القومية العربية خطر على المغرب..


القومية العربية فكر فتاك وخطير يفكك الأوطان، ويمزق الأمصار ويفتت الشعوب، بذريعة وحدة وهمية، ويعتبر هذا الفكر أخطر أيديولوجيا سياسية وعرقية دخلت إلى المغرب وإلى شمال إفريقيا وطن الأمازيغ.

السؤال الذي يستفزني دائما، لماذا استهدفت القومية العربية، وهي فكرة عنصرية تسعى إلى قيام وحدة عربية/ سياسية وقومية من المحيط إلى الخليج عبر تفكيك و إماتة اللغات والثقافات الوطنية.. السؤال هو لماذا تستهدف القومية العربية الامازيغ في المغرب؟ يتم شحنهم بهذا الفكر الخطير ويصبحون وقودا له… حين نستمع إلى ما يقوله شخص يقود الأفكار القومية المتشددة في المغرب، مستغلا لقضية فلسطين، وهو ابن منطقة إميلشيل، نعود إلى استقراء تاريخ السياسة بالمغرب بعد الاستقلال، نلاحظ أن هذا الشخص هو تلميذ نجيب للمرحوم الفقيه البصري، الذي كان في صفوف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والجيش التحرير قبل ذلك، وهو من بين رموز القومية العربية في المغرب، حكم عليه بالإعدام اربع مرات، وقيل أنه حاول الانقلاب على الملك المرحوم الحسن الثاني العديد من المرات، وقاد محاولات الثورة الفاشلة، أهمها أحداث مولاي بوعزة، وعاش في المنفى عقودا من الزمن…والفقيه البصري أيضا امازيغي من منطقة دمنات…

القومية العربية هي التي كانت السبب في تأسيس جبهة البوليساريو وانظمتها السياسية هي التي مولتها بالسلاح في حروبها مع المغرب الذي كان يدافع عن صحرائه، ويموت جنوده بسلاح القذافي القومي العربي…وعانى المغرب من ويلات هذا الفكر القومي عقودا من الزمن…

للاسف الشديد، كنا نعتقد أن القومية تلاشت واندحرت بعد اندحار رموزها، عبدالناصر،، صدام، القذافي، الأسد… لكن، الواقع يظهر أن افكار القومية المعادية للأمازيغية وللوطنية في المغرب لاتزال متوغلة في اذهان الكثير من الذين يؤمنون بها في المغرب أكثر من المشارقة… هؤلاء القوميون لهم أحزاب وجمعيات ونقابات… كلما تندلع الحرب في الشرق الأوسط إلا ويخرجون سيوف ألسنتهم إلى الشوارع، يتهمون الناس بالخيانة والعمالة وما إليها من اوصاف وتهم مجانية…. كل من يخالفهم فهو خائن…

وفي الحقيقة، هذه النماذج، وأعني بعض السياسيين المغاربة الامازيغيين يحتاجون إلى دراسات بسيكولوجية، وعلم النفس السياسي والتاريخي، لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تجعل مواطن امازيغي يعتنق أيديولوجية هدامة، وفتاكة، تستهدف اقبار لغته وثقافتها وحضارته، بل إلى درجة التناقض والتعارض مع المصالح الاستراتيجية لوطنه وبلده…

فماذا يعني أن يصرح احد ضحايا القومية العربية في المغرب بأنه يثق في حزب سياسي عسكري وديني يتواجد خارج بلده ويبعد عنه بالآلاف من الكيلومترات، ولا يثق في وزير خارجية بلده… مهما وصل حجم الاختلافات السياسية الداخلية، فإن هذا التصريح ينم عن الانسلاخ الهوياتي وعن التيه الثقافي وتمزق الذات السياسية…

فتقديس المغاربة للشرق وللعروبة، وخاصة المثقفين والكتاب والشعراء والسياسيين والزعماء رؤساء الأحزاب، هو مرض أيديولوجي مزمن، ليس له علاج، وهو مرض عضال أصاب العقل المغربي بعد اصطدامه الاستعمار والحداثة في بداية القرن العشرين، وعجز في فهم اللحظة التاريخية واستيعاب الأفق الاستراتيجي آنذاك، بسبب ضعف البنيات الفكرية وعقم الاجتهاد والابتكار في مسايرة سيرورة التحديث، وارتمى العقل المغربي في أحضان السلفية والوطنية التي قادته إلى التيه والعمى الايديولوجي، حينما اقترنت العروبة بالاسلام ثم العروبة الوطنية… وهنا أخطأت ما يسمى “الحركة الوطنية” التي قادت المغرب نحو المجهول. فعوض أن تعلن الحرب على الاستعمار أعلنتها ضد الثقافة الأمازيغية وقوانينها التي سمتها بالاعراف، وحاربت كل ما له علاقة بالخصوصيات الثقافية والدينية للمغاربة، وكان ميلاد الحركة الوطنية هو ظهير 16 ماي 1930 الذي سمته الحركة اللاوطنية ب”الظهير البربري” زورا… لذلك نفهم أو هدف الحركة الوطنية ليس هو محاربة الاستعمار الذي تعاقدت معه في سنة 1944 وإنما كان الهدف من تأسيسها هو قتل الأمازيغية و تفكيك اللغة الامازيغية واماتتها وتحييد الامازيغ من السياسة والتفاوض مع فرنسا وإسبانيا تمهيدا لحكم المغرب والتحكم في المغاربة وتعريبهم واستئصال الأمازيغية من تربتها…

