من يستهدف الأمازيغية في أكاديمية سوس؟
لقد سجلت الساحة التربوية بجهة سوس ماسة أحداثا وتطورات خطيرة، انضافت إلى ماراكمته أگاديمية سوس ماسة ومديرياتها من أخطاء فادحة في إطار ما ينسج داخل دواليبها من مخططات تهدف بالأساس لطمس الأمازيغية وتغييبها على المشهد التربوي بشكل ناعم، وتدريجي.
ففي سابقة فريدة من نوعها، أقدمت المديرية الإقليمية بتيزنيت في مراسلة تحمل رقم 55/ 20 بتاريخ 14 شتنبر 2020، قرر من خلالها المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بتيزنيت تعميم استعمالات زمن تعمد القائمون على إعدادها تغييب اللغة الأمازيغية مستغلين بذلك صيغة التعليم بالتناوب المعتمدة في غالبية المؤسسات للإجهاز على الأمازيغية، وهو ما يفسره تلكؤ المديرية الإقليمية بتزنيت وتنصلها حتى الآن من مسؤولية إعداد نماذج استعمالات زمن تصحح وتستدرك من خلالها خطأها الجسيم في حذف الأمازيغية من استعمالات زمن معيبة تربويا قانونيا وأخلاقيا، في خرق سافر لمقتضيات الفصل الخامس من الدستور، ومقتضيات القانون التنظيمي القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
هذا الوضع غير التربوي، تسبب في ارتباك خطير عرفه الدخول المدرسي الحالي، زاد من حدته ما تم تسجيله بمديرية تيزنيت من تأخر في إعلان نمط التعليم حسب كل مؤسسة، زيادة على التراخي في توفير مواد التعقيم والتنظيف للمؤسسات التعليمية لتنزيل البروطوكول الصحي حتى17 شتنبر 2020، وعدم تحديد أوقات الخروج والدخول حتى 1 أكتوبر 2020، أي بعد مرور شهر كامل من الدخول المدرسي وهو التابث في مذكرة المدير الإقليمي عدد 50/ 20 التي لم يرفقها بنماذج استعمالات الزمن، وهو ما اعتبرته هيأة التدريس بالإقليم خطوة استفزازية، تنضاف لألاعيبه للتنصل من المسؤولية، وإلقائها علي هيئة التدريس التي تتخبط حتى الآن نظرا للصعوبات التي واجهتها نتيجة تهرب الفاعلين التربويين والمسؤولين الإقليميين من تحمل المسؤولية التي يتقاضون مقابلها تعويضات سمينة.
وتعزى امتدادات ذلك على المستويين الإقليمي والجهوي إلى وأد تجارب سنوات إرساء اللغة الامازيغية وتطويرها وتنميتها بعدد من مؤسسات التعليم الابتدائي بالجهة، مما يكشف الفهم المعوج والتصرف الأرعن ضد الامازيغية لغة وثقاقة وتربية وتعليما وديداكتيكا.
ومما يزيد الطينة بلة، غياب أي اهتمام إقليمي في تيزنيت ومن داخل الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة بملف تدبير اللغة الامازيغية للحفاظ على التجارب المكتسبة والممارسات الفضلى داخل الفصول الدراسية يجسده غياب مكتب تدبير شؤون الأمازيغية الذي تم اقباره داخل الأكاديمية منذ رحيل الإطار المتخصص ذ. الحسين أوبليح، وصار تدبير الملف على مستوى المديريات الإقليمية ترفا لا هما تربويا ينبغي أن يطور وينمى ويرسمل.
ومما يؤلم عدم وجود أي اهتمام جهوي داخل اكاديمية سوس ماسة، مشتل التجارب سابقا، باللغة الامازيغية، يجسده عدم تخصيص مسؤولي الأكاديمية ومديرياتها الإقليمية أي فلس أو درهم أو تكوين للأمازيغية، وحتي اليافطات داخل مقر الاكاديمية ومديرية تيزنيت بالخصوص همشت الأمازيغية رغم رسميتها ودسترتها منذ2011، مما ينم عن عقليات متحجرة مكلسة تقصي كل ما هو جميل في ثقافتنا وقيمنا وتربيتنا من قبل مسؤولين من المفروض أن يكونوا هم أحرص على غيرهم داخل جهة أمازيغية بامتياز.
