلى أواخر سنة 1997، بصفتي عضوا في مجلسها الوطني وعضوا ملحقا بمكتبها التنفيذي.

[13] Vladimir Jankélévitch est un philosophe et musicologue français, né le 31 août 1903 à Bourges et mort le 6 juin 1985 à Paris.

[14] Jean-Paul Charles Aymard Sartre (1905 – 1980) est un écrivain et philosophe français, représentant du courant existentialiste, dont l’œuvre et la personnalité ont marqué la vie intellectuelle et politique de la France de 1945 à la fin des années 1970.

[15] إبراهيم أخياط ، مرجع سابق، ص. 238 إلى 250.

[16]  لقد قرر المجلس الوطني تنظيم هده الندوة في اجتماعه بالناظور  يوم 28 دجنبر 1996.

للمزيد من المعلومات بشأن هده الندو التي أفشلت، أنظر:

  • جريدة تاسافوت عدد 18 لشهر مارس 1997.
  • إبراهيم أخياط، نفس المرجع، ص 254 إلى 257.

[17]  جمعية تليلي، التي كانت تسمى “غريس” سابقا، من الجمعيات التي كان لها إسهام كبير في العمل الأمازيغي وخصوصا في الجنوب الشرقي من المغرب، وهي من الجمعيات التي وقعت ميثاق أكادير سنة 1990. ارتبط صيتها وإشعاعها باعتقالات فاتح ماي 1994، والتي طالت بعض أعضائها مباشرة بعد مشاركتهم في المسيرة العمالية وترديدهم شعارات مطالبة برفع التهميش عن الأمازيغية.

أنظر:

[18] سنة 1996 ، كلف المكتب التنفيذي لجمعية تاماينوت  كلا من الراحل أحمد الدغيرني والأستاذ عبد الله حتوس بتتبع النقاشات بين مجموعة من الفعاليات المدنية للتوافق حول تشبيك العمل بين جمعيات التنمية الديمقراطية. 

[19]  من أهم المبادرين إلى طرح فكرة التأسيس نذكر على سبيل المثال لا الحصر: الأستاذ فؤاد عبد المومني والأستاذ كمال الحبيب، وهما من الفعاليات اليسارية التي عاشت تجربة الإعتقال إبان سنوات الرصاص.

[20]  اسفرت انتخابات أحهزة الفضاء الجمعوي، عن حضور ناشطين من منظمة تاماينوت في المكتب التنفيذي للفضاء الجمعوي، وهم على التوالي:  احمد الدغيرني وعبد الله حتوس.

[21] Pour plus d’information prière de consulter :  

http://www.espace-associatif.ma

[22] للإطلاع على نص البيان كاملا:

http://www.tawalt.com/wp-content/books/bayan_mohammed_shafeeq.pdf

[23]  للمزيد من المعطيات بشأن هذه المناظرة التاريخية المرجو الإطلاع على الكتاب الذي جمع بين دفتيه كل تفاصيلها:

الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، الأمازيغية الآن، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع، القنيطرة، 1998.

[24] إبراهيم أخياط، نفس المرجع، ص 252 إلى 257.

[25] عملت جريدة تامازيغت على ترجمة الخطابات الملكية والتفاعل معها بالتحليل، ويبدو أن الراحل أحمد الدغيرني كان يعد العدة لاستراتيجية قوامها تقديم إشارات إلى من يهمه الأمر على أن الحركة الأمازيغية حليف موثوق به. وهذا الموضوع على كل حال يحتاج إلى المزيد من التدقيق والبحث.

أنظر على سبيل المثال:

أعداد جريدة تامازيغية من 36 إلى 45.

[26] Lahoucine Bouyaakoubi, Mohamed CHAFIK : L’Homme de l’unanimité, Publication Tamaynut-Anfa, Casablanca, 2009, p. 106

[27] يحيل مفهوم العهد الجديد إلى أسلوب جديد في الحكم وتدبير شؤون  الدولة بعد جلوس الملك محمد السادس على عرش المملكة المغربية. كما يحيل إلى المفهوم الجديد للسلطة.

[28] الحسين بويعقوبي، المسألة الأمازيغية في المغرب والجزائر، الجدور والرهانات خلال قرنين ونصف، سوس للطباعة والنشر، أكادير، 2019، ص.177.


0 Commentaires
Inline Feedbacks
View all comments