لذلك؛ اعتنقت الحركة الوطنية العروبة، كعقيدة سياسية ودينية، يقدسون العروبة أكثر من الإسلام، لذلك وضعوا العروبة قبل الإسلام في شعارهم الخالد، *العروبة والاسلام”، لأن الأساطين الذين اسسوا للقومية العربية في الشرق، هم مثقفون ومفكرون مسيحيون خاصة في لبنان وسوريا مثل ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث، وشكيب أرسلان الذي ادخل العروبة إلى المغرب.. وغيرهما كثير..

هيمنت القومية العربية على الأفكار والعقول، على المثقفين والسياسيين، على الشعراء والكتاب، حتى أن بعض المغاربة أصبحوا من المنظرين لها، مثل محمد عابد الجابري، ( امازيغي من فگيگ) في كتبه الكثيرة، أهمها “نقد العقل العربي” ، وعبدالله العروي، (امازيغي من ازمور) في كتابه” الايديولوجيا العربية المعاصرة” العرب والفكر التاريخي؛ لكن يبدو أن العروي بدأ يتخلص من افكار القومية البالية مؤخرا، من خلال ما يستشف من كتابه، ” من ديوان السياسة”…

ولم تتزعزع أسس القومية العربية في المغرب والجزائر حتى ظهور الحركة الأمازيغية، وهي الحركة الوطنية الحقيقية، التي قامت، بادئ دي بدئ، بتفكيك أوهام القومية العربية واستبيان خطورتها وأهدافها الهدامة، واسسها الاستعمارية، انظر مقال لمحمد شفيق بعنوان” نشأة القومية العربية” والذي وضح فيه بأدلة وحجج دامغة، أن القومية العربية من صنع الاستعمار البريطاني للقضاء على الإمبراطورية العثمانية وتبديد الوجود التركي. لنفهم أن ما صنعه الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط كثير وعديد.. وهي الأطراف التي تتصارع الآن فيما بينها….

جاءت الحركة الأمازيغية، لتقول باراكا من هادشي، باراكا من التزوير والأدلجة وتحنيط العقول، لتعيد المغرب والمغاربة إلى وطنهم وإلى حضارتهم وثقافتهم، ويتصالحوا مع ذواتهم… وكسرت الكثير من الاغلال والاوهام والقيود…. الحركة الثقافية الأمازيغية هي حركة تحرير، ليس تحرير الأرض، وإنما تحرير الفكر والعقل المغربي من قيود العروبة التي قيدته باوطان بعيدة، غير وطنه الأصلي المغرب…

الامازيغية هي حركة مستمرة لاستشفاء تاريخي من أمراض القومية العربية التي لاتزال راسخة في عقول بعض السياسيين والمثقفين…


1 Commentaire
Inline Feedbacks
View all comments
سوس .م .د

طاعون القومية العربية ضرب عقول سكان شمال أفريقيا بقوة و رسخ شوكة الشوفينية العربية . احدث نكبة أمازيغية لا يتحدث عنها أحد . جعل من سكان المنطقة اموات يمشون . ايديولوجية القومية العربية دخلت من باب الدين لتهيمن على عقول الكبار وعبر التعليم لتبرمج الصغار . لست ادري ما هو الخطأ الذي ارتكبه الأمازيغ حتى يتحولوا في وقت وجيز من شعوب عريقة مقاومة ، شعارها الحرية والكرامة الإنسانية إلى فئران داخل قفص العروبة التوسعية . أحقر إستعمار هو الذوبان بين أيدي المستعمر تحت قراءة طلاسمه الهرطقية المخدرة . القومجيين العرب استثمروا المال والسلطة في تدمير اقوى ما يملكه الإنسان الأمازيغي… Lire la suite »