وعمقت هذه الممارسات لدى مختلف المسؤولين الإقليميين والجهويين من معاناة المنظومة التربوية المكلومة. كما تعگس انحطاط القيم والأخلاق لدى بعض المسؤولين، وهي السبب الرئيسي في التحول السلبي للمنظومة، وتفسر أن ازمة القطاع أزمة ضمير وأخلاق أولا وأخيرا، وهذا ما سيعمق أگثر هشاشة المنظومة التربوية التي تحتاج إلى رجال صادقين ينهضون بها، وينقذونها من هذا المأزق الخطير.
ويتأكد بجلاء أن حذف الأمازيغية واستهدافها في استعمالات الزمن يتحدى الإرادة الملگية الحميدة التي أعلن عنها صاحب الجلالة في خطاب أجدير بتاريخ 17أگتوبر2001، حيث أعلن جلالة الملگ تعليمها وتعلمها واجبا وطنيا وحقا طبيعيا لجميع المغاربة، وهذا ما لا يعيه المسؤولون الذين لا يدرگون معنى المسؤولية ولا يفهمون الواجب الوطني ، ويجهلون أن الأمازيغية لغة وثقافة تشگل رمزا من رموز هوية المغاربة، وأن محاولاتهم اجهاض تدريس الأمازيغية والنيل منها يسيء للدولة ولمؤسساتها ولجلالة الملگ في المقام الأول.
ولئن گانت عملية إدماج الأمازيغية في المدرسة المغربية مبادرة تاريخية محمودة يسعى من خلالها المغرب بشكل عام إلى الانخراط الجدي في مسلسل المصالحة مع ذاته، فإن حمى العقليات الإقصائية المتحجرة تعرقل سير هذا المسلسل الديمقراطي، وهذا ما يجعل كل المحاولات الإصلاحية التي تتبناها الدولة في هذا الإتجاه تصطدم بعقليات مسؤولين إداريين تنقصهم الگفاءة وتحرگهم قناعات إيديولوجية إقصائية يغيب عنها معنى المسؤولية ومجردة من حس بالوطنية، وهي عقليات اقصائية تعاني من عقدة التغريب الذي تتخبط فيه الشخصية المغربية، وهو من الأسباب التي تفوت على وطننا العزيز فرص تنمية بشرية واعدة گفيلة ببناء هذا الوطن ، الذي مازال الفرد داخله لا يحس بهويته ولا بانتمائه الحقيقي هل إلى المشرق أم إلى أوروبا أم إلى شمال إفريقيا؟ وهو ما أفرز أجيالا تعرف گل شيء عن فلسطين والسعودية وعن شبه جزيرة العرب و تاريخ الأمم الأخرى وتجهل گل شيء عن تاريخ بلادنا العزيز وامتدادته… وهذا ما جعل البعض يسعي وينخرط في هذه السياسة التي تنتج فردا لا يعرف نصف جسده ولا يعتز بوطنه.
كل هذا يدعو الهيئات والفاعلين وممن لهم حرقة علي هويتهم لتحمل المسؤولية أمام التاريخ وأمام الشعب بأگمله، والتصدي لمن يحاول التعامل مع الأمازيغية بشگل ترقيعي وبمنطق إقصائي تمهيدا لإجهاضها، وأنهم مطالبون اليوم بالترافع والدفاع عن لغتهم الأصيلة المشروعة “تمازيغت” قانونا، وداخل المؤسسات التعليمية، حماية لها ولثقافة تجذرت لعشرات القرون، والتي تحاول عقول الإقصاء أن تقبرها… وأنى لها ذلك!!.
عمر أوزكان
أستاذ وناشط أمازيغي
✌✌✌✌